تحليل إخباري: سنة أولى في العرش.. سلمان يحارب على أكثر من جبهة

16 يناير 2016 - 18:12

في مثل هذا اليوم قبل سنة، وصل الملك سلمان إلى عرش المملكة العربية السعودية، ولم ينتظر طويلا ليبدأ في الحكم، بل في تغيير كل شيء في مملكة آل سعود، التي تعودت على الاستمرارية في كل شيء ولم تجرب إلا ناذرا التغيير.
بدأ الملك سلمان من البيت الداخلي للحكم، فغيّر ولي العهد مقرن بن عبد العزيز، الذي وضعه الملك عبد الله وليا لولي العهد في سابقة من نوعها في كل تاريخ الأسرة الحاكمة، ثم نصب وليا جديدا للعهد عمره صغير نسبيا ( 52 سنة )، وهو محمد بن نايف، وزير الداخلية، الذي ورث المنصب عن أبيه.
لكن المفاجأة الكبرى كانت الاسم الذي اختاره سلمان لمنصب ولي ولي العهد، إنه ابنه محمد، هذا الشاب الذي لم يكمل بعد عقده الثالث، لكنه جمع مناصب حساسة بين يديه؛ ولي ولي العهد وزير للدفاع والرئيس المدير العام لشركة أرامكو التي تحتكر استخراج وبيع النفط، وأصبح بذلك أهم من وزير النفط.
بعد اتخاذ هذه القرارات، التي زلزلت الأسرة الحاكمة وأرجعت “السديريين” إلى المربع الحساس للسلطة، توجه الملك سلمان إلى تشكيل حكومة جديدة دخلت إليها وجوه شابة، ليأتي قرار دخول الحرب اليمنية لمنع إيران من التمدد في دولة فاشلة، أصبحت فيها الميلشيات الحوثية تحكم بتحالف مع بقايا حكم علي عبد الله صالح.
كل هذه التغييرات والنفقات تزامنت مع فقدان برميل النفط لثلثي قيمته، ما جعل المملكة العربية السعودية تُراجع أسلوب إنفاقها وسياسة دعمها للمحروقات وللمواد الاستهلاكية، ولأول مرة سيعرف المواطن السعودي الثمن الحقيقي للبترول الذي يملأ خزان سيارته، ثم جاء القرار الأهم، أي الشروع في فرض الضريبة على بعض المنتجات، والبداية بالسجائر وبعض المواد الاستهلاكية المستوردة.
السنة الأولى لحكم الملك سلمان في العرش لم تمر كل أيامها سعيدة، بل تخللتها لحظات صعبة، ومنها حادثة تدافع منى في موسم الحج، والذي قضى فيها أكثر من 1600 حاج، فيما مازال آخرون مفقودين إلى الآن.
هذا الحادث أضرّ بصورة المملكة في العالم الإسلامي والعربي وفي الغرب، باعتبار المملكة بلد الفوضى المنظمة والدولة التي لا تحمي الحق في الحياة، فوعد الملك سلمان بتشكيل لجنة لتقصي الحقيقة فيما جرى، لكن شيئا لم يصدر عن هذه اللجنة.
لما اتضح للرياض أن أمريكا انسحبت من مهمة حماية الخليج، وأن “داعش” باقية وإيران تتمدد، عمدت إلى تشكيل حلف عسكري سنّي دُعي المغرب للمشاركة فيه، وقبِل إلى جانب مصر وباكستان ودوّل الخليج، فيما تحفظت الجزائر وسلطنة عمان عن المشاركة، وطبعا بقي المحور الإيراني ( سوريا- العراق- حزب الله ) متوجسا من هذه الخطوة التي من شأنها إطلاق حرب طائفية توجد بوادرها في أكثر من بلد عربي.
قبل نهاية السنة الماضية، كان لقرار الرياض بإعدام المعارض السعودي نمر النمر وقع الصدمة على شيعة المنطقة، بحيث خلّفت الحادثة ردود فعل قوية، من قبل إيران التي أدانت تنفيذ حكم قتل عالم دين شيعي معارض للأسرة الحاكمة، فردّت إيران ببيان شديد اللهجة وتغاضت عن أعمال شغب وقعت أمام سفارة الرياض في طهران، وانتهت بحرق مقر البعثة الديبلوماسية، وهو الأمر الذي ردّت عليه السعودية بقوة حين قطعت علاقاتها مع إيران، وطلبت من حلفائها أن يفعلوا نفس الشيء، وذلك بغية عزل طهران ومنعها من التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج.
تصاعد التوتر مرة أخرى، وإذا كانت القوتان الإقليميتان لم تدخلا إلى حرب مباشرة، فهذا لا يعني أن آخرين لا يقومون بذلك نيابة عنهما في الساحة السورية واليمنية.
تصاعدت حمى الحرب ووضعت الخطط الديبلوماسية خارج جدول الأعمال، فالرياض لا تقبل حلا في سوريا يُبقي الأسد في السلطة، لأن ذلك معناه بقاء إيران في دمشق، وإيران لا تريد حلا سلميا في اليمن، لأن ذلك معناه بقاء صنعاء في المحور السعودي، وهكذا تجري تغذية الحرب بين المحورين، فيما شركات بيع السلاح تصفق للأطراف كلها، والعالم العربي يزداد ضعفا وتشرذما وتقسيما، فيما تنظيم “داعش” يسيطر على ثلث مساحة العراق وسوريا، ويُبدي مقاومة كبيرة للحرب الدولية عليها، بسبب غياب إجماع إقليمي أو دولي على القضاء عليه.
هكذا يبدو المشهد السعودي بعد سنة من وصول الملك سلمان إلى مملكة محاطة بكل أنواع الأخطار : الإرهاب، تدنّي أسعار النفط، التوسّع الإيراني في البطن الرخو للعرب، علاوة على المشاكل الداخلية لنظام لم ينجح في توزيع الثروة في زمن الوفرة، فكيف ينجح في ذلك في زمن الندرة…

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حمدون بن بيهي منذ 8 سنوات

قال الخبر:"ثم نصب وليا جديدا للعهد عمره صغير نسبيا ( 52 سنة )، وهو محمد بن نايف، وزير الداخلية " تصويب: بل هو من مواليد 1959م أي 56 سنة الآن...

التالي