أخلاق الدولة في خطر..

01 مارس 2018 - 18:00

نفى وزير ما بات يعرف بوزارة الداخلية في التعليم، محمد حصاد، أن تكون وزارته قد أعفت أطر جماعة العدل والإحسان من مسؤولياتهم في الإدارة بسبب انتمائهم السياسي، وقال الوزير، في جواب عن سؤال لفريق العدالة والتنمية في البرلمان، إن هؤلاء، الذين جرى نزع المسؤوليات منهم، «لم تعد لهم مؤهلات في مجالاتهم، وما وقع هو أن المهمات التي كانوا مكلفين بها لم يعودوا مسؤولين عنها»، وشدد الوزير على أن «القضية تم تهويلها، وهي لا تستحق».

ونحن سنأخذ بنصيحة وزير الداخلية في التعليم، ولن نهول الأمر، ولن ننفخ فيه، لكن نسأل سيادتك: كيف جرى تقييم أداء 125 إطارا في الإدارة، معروفين بانتمائهم إلى جماعة العدل والإحسان، في أسبوع واحد، وفي عدة وزارات، وجرى إعفاؤهم من المسؤوليات التي تقلدوها لسنوات في الإدارة، دون غيرهم من الموظفين؟

يا سبحان الله، هل هي صدفة أن تقوم أكثر من سبع وزارات بتجريد هؤلاء الأطر من المهام التي كانوا يشرفون عليها في أسبوع واحد، دون أن يكون هناك اتفاق ولا قرار سياسي أو أمني يقضي بذلك، بل مجرد تقييم موضوعي لأداء هؤلاء الأطر الذين يجمع بينهم قاسم واحد لا غير: انتماؤهم أو قربهم من جماعة العدل والإحسان؟ الوزير الذي حمل معه ثقافة الداخلية إلى التعليم لا يرى أن هذا القرار يخرق الدستور لأنه يمس بحقوق المواطن، ويخرق مبدأ المساواة، ولا يرى أن هذا القرار فيه شطط في استعمال السلطة. لا يرى كل هذا لأنه يضع نظارات أمنية، وهو، في البداية والنهاية، من نادي خدام الدولة les intouchables.

لم تكمل بعد حكومية العثماني شهرا على تنصيبها وها هي بدأت تغرق في بحر من السياسات الخاطئة، وكل يوم تطلع علينا بزلة، بفضيحة، بمنع، بتبرير لا يحترم ذكاء المغاربة: حراك الريف وراءه مطالب انفصالية وتمويله من الخارج. ندوة الملكية البرلمانية، التي منعت في الرباط، كانت تهدد الأمن والاستقرار. إعفاء أطر جماعة العدل والإحسان من مواقع المسؤولية في الإدارة كان نتيجة كسلهم وتهاونهم في أداء عملهم…

الدولة قد تضعف، قد ترتبك، قد تخطئ في التقدير، قد لا تقول كل الحقيقة، لكنها لا تكذب، لكي لا تنزع عنها الضمير الأخلاقي الذي يعطيها الشرعية والمشروعية أمام الشعب وأمام التاريخ. وزراء كثيرون وبعض الرؤساء سقطوا في الدول الديمقراطية لأنهم كذبوا على شعوبهم، أما المسؤولون عندنا فلا ينتبهون إلى ما يخرج من أفواههم.

بمثل هذه الأخطاء، وغيرها، تحول الدول المواطنين من معارضين لقرار إلى معارضين لسياسة عامة، ومن معارضين لسياسة عامة إلى معارضين لحكومة، ومن معارضين لحكومة إلى معارضين لنظام، ومن معارضين لنظام إلى معارضين للدولة، التي من المفروض أن تكون خيمتهم التي تقيهم برد الفوضى وحر الحرب الأهلية ورياح الأطماع الأجنبية.

عندما تحرم مواطنا مغربيا، اختار الانتماء إلى جماعة العدل والإحسان، من حزب سياسي، ومن نقابة، ومن جمعية، ومن جريدة، ومن الظهور في التلفزة العمومية التي يمولها من ضرائبه، ثم تتبعه إلى مكان عمله ومورد رزقه، وتحرمه من الترقي في المسؤولية، فأنت تحوله، بوعي أو بدونه، من معارض للحكومة إلى مناهض للنظام، ومن رافض للواقع إلى عود ثقاب سيحرق البيت ومن فيه. هذا له اسم واحد: تربية المواطنين على الحقد على دولتهم، والأكثر من هذا أنه تجري كل يوم عملية دمج خطيرة بين السلطة والنظام، وبين النظام والدولة دون تمييز.

أحد مديري المسارح العمومية في فرنسا (موظف عمومي)، كان شديد اللهجة في انتقاد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، حتى إنه قال عنه مرة في التلفزيون: «عار على فرنسا أن يكون ساركوزي رئيسها»، سأله أحد المثقفين العرب: «ألا تخاف على منصبك من النقد الشديد لساركوزي، وهو رئيس للدولة، وله سلطة، كما تعلم، كبيرة؟ ألا تتوقع منه رد فعل انتقاميا تجاهك؟»، فاستغرب مدير المسرح الفرنسي هذا السؤال وقال: «لماذا تفكر هكذا؟ أنا لا أشتغل عند ساركوزي.. أنا أشتغل عند الدولة الفرنسية، وأنا لا أحاسب على آرائي السياسية، أنا أحاسب على أدائي لعملي، والقانون في صفي والقضاء يحميني». سكت العربي وقد أحس بالعرق يتصبب من ظهره.

تابعوا ناصر الزفزافي، الذي تحول إلى «تشي غيفارا» الريف، كيف يتحدث عن دولته فيلقبها بالدولة المخزنية، وكيف يسمي النظام، الذي عمره أربعة قرون، بالنظام التسلطي، وكيف يلقب قوات الأمن، التي من المفروض أن ترعى أمنه واستقرار بلده، بالقوات القمعية، أما الحكومة الجديدة فقد وضع لها لافتة في أكبر شارع بالحسيمة كتب عليها سؤال كبير يقول: «هل أنت حكومة أم عصابة؟».

ناصر الزفزافي هو ابن هذه الأرض التي تزرع فيها السلطة الخوف والإهانة والتسلط والفقر والهشاشة وعدم المساواة في الحقوق، وديمقراطية الواجهة، والتحكم في الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني… فتنبت اليأس والغضب والحقد والتمرد على كل شيء.

# الصحافة_ ليست _جريمة

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

mehdi منذ 6 سنوات

Bon courage

بوزيان منذ 6 سنوات

فرج الله عنك سي بوعشرين و كشف أعداء هذا الوطن و أحبط دسائسهم

Mostafa منذ 6 سنوات

تضامني مع الصحفي توفيق

عبد الرحمن الكواكبي منذ 6 سنوات

(الفساد = أهش من خيوط بيت العنكبوت: صحفي في إعلام مقروء أقض مضجع الفساد؛ فكيف لو اتحد العباد على سؤال ثروة البلاد)؟

محمد منذ 6 سنوات

كفي احتياطا٫ قطار التغير الاجتماعي والسياسي يسير ولا يجب توقيفه

الزاهي حميد منذ 6 سنوات

توفيق بوعشرين صحافي نزيه و التهمة الموجهة إليه مفبركة

عبد اللطيف منذ 6 سنوات

حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولكن هذا راجع لقلة لالأقلام الحرة . لو كان الأحرار كثر لما تجرؤوا عليه. لأنه سيكون واحد من بزاف . وبالتالي سيصبح من العبث استهدافه .

احمد اولادعيسى منذ 6 سنوات

دام لك ولزملائك في الجريدة البهاء والعزة.

متابع حر منذ 6 سنوات

هذه ضريبة قول الحقيقة في المغرب الحبيب.. المخزن لا يغير من عاداته و أساليبه.. فقط يتوقف لبعض الوقت عندما يكون مكرها.. تم بعد ذلك يعود الينا من جديد..

khalid L منذ 6 سنوات

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.

راضي منذ 6 سنوات

الحرية لبوعشرين وسيبقى رمزا لكلمة الحق ،

متتبع.الناظور منذ 6 سنوات

عندي اليقين ان في كل بيت مغربي ،من يتضامن مع الصحافي المقتدر بوعشرين.ما ينتظر دفاعه الان ،هو مراقبة المشتكيات مراقبة لصيقة و البحث في ماضيهن وحاضرهن ذلك بانتداب محققين مستقلين لكشف حقيقتهن للمجتمع

ismail منذ 6 سنوات

كلنا بوعشرين

عز الدين منذ 6 سنوات

هل عندنا قاضي حتى يكون له ضمير

أمل كبيس منذ 6 سنوات

لا أدري، حقا، لماذا يصر البعض على تمريغ أنف الدولة المغربية في التراب بطريقة تثير الشكوك و الحيرة من إخراج مسرحيات بنكهة "الحلقة" لا طعم و لا رائحة و لا لون لها، ... إننا نعيش عصر الثورة الرقمية بأساليب العصور الحجرية .. مع الأسف الشديد ... لك الله يا بوعشرين .. اصبر و ما صبرك إلا بالله

محمد أيت صالح منذ 6 سنوات

أتخيل أن سي توفيق القلم الشريف يمر بلحظات سعيدة في زنزانته وهو يستمتع بقراءة كتاب لم يكن متفرغا لقراءته قبل هذه المحنة المضحكة المبكية..وهو كذلك في حالة نفسية مرتاحة عكس من فبرك هذه الإتهامات السخيفة وكذلك الضحيتان المزعومتان، هؤلاء جميعا يعيشون أياما عصيبة ومرتبكة لأنهم صدموا بتضامن المغاربة مع سي توفيق وعدم تصديقهم للإتهامات بطريقة عفوية وتلقائية..

جواد منذ 6 سنوات

تحية احترام و اجلال لسي توفيق القلم الحر والشجاع الذي يعبر عن ضمير الامة ادعو الجميع لشراء يوميته بشكل مكثف تعبيرا عن تضامننا معه

المغترب منذ 6 سنوات

الحرية لتوفيق بوعشرين ،القلم الحر الدي أزعج المفسدين و المتكبرين،القلم الدي عرى عوراتهم و أبان مدى جبنهم و ندالتهم ،فلم يجدوا من فرط غبائهم سوى سجنه بحجج أطل عليها الدهر و شرب،كن فخورا يا اخ بوعشربن و اعلم انك على صراط و نهج الانبياء و المصلحين مصداقا لقوله أ تعالى (وإد يمكر بك الدين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون و يمكر الله و الله خيرالماكرين ).صدق الله العظيم

بن براهيم منذ 6 سنوات

للاسف في بلدنا و وكننا العزيز اذا اردن ان تكون مناضل يجب عليك ان تصوم تصوم تصوم الدنيا و تصوم ما ينادي به الحداثيون من حريات فرظية و من حياة شخصية...... مع قانون التحرش مهما كان هناك تراضي بين شخصين يمكن ان يستغمل ضدك.....

المغترب منذ 6 سنوات

الحرية لتوفيق بوعشرين ،القلم الحر الدي أزعج المفسدين و المتكبرين،القلم الدي عرى عوراتهم و أبان مدى جبنهم و ندالتهم ،فلم يجدوا من فرط غبائهم سوى سجنه بحجج أطل عليها الدهر و شرب،كن فخورا يا اخ بوعشربن و اعلم انك على صراط و نهج الانبياء و المصلحين مصداقا لقوله أ تعالى (وإد يمكر بك الدين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون و يمكر الله و الله خيرالماكرين .

sadik amine منذ 6 سنوات

تنام عيناك والمضلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم

أمل كبيس منذ 6 سنوات

لا أدري، حقا، لماذا يصر البعض على تمريغ أنف الدولة المغربية في التراب بطريقة تثير الشكوك و الحيرة من إخراج مسرحيات بنكهة "الحلقة" لا طعم و لا رائحة و لا لون لها، ... إننا نعيش عصر الثورة الرقمية بأساليب العصور الحجرية .. مع الأسف الشديد ... لك الله يا بوعشرين .. اصبر و ما صبرك إلا بالله

نورالسعيد الزرموني منذ 6 سنوات

لماذا يتصرفون بهذا الاسلوب الركيك....؟! ان بلدنا أكبر من هذه السلوكيات الرجعية....فهل قدر لنا أن نعيش زمنا مليئا بالانهيارات والخيبات؟!!!!أتمنى أن يتمتع بوعشرين وكل الشرفاء بالوطن بالمزيد من الاصرار على خدمة الصالح العام والله المستعان..

البيضاوي منذ 6 سنوات

إن بعد العسر يسرا إن شاء الله و صبرا جميلا و كلنا ثقة أن هذه المكيدة ستنقلب عليهم لأننا نعلم نبلك و صدقك و إخلاصك في الهدف الذي تطمح له ون

ربيع منذ 6 سنوات

لقد كتب الصحفي وائل قنديل مقالا رائعا عن هذه النازلة تحت عنوان: هل وصل النيل الأحمر إلى المغرب؟ المرجو قراءة المقالة

البياز منذ 6 سنوات

كلنا بوعشرين

علال منذ 6 سنوات

الحرية لبوعشرين ستبقى دائما رمزا لقلم فرض على المخالف قبل الموافق ان يحترمه ويقدره ما يقع لك يصيب كل من يحب هذا البلد بالاكتئاب والاحباط

متتبع.الناظور منذ 6 سنوات

البلدان تتقدم في جميع المجالات ،و نحن نتاخر في جميع المجالات.الاستبداد والفساد افسدوا جميع خطط التنمية، والكرامة للمواطن البسيط...شوف أسكت

Nehro3 منذ 6 سنوات

ربنا لا تولي علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.. الامل في الله وحده ونزاهة وضمير القاضي..

أنس حامي الدين منذ 6 سنوات

ما يحز في أنفسنا هو معاناة أهله وزجته وأطفاله بعد هذه الصدمة التي تعرض لها الأستاذ الصحفي المتميز سي توفيق. وكلي يقين على أن سي بوعشرين مرتاح في زنزانته أكثر بكثير ممن كانوا وراء اعتقاله.

حميد منذ 6 سنوات

اعتقالك بهدا الشكل و بهاده المضامين يفضح المتعفنين ويضع لبنة اخرى لبناء صرح الدمقراطية فهي اتية لا ريب فيها

الغالي منذ 6 سنوات

للأسف الشديد هذه الممارسات اكل عليها الدهر وشرب اُسلوب مصر السيسي أين هي دولة الموءسسات والحريّة لتوفيق بوعشرين

Tahry mohamed منذ 6 سنوات

شيء حزين بالنسبة للصحافة المغربية وللبلد ككل ما يتعرضه له أحد أهم الأقلام الصحفية من محاولة بائسة لشيطنته والحط من قدره لدى عموم القراء والرأي العام .. الصحافة ليست جريمةوالدال على الفساد ليس مجرم فلا تلعبوا بالوطن لأنه وطن الجميع وليس لاخنوش أولنبيل عيوش

علوي منذ 6 سنوات

كان عليه اخد احتياطات اكبر بعد مقالته الشهيرة

H A منذ 6 سنوات

مخرج هذه المسرحية ضعيف جدا

TAHA منذ 6 سنوات

تحية نضالية لرمز من رموز الصحافة الجادة المرتبطة بقضايا الوطن و المواطنين. ما يقع اليوم للصحفي المقتدر توفيق بوعشرين ليس غريبا عن من استأنسوا السباحة في الماء العكر. من يقوم في حياته على المبادئ قولا وفعلا فعليه أن يتوقع أداء الثمن في أي وقت و حين. هذه إحدى بركات استقلال النيابة العامة و مؤشرات إصلاح القضاء في هذا البلد. أين هو وزير حقوق الإنسان من كل هذا ؟ قالوا لنا إنها وزارة أفقية و عمودية لأن حقوق الانسان تدخل ضمن اختصاصات مختلف الوزارات. الآن نرى فقط الدخول في الصحافيين طولا وعرضا.

Rachidbel منذ 6 سنوات

الدولة العميقة والبالية

الزاهي حميد منذ 6 سنوات

سراح توفيق بعشرين يا المفسدين... توفيق صحافي حر و نزيه

salim منذ 6 سنوات

على قدري ايمانك يكون ابتلاءك، هذا دليل قاطع بانك في طريق الصحيح وهم يعلنونها صراحةً. الله وليك ولا ولي لهم ونحن معك جميعاً

عبدالكريم الرقيوق منذ 6 سنوات

تضامني مع الصحفي توفيق ضد نظام الاستبداد والفساد الذي يوظف كل مؤسسات الدولة في خدمته

القعقاع منذ 6 سنوات

رب ضارة نافعة!! و قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا!! الله مولانا و لا مولى لهم!!

Kamal منذ 6 سنوات

من إيجابيات محنة سي توفيق ، أن أفهمتنا معنى أن تكون مزدوج الجنسية

ع الجوهري منذ 6 سنوات

راك خارج إنشاء الله فهذا الفيلم إنذار لك والدليل أنهم لم يتهموك بالتخابر أو إدخال دبابة كما أتأسف لتشفي جريدة ورقية معروفة بكرائها للأقلام والغريب أن يوم اعتقل مديرها سابقا سانده الجميع فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان

ppsta منذ 6 سنوات

باسم الصحافي الذي خلق.....من خط تحريره و ارائه افقا.....باسمه و اسمنا جميعا....لن تعبثوا بهذا الوطن ابدا

التالي