من يريد أن يُركّب للحمام أجنحة الصقور؟

21 مارس 2018 - 13:03

يحق لحزب التجمع الوطني للأحرار أن يطور برامج وأفكارا ويعقد لقاءات وندوات، في سعيه إلى توسيع حصته من السلطة في أفق انتخابات مقبلة، بالانتقال مثلا من مشارك في ائتلاف حكومي، يترأسه حزب آخر/ منافس، إلى رئيس لهذا الائتلاف الحكومي في مرحلة جديدة. ومن حقه أن يبدي اهتماما خاصا بقطاعات بعينها. وأمام من يوجهون له السؤال الاعتراضي: لماذا لا يمرر الأحرار مقترحاته بخصوص النهوض بقطاعات حساسة هي التعليم والصحة والتشغيل للوزراء المعنيين بهذه القطاعات، مادام يزعم أنه يملك رؤية متكاملة قادرة على النهوض بها؟ يمكنه الرد بالقول إنه يشارك الآن في ائتلاف حكومي تقوده أحزاب بمرجعيات وتصورات مختلفة، ولا يمكن أن يفرض عليها تصوره الخاص لإصلاح هذه القطاعات، لأنه تصورٌ طوّره الحزب ولم يطوره الائتلاف الحكومي، ثم الحزب عرض تصوره في وثيقة منشورة للعموم يمكن لمن يريد الاستفادة من مقترحاته الرجوع إليها. وأخيرا، من حق الحزب أن تكون له تصورات وأفكار نقدية حتى وهو مشارك في الحكومة..ألم يكن السيد بنكيران مثلا يتحول إلى أكبر معارض للجهاز الذي يرأسه والنظام الذي يشتغل في ظله، في بعض المناسبات وإزاء بعض الأحداث؟؟
غرضي من “إحقاق” – لو جاز التعبير- حق الحزب في بذل ما يشاء من جهود استعدادا للانتخابات، سواء جاءت قبل أوانها أو في وقتها، هو نقد النتائج التي يتم ترتيبها على هذه الجهود وهي ثلاث: الأولى، ترسيخ فكرة أن حزب الأحرار هو من ستؤول إليه، “غالب الظن”، رئاسة الحكومة بعد ما يحوز المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة. الثانية، ترسيخ أن حزب الأحرار في مسعاه للحصول على المرتبة الأولى اختار مسارا مختلفا عن حزب الأصالة والمعاصرة، يتمثل في إعطاء دفعة غير مسبوقة لمكون التواصل السياسي وتركيزه على قطاعات محددة. الثالثة، اعتبار حزب الأحرار مرشحا بقوة للفوز بالمرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة لأن خصمه السياسي الأهم (في الانتخابات وحليفه الحكومي الآن) العدالة والتنمية مشتت الصفوف ويشارك في تجربة حكومية مزرية ستحرمه من أصوات كثيرة. هذه النتائج الثلاث التي يتم بناؤها انطلاقا من تحركات رئيس الحزب ولقاءاته وتصريحاته تستحق وقفة متفحصة.
ففي الحقيقة المساحات الإعلامية التي بات يشغلها حزب الأحرار ورئيسه تقتات على غياب أو تغييب وجه سياسي بارز آخر، هو عبدالإله بنكيران من هذه المساحات في أعقاب قصة إسقاط سياسي معروفة المراحل، جبنا إلى جنب مع تفادي السيد العثماني الدخول في أي مواجهة خطابية مع السيد أخنوش. هذا ما يصنع الفرق حاليا. هذا الحضور الذي يقابله غياب هو ما يرسخ انطباعات قوة لدى جزء من الرأي العام. وحتى إزاء هذا التفوق في الحضور الإعلامي المسجل مؤخرا لصالح السيد أخنوش، فلا يعني ذلك أبدا أن انتخابات 2021 في جيبه. حزب المصباح تعرض لحملة شرسة متواصلة استعرت في الأشهر الأخيرة السابقة لانتخابات 7 أكتوبر 2016، لكنه كسر حزب الجرار، الذي كان يعطي الانطباع ذاته بأن الانتخابات في جيبه، وعبأ لذلك إمبراطورية إعلامية سرعان ما تلاشت أركانها.
أما مسألة استثمار آليات التواصل السياسي، فهذه قضية لا تصنع الفرق أيضا إلا بالقدر الذي يُثبت فيه حزب الأحرار تفوقه فيها مقارنة مع الأحزاب الأخرى. إذ الكل يشترك فيها. ولا يمكن تهيئة الرأي العام لنتائج معينة بناء على وسيلة يشترك فيها الجميع.
أما فكرة وجود مقترحات قادرة على تحقيق ما عجز عنه السابقون في إصلاح التعليم والصحة والتشغيل، فهذا مجرد كلام فارغ صراحة. القطاعات المذكورة، وبصفة أقوى التعليم، لا تُعدم الخطط والبرامج والمقترحات، وإنما الإرادة السياسية، وهذه قصة أخرى على كل حال.
تبقى قضية الاستفادة من آثار الزلزال الذي تعرض له العدالة والتنمية، والذي خلف شقوقا وتصدعات قوية داخله. هنا نعم. التحليل في محله. لا أعلم كيف ينظر أعضاء المصباح إلى الأمر، لكن من خارج، فقاعدة الحزب كثير ممن صوّتوا على المصباح يتبادلون قصص الخيبة والصدمة وأيمانا غليظة بألا يسلكوا طريق هذا الحزب ثانية، ولا الاقتراع من الأساس. ومع ذلك، فهل خيبة أمل نسبة قد تكون عريضة ضمن الكتلة، التي لازالت تقترف فعل الانتخاب في المصباح، تعني وقوعها مباشرة في غرام الأحرار؟ ليس بالضرورة.
في تقديري، حزب الأحرار لا يملك – إلى الآن على الأقل- ميزة سياسية متفردة في ذاتها تجعله أوفر حظا من غيره. السؤال الحقيقي إذن، هو من يريد أن يبدو الأحرار حزبا خارقا للعادة؟ ومن يريد أن يُركّب للحمام أجنحة الصقور؟

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Kamal منذ 6 سنوات

الأحرار و البام و الدستوري مجرد أبواب مختلفة لدار المخزن

الحبيب منذ 6 سنوات

يا سيدي, قرأت في أحد المواقع الإخبارية, أن السيد أخنوش, خاطب الجمع الحاضر في أحد المؤتمرات و هو ينعت أعضاء حزبه بالأعيان, فعجبت لذلك أيما عجب إذ أعتبر الكلمة في سنة 2018 قدحية و قد يعاقب كل مواطن نعت مواطنه بها. و ها أنا أسمع و أقرأ و أرى السيد في كل اللقائات و المؤتمرات يصول و يجول في الوقت الذي لزم حزب السيد بنكيران مجتمعا الصمت, فهل هي مؤامرة حاكها الحزبان ضد الشعب ? نورني جازاك الله خيرا, فلقد كان السيد بوعشرين من خلال هذا المنبر يفضح المتناجين و ما تسر قلوبهم و عليك السلام.

التالي