هيا ننقذ بنعيسى..

21 أبريل 2018 - 18:08

بداية، يجب أن نُذكر من يحتاج إلى تذكير بأن شهيد الطلبة القاعديين، محمد بنعيسى آيت الجيد، مات يساريا ماركسيا، وعلى قناعة بأن التناقض الأساسي للعمال والفلاحين والطلبة.. يوجد مع نظام لاوطني، لاديمقراطي، لاشعبي (هكذا)، وأن الصراع مع الإسلاميين هو صراع ثانوي، لأنهم نتاج أزمة أفرزتها اختيارات نظام الحسن الثاني الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبالتالي، فإن تراجعهم وضمورهم سيكون تلقائيا بتراجع تلك الاختيارات، وإقرار نظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية. هذه هي العقيدة التي مات عليها شهيد القاعديين.

لذلك، فورثة بنعيسى ورفاقه هم المناضلون من أجل الديمقراطية والاشتراكية والتنوير، وعلى هؤلاء تقع مهمة تحرير الشهيد من قبضة العصابة التي تتاجر بدمه لتصفية حسابات مُركبة مع الإسلاميين. فمن وصفتهم نبيلة منيب، التي يضم حزبها أغلب رفاق بنعيسى، بـ«المافيا التي تحظى بدعم الدولة وأموال المخدرات»، أي المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة، لا يحق لهم الحديث عن بنعيسى واستعمال اسمه وذكرى استشهاده لإضفاء المشروعية على مشروعهم السياسي المصالحي المناوئ للديمقراطية. الأمر نفسه بالنسبة إلى من تم تمويلهم لتأسيس أول مشتل لفكرة البام، أي حزب بنعتيق، والذين، بعدما فشل مشروعهم وقطع عنهم مصل الإمدادات، عادوا يهرولون نحو «اتحاد» لشكر، واصفين إياه بالحزب الديمقراطي بعدما كانوا، بالأمس القريب، يصفون «اتحاد» اليوسفي باللاديمقراطي.

المهمة الأخرى التي تسعى هذه «المافيا»، بتعبير منيب، إلى تكريسها، هي تجميع قدماء القاعديين على شكل طائفة «Secte»، لا وجود لأي رابط فكري أو نضالي بينها، باستثناء نوسطالجيا سنوات النضال الجامعي. وبما أن هذه «المافيا» تعي مسبقا أنه لا يمكن الجمع بين طالب قاعدي في الجامعة ومناضل في الحزب الاشتراكي الموحد، وبين منتمين إلى البام، على أرضية سياسية مشتركة، فقد اهتدت إلى تحويل الشهيد بنعيسى إلى مزار تحج إليه، وتلتقي حوله أفخاذ عائلة سياسية تفرقت بها السبل، وهذا فيه إساءة إلى آيت الجيد والفكرة التي استشهد من أجلها: مغرب ديمقراطي اشتراكي.

خطورة فكرة أو نعرة هذه «الطائفة» التي أخرجها إلياس العماري وحفنة من المتياسرين المتحلقين حوله، تكمن في لعبها على مسألتين على قدر كبير من الحساسية؛ هما عائلة الشهيد والحنين إلى زمن الرفاق، ومن ثم توثبها للانخراط في أي خطوة ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان، تحت مسمى مواجهة الإسلاميين، الذين تحولوا من «قتلة بنجلون» إلى «قتلة بنعيسى».

في هذا السياق، صدر بيان عائلة آيت الجيد الذي يُعلق دمه في رقبة القيادي في العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين، في 6 شتنبر 2012، بعد خمسة أيام من نشر حامي الدين مقالا مزعجا بعنوان «دفاعا عن الدستور»، بتاريخ 6 شتنبر من السنة نفسها، انتقد فيه توقيف عدد من عناصر الأمن والجمارك والدرك الملكي، بناء على قرار ملكي، معتبرا أن ذلك من صلاحيات رئيس الحكومة وليس الملك، لتتعاقب الحملات المهاجمة لحامي الدين والمسيئة للشهيد بنعيسى، في آن، والتي منها خروج أحد أفراد عائلته يحمل لافتة تحمل اسمه وصورته في مسيرة ولد زروال.

هذه الطائفة، وبعد انكشاف أمرها، وانحسار طموحها للامتداد داخل اليسار المناضل، أصبحت، الآن، تتجه إلى التحالف والتنسيق مع كل أعداء الديمقراطية، من جمعيات وأحزاب وإعلام، حيث أصبحنا نرى مواقع وجرائد التشهير المشبوهة تتحدث عن الشهيد محمد بنعيسى آيت الجيد، بمناسبة أو دونها، كما أن المحامين الذين يترافعون لصالح آيت الجيد هم الذين يتنصبون ضد توفيق بوعشرين، وهكذا.

ختاما، نقول ما كان يقوله أبراهام السرفاتي عن ضرورة إنقاذ وتحرير اليهود من الصهيونية: يجب إنقاذ بنعيسى من طائفة رفاق الأمس المتخاذلين.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي