بوغالم: مطلــوب من البيجيدي المصالحة 
مع ذاته من أجل البقــــاء

20 مايو 2018 - 22:20
إجتماع للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية "أرئشيف"

 

هل تتفق مع الرأي الذي يقول إن شعبية «البيجيدي» في تراجع؟

أعتقد أن تراجع حزب العدالة والتنمية أضحى باديا للعيان، وتؤكده العديد من المؤشرات، وهو ما تعكسه حدة الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الحالية وإلى حزب العدالة والتنمية، سواء من داخل الحزب ذاته أم من خارجه. لذلك، ربما لا نحتاج إلى أدلة أو قرائن تؤكد تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، ويبقى فقط تقدير نسبة هذا التراجع، وهذا ما ستنبئنا به أول استحقاقات انتخابية مقبلة، إن كان الأمر يحتاج إلى تأكيد. وضع الحزب الحالي يعتبر بمثابة تحصيل حاصل، وكان متوقعا منذ اللحظة التي قبل فيها الدخول في الحكومة الحالية بالصيغة والشروط المعروفة، والتي كانت إيذانا ببداية دخول الحزب مرحلة التراجع والأفول، وقد فاقمت ذلك حالة العجز والتخبط الحكومي، التي أدت إلى حالة من الفراغ السياسي غير المسبوق، وحالة من الهشاشة زادت من تعميقها تلك الأخطاء القاتلة في التصريف الحكومي لبعض القضايا والملفات. آخرها التعاطي مع مسألة مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية، والذي أكد، بما لا يدع مجالا للشك، أننا أمام تركيبة حكومية هجينة، أبعد ما تكون عن التعبير عن الإرادة الشعبية والدفاع عن مصلحة المواطنين، وأننا أمام «قيادة مفترضة» لحكومة فاقدة للبوصلة ولمقومات القيادة، في شخص حزب العدالة والتنمية في ظل قيادته الحالية.

هل هو غضب شعبي بسبب مواقف واختيارات القيادة الحالية، أم هو موقف من الحزب نفسه؟

دعني أقول، في البداية، إنه ومنذ تشكيل الحكومة الحالية دخلنا في مرحلة ملؤها عدم الرضا، وهو ما تأكد مع مرور الوقت، إلى أن استحالت إلى مزاج عام سمته الغالبة حالة من التذمر الشعبي العام، وحالة من الغضب المستشري في العديد من الأوساط والشرائح المجتمعية، عكسته العديد من التوترات وحالات الاحتقان التي بات يعيش المغرب على وقعها منذ تولي الحكومة الحالية. لذلك، أعتقد أنه ينبغي التمييز، بصدد الغضب الشعبي العام، بين مستويات أربعة، وإن كانت تصب في مرمى واحد، ففي مستوى أعم، هو تعبير عن سخط عارم وموقف سلبي من الوضع السياسي، ومن واقع الممارسة السياسية بالمغرب عموما، وفي مستوى ثان، هو غضب طال التركيبة والأداء الحكوميين، وفي مستوى ثالث، هو غضب يستهدف حزب العدالة والتنمية، باعتباره المسؤول الأول عن التدبير والأداء الحكوميين، وفي مستوى رابع وأخير يمكن القول إن سهام موجة الغضب موجهة بالأساس إلى مواقف واختيارات القيادة الحالية لحزب العدالة والتنمية، والتي أبانت عن ضعف وعجز كبيرين في تحمل مسؤولية وقيادة الحزب والحكومة معا، وهو موقف عبر عنه عدد كبير من أعضاء الحزب والمتعاطفين معه، والذي قد يتطور إلى موقف سلبي من الحزب في عمومه.

هل يعمق تراجع شعبية الحزب الانقسام داخله؟

أكيد أن حزب العدالة والتنمية يعيش على وقع تجاذبات وصراعات داخلية، بعضها ظاهر وبعضها الآخر مضمر، وذلك منذ إزاحة عبد الإله بنكيران وتولي القيادة الجديدة للحزب زمام الأمور، وبالتالي، فمسألة الشرخ والتصدع التنظيمي باتت تطرح نفسها بحدة بالنسبة إلى مستقبل الحزب. وما يعمق الهوة بين تياري الحزب هو الفشل المزدوج للقيادة الحالية للحزب، سواء ما يخص التدبير الحكومي الذي انعكس سلبا على قوة وموقع الحزب، أو ما يتعلق بقيادة وإدارة الحزب، حيث أبانت القيادة الحالية عن عجز عن تأمين الشرعية اللازمة والحد الأدنى من الإجماع والالتفاف داخل التنظيم، والذي من شأنه أن يحفظ لحمة الحزب ويجنبه التصدع. ولا شك أن هذا الهاجس هو ما يؤرق أعضاء الحزب، فإذا لم يُتدارك الوضع ويُستجَب لنداء مراجعة خيارات الحزب وتقديراته السياسية، في أفق تجسير الهوة بين تياري الحزب، فإن حالة الانقسام ستترسخ، ما يعني فتح أبواب الحزب على المجهول.

ما الخيارات الممكنة أمام الحزب لاسترجاع مكانته السياسية؟

أعتقد أن الوضع الذي آل إليه حزب العدالة والتنمية، بعد أزيد من سنة من تحمل القيادة الجديدة مسؤولية التدبير الحكومي، هو وضع صعب ومعقد جدا، يجعل من مسألة الحديث عن استرجاع الحزب مكانته السياسية أمرا غير وارد في المنظور القريب. لذلك، أعتقد أن الرهان الأول المتاح الآن بالنسبة إلى الحزب هو الحفاظ على آلته التنظيمية، من خلال رأب الصدع الداخلي، وتحصين أعضائه والمتعاطفين معه من الإحباط واليأس المفضيين إلى مغادرة سفينة الحزب. والرهان الثاني يتمثل في الحفاظ على ما تبقى من الرصيد الشعبي للحزب في الأوساط الشعبية والطبقات المتوسطة التي بوأته موقع المسؤولية. وهذا لن يتم، في اعتقادي، إلا من خلال المصالحة مع الذات، والتي لن تتم بدورها إلا من خلال مراجعة نقدية لكافة خيارات الحزب وتقديراته السياسية، وذلك عبر طرح الأسئلة الجدية والجريئة أمام الحزب، والتي تعتبر المدخل الرئيس للخروج والفكاك من الأزمة التي يتخبط فيها، وليس أقلها سؤال جدوى البقاء في الحكومة الحالية.

عباس بوغالم: أستاذ العلوم السياسية

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

slimani mohammed reda منذ 5 سنوات

حــزب العدالة و التنمية رحمه الله، لقد أصبح مكانه الصحيح هي مزبلة التاريخ، فكم بنينا عليه من أحلام و في الأخير دهبت أدراج الرياح.

ع الجوهري منذ 5 سنوات

الخرجات من داخل الحزب ضد بنكيران ضربت الحزب في مقتل

التالي