شرعية الملكية أساسها الديموقراطية

02 يونيو 2018 - 02:00

كما كتب المثقف والكاتب الإسباني، خافيير توسيل، سنة 2002، الديمقراطية هي التي أعطت الشرعية للملكية، وليست هذه الأخيرة هي التي أعطتها للديمقراطية. صلابة الديمقراطية اتضحت جليا في تغلبها على محاولة الانقلاب العسكري يوم 23 فبراير 1981. حينها تأكد أن الديمقراطية هي الهدف النهائي لعملية تعرف وجهتها ولكن لا تعرف كيفية بلوغها، رغم أنها كانت تحظى بوعي جمعي يدرك أنه يتم تحضير عمل ذي أهمية كبيرة في مصلحة الجميع. هذا الوعي، الذي تسلح به كل الزعماء السياسيين في ذلك الإبان، كان المفتاح الأساس والشارح للنجاح المحقق. هكذا تحقق التناوب السياسي كنتيجة لنجاح المرحلة الأولى (ترسيخ الديمقراطية).

وفقا لبول بريستون، المؤرخ البريطاني المتخصص في التاريخ الإسباني، كان الملك خوان كارلوس، همس في أذن ابنه الأمير والملك، حاليا فيليبي السادس،  في إحدى المناسبات، قائلا إن مهمته انتهت عندما استطاع الحكم إلى جانب الاشتراكيين في الحكم. في النهاية تم بلوغ الهدف المنشود، إذ الجميع، كل من موقعه وبطريقته، ساهم في ذلك.

بطريقة ما، في إسبانيا، كما في الديمقراطيات، تشكل الملكية رهانًا أكثر ميولا إلى البراغماتية أكثر منه إلى قناعات إيديولوجية. كما سبق وقيل، لم يخف الملك خوان كارلوس، خلال الاجتماع الذي عقب انقلاب 23 فبراير، مع الزعماء السياسيين البارزين، الاعتزاز بقدرته خلال التدخل بحزم لإجهاض الانقلاب، رغم تحذيره من كون المسؤولية التي تحملها لا يجب أن تسند إليه بشكل حصري.

كتاب السليماني

لهذا، حث الجميع على التعاون والعمل المشترك قائلا: « مرة أخر أجدد طلبي للجميع إلى التعاون بإخلاص ونكران للذات، وتجاوز الخلافات الثانوية من أجل التركيز على أكثر المشاكل الخطيرة والأساسية التي تواجهها البلاد، لكي نتمكن من ترسيخ ديمقراطيتنا في الاستقرار والوحدة والسلم ».

أكدت المسيرة الفريدة التي شهدتها كل مدن إسبانيا يوم 27 فبراير بعد الانقلاب من أجل الديمقراطية والملك، الوعي الشعبي بالدور المهم الذي لعبته المؤسسة الملكية في إفشال مخطط الانقلاب. وخير من عبر عن مزاج المواطنين حينها هو الصحافي والكاتب الإسباني، فرانسيسكو أومبرال، في مقال لا ينسى، استشهد به المؤرخ البريطاني بريستون قائلا: « عندما كنا نحن الإسبان نعتقد أننا نستحق شيئا أفضل من الملك، تبين لنا أن لدينا ملكًا لا نستحقه ».

منذ ذلك الإبان، والملكية ينظر إليها كضامن للاستقرار وتوازن الدولة الديمقراطية. واحدة من ثوابت الخطب الملكية هي الإلحاح على تذكير التشكيلات السياسية بضرورة استعادة « روح التوافق والإجماع »، الذي جسده دستور 1978.

بفضل قدرتها على التزام بالصلاحيات التي خولها لها الدستور وعدم تجاوزها، انتقلت الملكية في وقت وجيز من ذلك الشر الذي لا بد منه الذي ساهم في نجاح الانتقال الديمقراطي،  إلى عامل تصالحي جوهري، أي أن دورها أصبح جوهريا في عملية المصالحة.

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي