ملك الديمقراطية.. الملكية البرلمانية هي الحل

05 يونيو 2018 - 02:00

خوان كارلوس ملك من فصيلة الملوك الاستثنائيين، وربما من الملوك الذين قلما يجود بهم التاريخ. ولمن يبحث عن السبب، ما عليه إلى أن يعود إلى مسار الرجل. أولا، رأى النور خارج إسبانيا، وعاش سنوات في المنفى قبل العودة إلى وطنه. منذ صغره وزهرة شبابه، كان يتطلع لاعتلاء العرش الإسباني، سليل عائلة ملكية عريقة، لكن كانت أمامه إمكانية للحكم. بعد ذلك، انتقل خوان كارلوس المراهق للعيش في إسبانيا، بالضبط بمدريد، تحت رعاية الديكتاتور فرانكو، دون أن يعرف بعد مهامه.
تزوج من أميرة إغريقية، الملكة صوفيا، كان قد أطاح انقلاب عسكري بشقيقها الملك. وبينما كان الملك ينضج، رويدا رويدا، عيّنه الدكتاتور فرانكو خلفا له، مانحا إياه صفة الملك، مع رفض والده الملك خوان دي بوربون. في نهاية المطاف، بدأ خوان كارلوس يتحرك بصعوبة وارتياب في محيط السلطة الفرانكوية حتى وفاة الديكتاتور.
بعد هذه الفترة العصيبة في مساره، بدأ الملك بسرعة في اكتساب شخصية قوية. في الحقيقة، انتقل في ظرف وجيز من ذلك الشاب الذي كنا نطلق عليه نحن الديمقراطيين « خوان كارلوس المختصِر »، إلى أفضل ملك لإسبانيا منذ عهد الملك كارلوس الثالث (1759-1788). طريقته في التحرك بين قطبين متعارضين، من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، لم تكن أرثوذكسية، بل على العكس من ذلك. في الكثير من المحطات الانتقالية كان يبدو أن البوصلة فُقِدَتْ، وأن القطار كان قاب قوسين أو أدنى من الخروج عن السكة. لكن في نهاية الرحلة، أدمجت جميع الأطياف، حيث إنه في ظرف ثلاث سنوات، تحقق الانتقال من نظام سلطوي مستبد في نهاية القرن العشرين إلى ديمقراطية عظيمة حداثية ومتقدمة.
في الحقيقة، انتقل الملك خوان كارلوس من ولي العهد للديكتاتور فرانكو، إلى ملك مع وجود مؤسسات مناهضة للديمقراطية، وفي ظريف وجيز، إلى ملك انتقالٍ ديمقراطيٍ على مقاسه، وبعد المصادقة على دستور 1978، وخلال 36 عاما، ممارس مهامه كعاهل ملكية برلمانية في إطار دولة اجتماعية ديمقرايطة والحق والقانون. خلال السنوات التي تربع فيها العرش، عرفت إسبانيا تغيرات عميقة في المجال السياسي، وخاصة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. على الأقل يجب الاعتراف بأنه كان هناك تأثير ما للملك خوان كارلوس في التغيير الذي عرفته إسبانيا.
أولا، كان أحد محركي التغيير السياسي في زمن الانتقال الديمقراطي. بعد ذلك، التزم بممارسة صلاحيته فقط في إطار الملكية البرلمانية، مع العمل على الحفاظ على هيبة وكرامة المؤسسة الملكية. كان ملكا مشهورا ومحبوبا في بلده وفي سائر بقاع العالم. جال وصال، بشكل مستمر، للتعريف بإسبانيا، في مناطق مغمورة وبعيدة جدا، مع إعطاء أهمية كبيرة لأمريكا اللاتينية.
فاقت شهرة خوان الآفاق، في إسبانيا وأوروبا والعالم، وتجاوز حدود الملوك العاديين، ودخل تاريخ الاستثنائيين.

 

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

zoro منذ 5 سنوات

ياليتنا نلقا نفس مصير إسبانيا فقد هرمنا من التبط في الوحل

مواطن* منذ 5 سنوات

لا ديموقراطية بدون ملكية برلمانية ! الديموقراطية أو الطوفان !

التالي