دعوها فهي رهينة

22 يونيو 2018 - 13:23

منذ أن اختار الملك سلمان في العربية السعودية التمكين لابنه ليكون خليفة له، على حساب باقي مكونات العائلة الحاكمة، والسعودية ترتكب الأخطاء تلو الأخرى، ليس آخرها سوى الوقوف ضد المغرب في احتضان مونديال 2026. وبكل شفافية، يحار المرء في فهم هذا الانحدار الأخلاقي والسياسي للنظام السعودي، وهو يقوض رمزيته وسط الشعوب، ولدى الأنظمة الصديقة له على السواء.
لم يغضب المغاربة لأن السعودية والإمارات صوتتا ضد الملف المغربي، بل إن الصدمة حصلت بعدما تأكد أن السعودية استعملت المال لاستمالة اتحادات كروية عربية وإسلامية وآسيوية للتصويت ضد المغرب، حتى إن البعض يتحدث عن 20 صوتا منحتها السعودية لأمريكا، وما خفي كان أعظم. والسؤال: لماذا اختارت السعودية معاداة المغرب بهذا الشكل؟
تركي آل الشيخ، الذي صار موضوعا للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ربط الموقف السعودي بالمصالح العليا لبلاده، على اعتبار أن حاجة السعودية إلى أمريكا أقوى من حاجتها إلى المغرب أو إلى أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، وباعتبار أن الاتفاقات الثنائية، التي بين الطرفين لدعم رؤية محمد بن سلمان لـ2030 في قطاع الرياضة، قيمتها تزيد على 446 مليار دولار، فالاقتصاد والمصالح المادية، في النهاية، هي لغة السياسة وروح العلاقات بين الدول.
لكن، لا يبدو أن الاقتصاد هو الحاسم في الموقف السعودي، هناك خلفيات سياسية وجيواستراتيجية أخرى أبعد من ذلك، لعل أهمها ما يلي:
أولا، تقدّم السعودية نفسها اليوم قائدة للعالم العربي، لذلك نسمعها تروّج كثيرا عبارة «الأخ الأكبر»، وتعتمد في ذلك وسيلتين لا أكثر: احتضانها المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة، وتوفرها على أموال النفط. توظف الدين لدعم التقليد والتسلف الوهابي القبلي وسط الشعوب العربية والإسلامية، مقابل منح أموال النفط للأنظمة التي تسمح بذلك.
ثانيا، طبيعة النظام السعودي القائم على تحالف القبيلة والوهابية، أي تحالف رجل الدين وشيخ القبيلة، وهو التحالف الذي منح آل سعود السلطة التي يحتفظون بها إلى اليوم، مستعملين من أجل ذلك ثلاث وسائل: القمع، والدين (الوهابية)، والحماية الأمريكية.
السبب الثالث يتعلق بالرغبة العارمة لولي العهد الشاب، محمد بن سلمان، في تولي السلطة خلفا لوالده، وهي حاجة تستغلها أمريكا وإسرائيل جيدا، في صفقة كبرى: تثبيت سلطة ابن سلمان مقابل كل شيء؛ القدس، فلسطين، إيران، جماعة الإخوان، تركيا، وكل من يرفض المشروع الأمريكي الصهيوني للمرحلة المقبلة في المنطقة، وجوهره التحكم في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط استعدادا للمواجهة المقبلة مع الصين.
تصويت السعودية وانخراطها في الحملة ضد المغرب يندرج، إذن، في هذا السياق العريض، لكن يبقى جوهره الرئيس أن السعودية تحولت، أو تكاد، إلى رهينة في يد دونالد ترامب، بسبب حاجة محمد بن سلمان إلى الحماية الأمريكية الآن وفي المستقبل للسيطرة على مقاليد الحكم.
وإذا كان المغرب أبدى من المواقف التي تؤكد اعتراضه على التوجهات السعودية الجديدة، سواء في قضية تهويد القدس، أو رفض حصار غزة، أو رفض صفقة القرن لتصفية قضية فلسطين، مثلما يعترض على الحرب ضد إيران، ويعترض على الأجندة الإماراتية السعودية في ليبيا التي قدّم بشأنها طريقا ثالثا في اتفاق الصخيرات، فإن الموقف السعودي الأخير من احتضان المونديال يستدعي ردّا أقوى مما تم إعلانه، ليس أقله إعلان وقف مشاركة المغرب في الحرب العبثية على الشعب اليمني، حتى وإن كانت مشاركته فيها شكلية حتى الآن.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Kamal منذ 5 سنوات

اسمحوا لي أيها الإخوة أن أخالفكم الرأي . شخصيا لا أعترف بدولة تسمى السعودية . بل أعرف أن منطقة شاسعة من الجزيرة العربية سيطرت عليها بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى . لإدارة المنطقة و استغلال مواردها احتاجت واجهة محلية ، كأي استعمار ناعم في أي مستعمرة ، فتم تعيين آل سعود كشركة أمن خاص و بالتالي فتبعية آل سعود للمستعمر أراها إخلاصا لا خيانة ما يحز في القلب ، هو أن إخواني في هذا الوطن لم يقدروا دورنا البئيس في الحرب على الشعب اليمني إلا بعد التصويت

الإدريسي منذ 5 سنوات

نتمنى أن يكون في وطننا من يقرأ بفهم عقلاني وعملي مضمون هذا التحليل وأمثاله. على كل،اللي يتمنى أحسن من اللي يقطع الياس

الإدريسي منذ 5 سنوات

نتمنى أن يكون في وطننا من يقرأ بفهم عقلاني وعملي لمضمون هذا التحليل وأمثاله. على كل،اللي يتمنى أحسن من اللي يقطع الياس

مواطن* منذ 5 سنوات

في الحقيقة، الخطأ مغربي قبل أن يكون سعوديا لأننا نجاري أهوائهم طمعا في تمويلات تأتي و قد لا تأتي. و وضعنا أنفسنا في موقع إرتهان و إبتزاز من طرف هؤلاء الرعاع. حادثة موركو 26 شيء هين بكثير مقارنة مع "التضييق" اﻹبتزازي على اﻷردن، ناهيك عن حصار قطر و اﻷخطر الحرب اﻷثمة و المدمرة على اليمن و التي نساهم كمغاربة في جرائم الحرب المرتكبة هناك (تقارير اﻷمم المتحدة). يجب طرح مسألة المشاركة في الحرب للنقاش العام و وضع أليات نقاش و مراقبة قبلية لكي لا يتم الزج بنا في حروب آخرين عدوانية لا تعنينا في شيء.

التالي