ديمقراطية «على المقاس» عند الحسن الثاني

12 يوليو 2018 - 01:00

في هذا الكتاب القيم والعميق تحت عنوان: «تاريخ المغرب»، تنبش قيدومة الباحثين الإسبان، ماريا روسا دي ماداراياغا، في تاريخ المغرب ومنطقة الريف. الباحثة التي ألفت العديد من الكتب حول الريف، تقدم تحليلا عميقا حول التطورات السياسية والاجتماعية الثقافية التي شهدتها المملكة منذ الاستقلال، بالاعتماد على تجربة مثقفة عايشت نضال رفاقها المغاربة من أجل الحصول على الاستقلال مع الملك محمد الخامس، والحركات الاجتماعية والانقلابات العسكرية في عهد الملك الحسن الثاني، وفشل إدخال المغرب إلى مصاف الدول الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية مع الملك محمد السادس.

 

أقيلت حكومة عبد الله إبراهيم في ماي 1960، ثم أعلن الملك أنه سيتحمل مسؤولية رئاسة الحكومة (من 27 ماي 1960 إلى 16 ماي 1961)، مع تفويض تدبيرها إلى ابنه مولاي الحسن، فيما عين الجنرال أوفقير رئيسا للأمن الوطني. هكذا كان الوضع عندما توفي الملك محمد الخامس في 26 فبراير 1961 بعد عملية جراحية بسيطة في الأنف. إذ لم يستيقظ الملك من عملية التخدير، وتعرض لسكتة قلبية لم تنفع معها كل الجهود من أجل إنقاذه. كان حزن فراق الملك عميقا في نفوس المغاربة، لاسيما أن الملك يرمز إلى النضال من أجل الحرية واستقلال المغرب، كما كان، أيضا، ضحية 28 عاما من الاحتلال الفرنسي.

بعد وفاة محمد الخامس بدأت مرحلة جديدة. في الحقيقة، كانت بدأت قبل ذلك في ظل تنامي نفوذ ولي العهد مولاي الحسن في القضايا المقترنة بالحكومة.

بعد العودة من المنفى، في إطار الاستجابة لمطالب مختلف القوى السياسية التي يتزعمها حزب الاستقلال، وعد الملك محمد الخامس، بمناسبة عيد العرش يوم 18 نونبر 1955، باللجوء إلى انتخاب جمعية تأسيسية، ما يعني تقليص الصلاحيات الملكية، ورفض الملك نهج الحكم المطلق.

لكن الملك لم يوفِ بهذا الوعد تحت عدة ذرائع، من بينها وجود مؤامرات ضد العرش، بالضبط ضد ولي العهد. وعند اعتلائه العرش، عمل الملك الحسن الثاني على الالتزام بما كان يعتزم أن يقوم به والده، أي أن يكون الدستور مصاغا «على المقاس». هكذا، وعكس ما كان منتظرا، كان الجميع أمام وثيقة لم يصغها البرلمانيون المغاربة المنتخبون من لدن الشعب، بل قام بذلك مستشارو الملك، وفقهاء قانون فرنسيون على رأسهم الأستاذ البارز موريس دوفيرجر. كانت الوثيقة التي صاغها أشخاص بارزون تسعى إلى الحفاظ بمهمة تربيع الدائرة: أن تكون الملكية دستورية مع الحفاظ على الحق الإلهي؛ وأن تكون ديمقراطية مع حفاظ الملك على السلطة المطلقة.

أي أن الحكومة المعينة تقدم الحساب أمام الملك فقط، وليس أمام البرلمان. فحتى القضاء لم يكن مستقلا، بل كان يخضع للتحكيم الملكي. إذ إنه، إذا اقتضت الحاجة، يمكن الملك أن يعلن حالة الطوارئ، ويستفرد بكل السلط. ولا حاجة إلى القول إن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية لم يقبل هذا الوضع، واستمر يطالب بجمعية تأسيسية. الغريب هو أن زعيم الحزب بنبركة كان له موقف لين من قضية حالة الطوارئ.

في الواقع، كانت للمهدي بنبركة، أحد أكبر الزعماء الثوريين في القرن العشرين، نقطة ضعف وهي الاعتقاد بإمكانية الجمع بين الاشتراكية والملكية. وكان لايزال يعتقد (قبل وفاته) أن الاشتراكية يمكن أن تتعايش مع المؤسسة الملكية التي كان من الصعب على بنبركة ألا يؤمن بها، لأن مساره مناضلا نشيطا ضد الاستعمار، وأحد مؤسسي حزب الاستقلال، جعله يضع شخص الملك باعتباره جزءا لا يتجزأ من النضال من أجل استقلال المغرب. ويجب كذلك الأخذ بعين الاعتبار أن الحسن الثاني كان، أولا وقبل كل شيء، تلميذه في الأربعينات في المدرسة المولوية. وكانت قد نسجت روابط عاطفية بين الأستاذ والتلميذ.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عبد الوهاب منذ 5 سنوات

الاشتراكية و هم بيع لناس و صدقه الحمقى وللأسف كان فيهم مثقفون و علماء و الى الان يعتقد البعض ان الاشتراكية ممكن ان تحل المشاكل غير انها استغلت جهل الناس و حاجتهم لتغيير و دافعوا على أفكار لا يمكن تحقيقها في الواقع و حتى قانون الكون لا يؤمن بالاشتراكية فدائما هناك الشى ء و ضدها هناك الفقير و الغني القوي و الضعيف الحاكم و المحكوم السعيد و البئيس الفرح و الحزن الخالق و المخلوق الكبير و الصغير و بينهم مصالح مشتركة و متفرقة و متضادة في بعض الأحيان ولكن المعادلة يمكن ضبطها بالقانون سواءا الإلهي او الوضعي و لا يمكن ان نصل الى الكمال لانه للخالق.

التالي