الجراري: الديمقراطية الحقة تحتاج إلى مسؤولين حقيقيين

20 يوليو 2018 - 22:00

عباس الجيراري، مفكر وأكاديمي مغربي مرموق، ومستشار للملك محمد السادس. أغنى المكتبة المغربية  والعربية بعشرات الكتب في الفكر الإسلامي وقضايا الثقافة والتراث. في هذه السلسلة الحوارية، يفتح الجيراري قلبه وعقله لـ«أخبار اليوم» حول كل شيء. 

 

 ما الذي يحول دون تحقيق الانتقال نحو الديمقراطية في المغرب؟

الديمقراطية مسألة كبيرة جدا. ونحن في طريق تحقيق الديمقراطية الحقيقية. الديمقراطية الحقة تعني أن تكون هناك عدالة اجتماعية، وأن يكون هناك مسؤولون حقيقيون موكل إليهم تسيير أمور البلد. وهذه من مظاهر الديمقراطية الحقة.

ومن أين سنأتي بهؤلاء المسؤولين الحقيقيين؟

هنا تأتي مسؤولية الأحزاب التي تتقدم للانتخابات، والعناصر التي ترشحها وتختارها لتحمل المسؤولية. اليوم الدستور الجديد أعطى حرية كبيرة للأحزاب، فالملك خول البرلمان والحكومة ورئيسها صلاحيات كبيرة، بعدما كانت بيده.

إذا كان الملك قد منح صلاحيات كبرى للحكومة والبرلمان، فلماذا نسمع بين الفينة والأخرى مسؤولين كبارا يربطون كل ما يقومون به بالملك؟

هذا مظهر من مظاهر إخفاء الحقيقة والتستر، ورمي التهم على غير من ينبغي أن ترمى عليه. فلا يمكن أن يقع خلل بسبب مسؤول صغير أو كبير في الدولة في مجال ما، وينسب ذلك بأي شكل إلى ما أشار به الملك. وعليه، ينبغي أن نقرأ الدستور قراءة فعلية متأنية، ونقف على المسؤوليات التي لا يمكن أن تكون بالفعل إلا بيد جلالة الملك، ونقف على ماهية المسؤولية التي أسندت إلى الحكومة والبرلمان والمنتخبين والجماعات وغيرهم من المسؤولين. وهذه خطوة بعيدة في الديمقراطية، إلى درجة أن المغرب صارت فيه ملكية دستورية ديمقراطية.

رغم أن الدستور الجديد أعطى سلطات واسعة للحكومة، ورغم وجود مؤسسات مثل الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، نلاحظ أن عددا كبيرا من المواطنين المغاربة يرفعون تظلماتهم إلى الملك؟

المواطن حين يطرق مختلف الأبواب ولا تفتح له، وحين يتظلم ولا يجد من يجيبه في إطار المسؤولية، سواء محلية أو غيرها، فإنه يلجأ إلى «الرأس». وهو هنا كابن في أسرة يعود إلى الوالد لينصفه. وهنا نقول إنه لو كان كل مسؤول يقوم بواجبه، لما كان كل هذا التعثر الذي نشكوه في مجالات مختلفة.

هل جرى إنصاف المرأة المغربية تشريعيا؟

المرأة في تقاليدنا وفي ديننا دائما مكرمة. المرأة قديما لم تكن تغادر البيت، لكنها كانت هي المتحكمة في تسييره. الرجل يخرج ليأتي بالمال، ويقدم المطلوب منه من طرف هذه المرأة. المرأة كانت في المجمل هي المحور في الأسرة. صحيح أن المرأة في مرحلة ما ظلت حبيسة البيت لا تتردد على المدرسة من أجل التعلم، لكن، في عهد الحماية، كان لمحمد الخامس الفضل الكبير في دفع المرأة إلى التعليم، وأعطى نموذجا ببناته الأميرات اللواتي كن نموذجا للفتاة المغربية. وهذا شيء يجب أن يتذكره المغاربة. ولا بد من أن يعرف المغاربة أن التعليم الذي كان يشرف عليه محمد الخامس في عهد الحماية هو التعليم الحر، وتعليم الفتيات اللواتي أنشأ مدارس لهن. اليوم، الفتاة أو المرأة المغربية، سواء في عهد الحسن الثاني أو العهد الحالي، ولجت جميع الميادين. فنصف الطلبة أو أكثر من العنصر النسوي في مختلف الكليات بتخصصاتها المتنوعة، وأيضا في مختلف الشركات والإدارات نجد الحضور الكبير للعنصر النسوي.

صحيح أنه تحققت أشياء كثيرة مميزة للمرأة، لكن ألا يمكن أن نتحدث عن وجود حيف ما تجاهها؟

ربما هناك حيف معين يمس المرأة، وهو حيف من داخل الأحزاب نفسها.. هذه الأحزاب في الانتخابات تتعامل مع المرأة بحذر، وبحساب دقيق، في الوقت الذي فُتحت لها الأبواب في مختلف المؤسسات واحترمت كفاءتها. لذلك أعتبر أن جزءا من عرقلة مسيرة المرأة المغربية يأتي من داخل المؤسسات الحزبية. ولو أن الأحزاب فتحت الأبواب للمرأة وأعطتها المكانة التي تستحقها بجهدها، لتبوأت مناصب أكبر من هذه التي تحصل عليها اليوم. فالاختباء وراء بعض المطالب السطحية لا يخدم المرأة، كالحديث عن بعض القوانين الشرعية، كقانون الإرث مثلا. هذه مسائل لها ضوابطها العادلة، التي ينبغي أن تفهم في إطارها الخاص. والناس اليوم يعرفون كيف يحلون مشاكلهم حين تكون هناك أوضاع استثنائية تخص المرأة، كقضية التعصيب مثلا.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Kamal منذ 5 سنوات

هذا بكل بساطة ... دجل

التالي