عيد الأضحى..مناسبة لترويج الملايير وإسالة لعاب الفاعلين

22 أغسطس 2018 - 01:00

جرت العادة في مختلف المناسبات الدينية، أنها تخلق دينامية وحركة اقتصادية جيدة، وهو أمر لا يقتصر على مناسبات المسلمين الدينية، فحتى احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد مثلا أو حتى المناسبات والأعياد لدى مختلف المعتقدات الدينية الأخرى تحدث رواجا اقتصاديا إيجابيا، رغم ما يتخلله من جشع بعض الداخلين إلى هذه الأسواق، وعيد الأضحى ليس في منأى عن كل هذا، إذ يمكن اعتبار هذه المناسبة وفترة شهر رمضان الأكثر تأثيرا في السوق، وهو ما يعيشه كل المغاربة كسائر بلدان العالم الإسلامي الأخرى.

هذا العام قدمت الأسواق المغربية عرضا من المواشي كافي لسد الطلب المرتقب بما يفوق 48 في المائة، حسب ما أكدته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قبل أيام في بلاغ صادر عنها. وقامت هذه الأخيرة حسب ذات البلاغ بتقييم حالة تموين السوق بالحيوانات المعدة للذبح بمناسبة العيد، وأيضا الجانب المتعلق بالحالة الصحية للقطيع الوطني، بتنسيق بين الوزارة  ومهنيي سلسلة اللحوم الحمراء، وهو عمل دأبت وزارة الفلاحة على القيام به. وبفضل الجهود والإجراءات المتخذة من قبل الفاعلين في القطاع، والرقابة البيطرية المستمرة وحملات التلقيح التي تقوم بها المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والأطباء البيطريين المعتمدين، لمواجهة الأمراض المعدية والأمراض ذات الانعكاسات الاقتصادية السلبية من جهة أخرى، تميزت الحالة الصحية للقطيع الوطني هذا العام، خصوصا فيما يخص الأغنام والماعز، بوضعية صحية جيدة بمختلف جهات المملكة، يضيف بلاغ وزارة الفلاحة. واستفاد الفاعلون في قطاع تربية الأغنام والماعز في الموسم الفلاحي 2017/2018، من وفرة الموارد العلفية والحبوب التي كان لها أثر جيد على أسعار الأعلاف، إذ سجلت الأعلاف المحلية انخفاضا بنسبة 14 في المائة مقارنة مع الموسم السابق. ليس هذا فحسب، فالقطاع استفاد أيضا من الدعم الذي ناله قطاع تربية الأغنام والماعز في إطار مخطط المغرب الأخضر بجميع جهات المغرب حسب الوزارة الوصية، وخاصة في الجهات المتوفرة على مؤهلات إنتاجية عالية، كجهة الدار البيضاء سطات ومراكش آسفي والجهة الشرقية وأيضا جهة فاس مكناس، كما تم تحسين المعايير التقنية للقطيع التي بلغت نسبة 93 في المائة بالنسبة للولادات و2 في المائة في نسبة الوفيات.

وقدرت وزارة الفلاحة قبل أيام عرض الأغنام والماعز بمناسبة عيد الأضحى هذا العام  بـ8.1 مليون رأس، منها 64 مليون رأس من ذكور الأغنام  و1.38 مليون رأس من إناث الأغنام و2.1 مليون رأس من الماعز. وإذا كان العرض كما تم ذكره بالأرقام، فالوزارة قدرت الطلب على أضاحي العيد بما يصل إلى 5.45  مليون رأس، 4.9 مليون منها خاصة بالأغنام، وهذه الأخيرة 4.3 مليون رأس منها خاصة بذكور الأغنام، وإلى جانب الأغنام، قُدر الطلب على الماعز في مختلف الأسواق المغربية بما قدره 540 ألف رأس، وبذلك تبين المقارنة بين حجم العرض والطلب، أن العرض كان كافيا لسد الطلب الذي توقعته السلطات الوصية على القطاع.

ويعد عيد الأضحى فرصة مهمة يضرب لها الفلاحون ومربو القطعان الموجهة نحو الأسواق حساباتهم بدقة، فهذه المناسبة تبقى  فرصة لتحسين دخلهم إلى جانب فاعلين هامشيين آخرين، وهو أمر لا محيد عنه في مناطق انتشار الأغنام والدوائر الرعوية، حسب وزارة الفلاحة التي توقعت أن يبلغ رقم المعاملات هذا العام 11 مليار درهم بالتمام والكمال، مشددة بأن معظم هذا الرقم سيتم تحويله إلى العالم القروي، وهو ما سيساعد الفلاحين والمزارعين على مواجهة مصاريف الأنشطة الفلاحية الأخرى، خاصة مع بداية الموسم الفلاحي المقبل، وهو ما سينشط الحركة الاقتصادية في العالم القروي، تضيف وزارة الفلاحة. وبخصوص هذه النقطة، يرى الخبير الاقتصادي المهدي الفقير، بأن الملايير التي يتم تسجيلها في الرواج المالي اللصيق بمناسبة عيد الأضحى، تنعكس بشكل مباشر على العالم القروي، لكنه يشدد على أن المشكل يكمن في عدم وضوح الأرقام كفاية وبشكل مضبوط، فالمنظومة الاقتصادية المرتبطة ببيع المواشي في الأسواق يتدخل فيها الوسطاء بشكل كبير، خاصة أن الأمر أحيانا يتعلق بسلسلة طويلة من الوسطاء، وهو ما يرفع الأسعار والأرقام المالية المتداولة في السوق. الخبير الاقتصادي يقول إنه عندما يستهلك مربي الماشية في البادية 500 درهم لتربية خروف واحد مثلا، ثم يقوم بعرضه للبيع بـ1000 درهم، فهذا معناه أنه جنى 500 درهم فقط من منتج قد يعرض بعد وساطة « شناق » واحد أو أكثر ليباع في النهاية بما قدره 3000 أو 3500 درهم مثلا، وهنا نكون أمام عمل غير مقنن وفيه عشوائية كبيرة، لينال الوسطاء أرباحا بجهود يسيرة في ظرف شهرين أو ثلاثة، وأحيانا يجنون أرباحا بدون أي مجهود يذكر، أي الربح المجاني. ويبقى ذاك الرجل البدوي الذي ربى ماشيته هو الحلقة الأصغر في كل هذه المنظومة، تبعا لذلك لا توجد أرقام واضحة حول مدى استفادة العالم القروي من الرواج والسيولة الضخمة التي تدور في الأسواق خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وبالرغم من ضعف الربح في العالم القروي بشكل نظري بعيدا عن أي معطيات واضحة وحاسمة بالأرقام، يؤكد المهدي الفقير بأن العالم القروي يقوم بدوره في نقل الرواج إلى العالم الحضري، حيث تظهر كل الأنشطة المتنوعة واللصيقة بمناسبة « العيد الكبير »، كخدمات الجزارين وبيع البهارات وشحذ السكاكين. ورغم موسمية هذا النشاط، فهو يحدث رواجا إيجابيا. وبخصوص الأرقام المسجلة في مختلف أسواق المملكة، يضيف ذات الخبير بأنه لا علاقة لها بحجم التساقطات المطرية، إذ أن الارتفاع الذي يسجل أحيانا يعود كما تمت الإشارة إليه مسبقا، إلى تعدد الوسطاء وأيضا جشع هؤلاء، الذين يقبلون على موسم التجارة في هذه المناسبة، بنهم وشراهة مفرطة، وهم سبب أي غلاء في السوق، أما ربط الأسعار بندرة أو وفرة التساقطات حسب كل موسم فلاحي هو أمر نسبي جدا في السنوات الأخيرة، ويضيف المهدي الفقير بأن هذا العام لا مبرر للحديث عن العلف، فوزارة الفلاحة حسمت في هذا الموضوع، لذلك كل غلاء يمكن تسجيله فأمره معلوم.. إنه إما جشع الوسطاء أو تعددهم أو هما معا. ويستمر المتحدث نفسه ليعرج على أن هناك إشكالا بخصوص العيد وسط كل الأرقام الضخمة والمذكورة، وهو الضغط الذي تواجهه مصاريف الأسر، وعند الحديث عن هذا الضغط، فنحن نتكلم إذن عن ضعف في القدرة الشرائية عند الأسر، وحتى على صعيد مؤسسات الإقراض، لم تعد تقدم القروض المرتبطة بشراء أضاحي العيد، والسبب في هذا التوقف هو أن هذه القروض بلا معنى أساسا، فما معنى نيل قرض لشراء أضحية العيد وأداء هذا العبء المالي في فترة زمنية تتجاوز سنة أو أحيانا سنتين، وهو قطعا أمر لا فائدة منه إذا كنا نتحدث عن مناسبة تتكرر كل سنة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي