كيف تنهار الديكتاتوريات؟

31 أغسطس 2018 - 14:10

بعد إحرازها تقدما كبيرا في التسعينات، مع سقوط الاتحاد السوفياتي وتطور أمريكا اللاتينية، تعرف الديمقراطية اليوم، تراجعا ملحوظا. صحيح تم تسجيل تقدم مؤخرا في المغرب وتونس والعراق وأفغانستان وليبيا. لكن، وبشكل معاكس، بعض الدول الديمقراطية انقلبت إلى ديكتاتوريات مثل فينزويلا.

دول أخرى انتقلت من مستبد إلى آخر. مثل ما هو عليه الحال ببعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا مثل تركمانستان وبلاروسيا. وهو الحال، أيضا، بإيران التي انتقلت من استبداد الشاه إلى استبداد الملالي. وكذلك في الصين وفيتنام. في بعض هذه الدول انتقلت السلطة من الأب إلى الابن، وكان أحدهما أكثر دموية من الآخر، مثل حالة كوريا الشمالية وسوريا وطوغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ودول أخرى عديدة.

دول أخرى، وهي الفئة الأكبر، دخلت في منطقة رمادية، حيث تتطور الديكتاتورية ببطء نسبي نحو الديمقراطية مثل روسيا وبعض جمهوريات آسيا الوسطى وميانمار وكوبا وكينيا وماليزيا، أو على العكس تنزلق الديمقراطية نحو الديكتاتورية مثل الفيليبين وإندونيسيا وهنغاريا وتركيا وحتى الهند.

علينا، أيضا، أن نميز بين المستبدين الذين لا يؤذون إلا شعوبهم وهم الأغلبية، وأولئك الذين يمتد أذاهم خارج الحدود بشكل مدمر مثل كوريا الشمالية وإيران . وبصفة عامة، يتجه العالم، منذ أشهر قليلة، في اتجاه ديمقراطية أقل.

ويعلمنا التاريخ أن الديكتاتوريات تنهار في ثلاث حالات: الأولى، إذا لم يعد الشعب يهاب الرصاص وقرر اقتحام قصور الأقوياء، كما كان الحال في رومانيا. والثانية، حين يقرر أصحاب السلطة أنفسهم التوقف عن رمي شعوبهم بالرصاص، كما كان الحال في الاتحاد السوفياتي. والثالثة، إذا ساعد غزو أجنبي حركة مقاومة داخلية على إنهاء عهد الاستبداد.

تطبيق عزلة دولية لا يكفي لوحده لوقف الديكتاتورية. بل أحيانا يمكن أن يكون سببا في التفاف الشعب على قيادته حتى لو كانت دموية، ونادرة هي الحالات التي نجح فيها تجويع شعب على الثورة ضد قادته. الأمريكيون الذين يعيشون على وهم فكرة أن سياستهم هي التي قادت إلى انهيار الشيوعية، يواصلون الاعتقاد أنه يكفي عزل دولة ما لإسقاط نظامها. مثال كوبا يؤكد أن الأمر ليس بهذه البساطة، وربما يتكرر الأمر في حالة كوريا الشمالية.

حالات نجاح الشعوب في الثورة على قادتها وإسقاطهم صارت نادرة أكثر فأكثر. ما العمل؟ هل يجب عدم التدخل في شؤون الغير؟ في نهاية المطاف، بأي حق يجوز لدولة ما أن تفرض الديمقراطية على دولة أخرى؟ بلا شك يجب الاكتفاء بمحاولة لجم شرور المستبدين التي تتعدى حدود بلدانهم.

كيف؟ هل عن طريق التفاوض معهم؟ المثال البئيس لما يُسمى بالمفاوضات بين أمريكا وكوريا الشمالية (التي تواصل مشروعها النووي) يبين أن التفاوض لا ينفع في شيء.

في بعض الحالات، الحرب الاستباقية ضد نظام تهدد سياساته الاستبدادية جواره وليس فقط، شعبه يمكن أن تنقذ العديد من الأرواح: لو تمت مهاجمة هتلر قبل أن يغزو حوض الرور ويعيد بناء جيشه، كان ذلك لينقذ عشرات ملايين الأرواح التي أُزهقت في أوروبا. وأكيد أن مثل هذه الفكرة لا تصلح لتبرير غزو العراق والهجوم على ليبيا، فالحرب الاستباقية يجب أن تكون مقدرة بحكمة وتبقى الملاذ الأخير.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Kamal منذ 5 سنوات

ثم إن السيد أطالي لم يضرب مثلا للحالة الثالثة من طرق إسقاط الدكتاتوريات

مواطن* منذ 5 سنوات

"وأولئك الذين يمتد أذاهم خارج الحدود بشكل مدمر مثل كوريا الشمالية". ؟؟؟؟ إلى حد اﻵن، لم يرد خبر هجوم كوري-شمالي على قطاع غزة أو اليمن أو ليبيا أو إرسال جنودها بذريعة أو أخرى إلى منطقة ما في العالم

slowa منذ 5 سنوات

العراق افسد بلد في العالم مع ليبيا و يخضعان لسلطة الميلشيات ودول اخرى ويقتل الناس بدون تحقيق ويعتبر ان بعض التقدم للديمقراطية قد تحقق.. مشكلة العقل الغربي يعيش الكذب على انه واقعا ويبرر جريمته على انها الفضيلة

التالي