خبير فرنسي يكشف 
سلبيات التدريس بلغة أجنبية أمام مجلس عزيمان

11 أكتوبر 2018 - 10:02

في محاضرة افتتاحية لندوة “الابتكار التربوي ودينامية الإصلاح بالمغرب”، التي ينظمها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ابتداء من يوم أمس وتستمر ليومين؛ كشف الخبير الفرنسي المتخصص في التجديد والابتكار البيداغوجيين، أندري تريكو، الانعكاس السلبي لتعليم بلغة أجنبية.

وفيما شرع المغرب في فرض لغات أجنبية، خاصة الفرنسية، في تدريس بعض الشعب العلمية والتقنية، قدّم الخبير وهو أستاذ لعلم النفس بالمدرسة العليا لمهن التعليم والتربية بمدينة تولوز؛ نموذجا لمنهجية البحث العلمي بواسطة التجريب في مجال التعليم، والذي قال إنه همّ فكرة مفادها أن تلقين مادة معينة بلغة أجنبية، يسمح بتعلّم مزدوج، يهم في الوقت نفسه العربية واللغة الجديدة.

الخبير الفرنسي قال إن تجربة همّت 102 تلميذ، موزعين على ثلاث مجموعات، 32 تلميذا في كل مجموعة، كلّهم فرنكفونيون، أي تعتبر اللغة الفرنسية لغتهم الأصلية. التلاميذ الذين يراد تلقينهم مادة قانونية، توزعوا بين مجموعة تلقت تعليمها باللغة الفرنسية فقط، وثانية تلقت التعليم باللغة الألمانية التي يراد تلقينها إلى جانب القانون، فيما تلقت المجموعة الثالثة تعليمها باللغة الألمانية مع ترجمة الدرس إلى اللغة الفرنسية. النتيجة النهائية لهذه التجربة بعد إجراء تقييم لاحق، أبانت أن المجموعة التي درست المادة القانونية باللغة الألمانية سجّلت أضعف النتائج، سواء في تقييم المكتسبات الجديدة في اللغة الألمانية، أو في المكتبات الخاصة بالمادة المراد تدريسها، أي القانون.

المجموعة التي تلقت تعليمها باللغة الفرنسية فقط، بينما درست اللغة الألمانية بشكل منفصل، حققت أكثر النتائج توازنا، حيث أبان تقييمها عن أن تلاميذ هذه الفئة هم الأفضل من حيث اكتساب المعرفة القانونية، المادة المراد تدريسها، فيما كانت مكتسباتهم اللغوية الجديدة في اللغة أفضل من نظرائهم الذين درسوا المادة باللغة الألمانية. هذه التجربة أبانت حسب الخبير الفرنسي عن نتائج مماثلة عندما تم تطبيقها في مادة أخرى، هي مادة المعلوميات، والتي استعملت فيها اللغة الإنجليزية، فكان أن سجلت المجموعة التي درست المادة باللغة الأجنبية الأضعف في مرحلة التقييم.

أندري تريكو تولى إلقاء المحاضرة الافتتاحية في الندوة العلمية التي احتضنها مجلس عمر عزيمان ابتداء من صباح أمس، وذلك بعد اعتذار الخبير جان ماري دوكيتيل، لأسباب صحية طارئة. فيما أوضح عزيمان في كلمته أمام المشاركين، أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء هو الرغبة القوية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في تعميق التفكير والنقاش في موضوع الابتكار البيداغوجي، “باعتباره مدخلا من مداخل الارتقاء بالمدرسة، من خلال تشجيع الممارسات والتجارب التربوية المبتكرة، الكفيلة بالإسهام في تحسين الجودة، وتسريع وتيرة التعلم، وتنمية حب الاستطلاع والاستكشاف والفضول الفكري والمبادرة الإبداعية لدى المتعلم”.

وأضاف عزيمان أن التربية والتكوين والبحث العلمي من الميادين الأكثر خصوبة للابتكار، “كما تؤكد أن الحلول المبتكرة للتحديات التربوية التي تواجهها مختلف المنظومات التربوية هي نتاج اجتهادات ومبادرات يقوم بها الفاعلون التربويون على الخصوص”.

المجلس الذي أنتج الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم في المغرب، على يقين، حسب رئيسه عمر عزيمان، بأن تنمية ثقافة الابتكار لدى الفاعل التربوي تنعكس على جودة التعلمات ومتانة المكتسبات لدى المتعلم، مع تمكينه من توظيف طاقاته وقدراته على الإبداع والابتكار تفكيرا وممارسة؛ “هذا فضلا عن كون الابتكار يسهم في بناء مجتمع متنور قائم على تنمية الكفايات النقدية الخلاقة، القادرة على اصطفاء أجود الأفكار والمعارف، في عالم أهم سماته تدفق المعلومة والمعرفة عبر التكنولوجيات الرقمية”.

وتتطرّق الندوة حسب منظميها لموضوع الابتكار البيداغوجي من منطلق الإشكاليات والتحديات والرهانات المرتبطة به في علاقة بالمنظومة التربوية وبإصلاحها المستمر، مع التركيز على الدور المحوري للفاعل التربوي في إبداع وتصميم بيئات وطرائق تعلم مبتكرة، من خلال ممارسات تربوية “مجددة”، دون إغفال الجوانب الأكثر شمولية للابتكار في التربية والتكوين والبحث، “وأساسا ما يتعلق منها بمهن التدريس والتكوين والتدبير، والنسق التكويني، والمقاربات البيداغوجية، والكفايات والمكتسبات والحكامة التربوية، وذلك وفق نهج قوامه تشجيع المبادرة والممارسات المبتكرة واستلهام التجارب الناجحة وتعميمها على الفاعلين التربويين والمتعلمين”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي