مسؤول: يجب معاملة المغرب كجار وليس كمصدر للمشكلات

22 أكتوبر 2018 - 09:40

ولد يوهانس هان بفيينا، الرجل الهادئ ذو النظرة العميقة للمشكلات التي تعتمل المنطقة المتوسطية، سنة 1957. وهو اليوم، يشغل منصب المفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع. في هذا الحوار مع صحيفة «إلباييس» يقدم تصورا آخر لتعزيز التعاون بين الرباط وبروكسيل من أجل مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه البلدين، تصور قائم على النظر إلى الرباط كشريك وليس كمصدر للمشكلات، داعيا إلى المزيد من الاستثمارات في المملكة لإقناع «شباب الفانتوم» بالعدول عن ركوب مقبرة المتوسط. كما يتحدث عن الشعبوية وقضايا أخرى تؤرق بال الغيورين على تقدم وإزدهار أوروبا ومنطقة المتوسط.                                                                                                            بتصرف عن إلباييس

طالب المغرب الاتحاد الأوروبي بالمزيد من الاستثمارات لاحتواء تدفق المهاجرين السريين (المغاربة والأفارقة) إلى أوروبا، وكذلك لتطوير اقتصاده، الشيء الذي من شأنه وقف هجرة المغاربة. هل هذا المطلب المغربي مشروع؟

من المهم معاملة جيراننا كجيران، وليس كمصدر للمشكلات المحتملة. لقد استعملتم في سؤالكم كلمة دقيقة: (الاستثمار). وهذا عين الصواب. إذ لا يتعلق الأمر بالظهور بمظهر المانحين، بل كمستثمرين، ليس فقط في علاقتنا بالمغرب، بل مع باقي الدول المجاورة الجنوبية. الاستثمار لا يعني فقط المال، بل، أيضا، المزيد من الفرص التجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص. علما أن المغرب أكثر تقدماً مقارنة بجيرانه. لهذا، من المنطقي تكثيف هذه العلاقة وتشجيع المزيد من الشركات الأوروبية على الاستثمار في المغرب، لجعل هذا البلد أقوى أكثر. إنها أكبر مساهمة يمكن أن نقدمها خِدْمَة لمصالحنا الخاصة أولا، فضلا عن زرع الآمال في صفوف المهاجرين ودفعهم إلى عدم مغادرة البلد والمنطقة، ولا سيما الشباب. لهذا يتعين على أوروبا أن تلعب الدور المنوط بها، كما نعول على إسبانيا، نظرا إلى معرفتها وعلاقتها بالمغرب لتكون قطبًا لكل هذا.

  هل تعتقد أن الاتحاد من أجل المتوسط ​​قد حقق التطلعات التي أُسسَ من أجلها قبل 10 سنوات، خصوصا وأنه لا يلعب الدور الذي كان من المنتظر أن يقوم به بعد اجتماع برشلونة سنة 1995؟

جميعنا نفتقر إلى الصبر، لأن تحقيق ذلك في المدى القصير ليس واقعياً بالمطلق. في البحر الأبيض المتوسط ​​نواجه الكثير من التحديات. إذ في السنوات العشر الماضية، واجهنا أزمات اقتصادية ومالية لم يسبق لها مثيل . عليك أن تأخذ كل هذا بعين الاعتبار. لقد نجح الاتحاد من أجل المتوسط، تدريجيا، ​​في أن يتحول إلى وكيل حقيقي في المنطقة. خلال ولايتي، على رأس الاتحاد، ركزنا جهودنا في المنطقة. نحن نساهم بالنصف في تمويل كل هذه المشاريع، لأننا نعتقد أنها القناة الأكثر أهمية للمنطقة. ربما تكون هذه المنطقة الأقل تكاملاً وترابطا في العالم. لهذا من المهم أن تتعاون البلدان الجنوبية أكثر مع بعضها البعض. أعترف أن الأمر صعب، وأنا لست ساذجًا، لكن يجب أن يكون أولوية في جدول أعمالنا لتحسين الوضع. لماذا يجب أن تتعاون دول المتوسط مع بعضها البعض؟ السكرتير المغربي السابق للاتحاد من أجل المتوسط، يوسف العمراني، كان يستدل دوما بهذه الإحصائية:  90٪ من المعاملات التجارية بين أعضاء الاتحاد من أجل المتوسط  تتم ​​ما بين دول الاتحاد الأوروبي المتوسطية، بينما 7 إلى 8٪ ما بين أعضاء الاتحاد الأوروبي وبقية الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، وفقط 2 إلى 3 ٪ من هذه المعاملات تتم بين الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط غير الأوروبية، أي بين جنوب-جنوب.. الاتحاد من أجل المتوسط ​​له وظيفة محددة، لكن من الضروري اتخاذ القرارات السياسية حتى لا يقتصر الأمر على تنظيم مؤتمرات واجتماعات متعددة دون ترجمتها على أرض الواقع. ولكي نكون أكثر فعالية، يجب أن نركز على هيكل واحد، وهو اتحاد المتوسط.

  هل باب الاتحاد الأوروبي موصد بشكل دائم في وجه تركيا؟ وهل تتخيلها كعضو في النادي الأوروبي؟

في السياسة، ليس من الذكاء التكهن والتخمين. اليوم الوضع واضح، هناك قرار من قبل دول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بعدم الاستمرار في أي حوار حول دخول أنقرة إلى الاتحاد. ليس من الممكن القيام بتكهناة. في تركيا يتوجب أن تتغير أشياء كثيرة لاستعادة ثقة الأوروبيين. رغم ذلك، لازالت تركيا تعتبر جارا استراتيجيا. الأوروبيون مهتمون بدعم استقرارهم الاقتصادي. لهذا سيكون من الخطأ، على الرغم من أنه ليس كذلك، أن يعتقد الأوروبيون أنه لا ينبغي عليهم الحفاظ على  قنوات الاتصال مع تركيا، بل على العكس، يجب علينا التكيف مع الفرص السياسية.

 أسألك عن قوة أخرى في المنطقة: شيمون بيريز كان يصر، قبل عشر سنوات، على ضرورة أن تكون إسرائيل ذات يوم عضواً في الاتحاد الأوروبي. هل ترى هذه الفكرة ممكنة أم هي مجرد ضرب من الجنون؟

لقد حققنا توسعا أوروبيا سريعا وكاملا للغاية في السنوات الـ 15 الماضية. المهمة الرئيسة اليوم، هي تعزيز وترسيخ كل ما تحقق. مازلنا نأمل أن تنضم دول غرب البلقان إلى الاتحاد. أبعد من ذلك، ليس من الواقعي اليوم التفكير في امتدادات (انضمام) أخرى. الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وآخرون، يبررون ذلك بأنه قبل أي دمج جديد، يجب علينا تحسين تكاملنا وعملنا كاتحاد. وأنا أتفق مع هذا التحليل، ولكن اختلف مع الوتيرة/الإيقاع، لأنه يمكننا العمل على المسألتين بشكل مواز: العمل من منظور أوروبي موجه صوب غرب البلقان، مع العمل في الوقت نفسه على تحسين قدراتنا، على سبيل المثال، اتخاذ قرارات سريعة في السياسة خارج. لهذا سوف تقوم المفوضية الأوروبية هذه السنة بتقديم قائمة من المقترحات لتغيير قانون اتخاذ القرارات بالإجماع ليحل محله قانون الأغلبية المشروطة، بهدف نقل  تدريجيا الاتحاد الأوروبي، باللغة السياسية، من دافع عالمي للثمن (global payer ) ، إلى لاعب عالمي (global player ). نحن أكبر كتلة اقتصادية في العالم، لكن علينا تجسيد هذه القوة من الناحية السياسية بالعمل، وليس ردود الأفعال. لهذا نحن بحاجة إلى القدرة على اتخاذ قرارات سريعة.

  يبدو أن الاستفتاءات، منذ مشاورات المصادقة على الدستور الأوروبي منذ قبل 13 عاما، مرورا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت)، والتشاور الأخير في رومانيا حول زواج المثليين، تتحول دائماً إلى مشكلة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. هل هذا يحدث لأن الشعبوية هيمنت عليها؟

الاستفتاءات ليست مشكلة في حد ذاتها، بل واحدة من أدوات الديمقراطية. أكثر من ذلك، ليس علينا فقط، احترام الاستفتاء، بل علينا أن نعززه، لأنه يعبر عن الإرادة المباشرة للشعب. علاوة على ذلك، فنتائج الاستفتاء في رومانيا لا تتعارض مع الاتحاد الأوروبي، بل كانت إيجابية (اعتبر الاستفتاء باطلاً لعدم تحقيق الحد الأدنى المطلوب من المشاركة).

 عفوا. نحن نتحدث عن مؤسسات عضو في الاتحاد الأوروبي تخضع حظر الزواج المثلي للاستفتاء. هل هذا يمكن اعتبار ذلك إيجابيا؟

إنه توجه عام. فهناك ارتفاع متزايد للأحزاب الشعبوية، بعضها جزء من الحكومات. إنه أمر واقع وعلينا التعامل معه. الرئيس جان كلود جونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، محق عندما يقول إنه علينا الوقوف ضد الشعوبية. في الحقيقة، هناك أغلبية صامتة، وهذه الأغلبية عليها أن تُسمع صوتها، لأنه لا يمكننا السماح بالمزيد من المواقف والشعارات والدعاية الشعوبية. وهنا يحضرني مثال لا أكلّ ولا أمل من ترديده: « الانهيار الأخير للجسر [موراندي] في جنوة الإيطالية ». قبل عامين، كانت هناك نقاشات حول الحاجة إلى تشييد طريق سيار جديدة لأن هذا الجسر كان على حافة الانهيار. لكن في عام 2014، قال بيبي غريللو، زعيم حركة 5 نجوم الإيطالية (المتمردة)، إن خبر انهيار الجسر مجرد أخبار وهمية (fake news)، وإن الأمر محاولة لتغليط الرأي العام عبر الشائعات. لهذا، على حد علمي لم يساهم أي مد شعبوي بأي شيء إيجابي، أو أنتج شيئًا ما، باستثناء الكثير من الدمار.

هل تعتقد أن القوى الأوروبية تبالغ فيه عندما تتحدث عن خطر روسي يسعى إلى إحداث حالة من اللاستقرار في الاتحاد الأوروبي؟

هناك أدلة على وجود محاولات للتأثير على بعض القرارات السياسية في الانتخابات. لكن يمكنني القول إن محاولات التأثير هذه لا تأتي من روسيا وحدها، بل أيضا من قوى أخرى، ومن مؤسسات، وحتى من أشخاص تلقوا رشاوى مقابل ذلك. هناك، مثلا، قرية في مقدونيا [فيليس] حيث كان لمجموعة من الهاكرس تأثير كبير على قضايا على نطاق عالمي. لهذا ينبغي أن يكون الناس أكثر دراية بكيفية استخدام وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي