«باديس».. قصة مستنقع غرق فيه العلمي -روبورتاج

14 ديسمبر 2018 - 18:02

بعد مرور أزيد من أربع سنوات على خروج فضيحة “باديس”، الوجه الآخر لنكبة مدينة الحسيمة، إلى العلن، عقب إعطاء الملك أوامره صيف 2014 بالتحقيق في اختلالات هذا المشروع السكني، تجري في الـ25 من الشهر الجاري بغرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة جرائم الأموال بفاس، أطوار جلسة الحسم في محاكمة أنس العلمي، المدير العام السابق لـCDG، وزميله علي غنام، المدير السابق للذراع العقاري للدولة CGI، وبقية المتهمين من بينهم عدد من أطر صندوق الإيداع والتدبير وكبار المقاولين ومكاتب الدراسات والمراقبة.

بين تاريخ خروج فضيحة “باديس” للعلن في صيف 2014، بعد أن نجح شباب من الجالية المغربية في الوصول إلى الملك وهو يمارس رياضة “الجيتسكي” بشاطئ الحسيمة، وسلموه ملفا عن حالة الشقق التي اقتنتها عائلاتهم بالمجمع السكني لـCDG بالحسيمة، (بين) هذا التاريخ وتاريخ انطلاق الأبحاث والتحقيقات التي أمر بها الملك في شتنبر 2014، مرت حتى الآن أزيد من 4 سنوات قضاها ملف “باديس” بغرفة جرائم الأموال، فما الذي حصل خلال هذه المدة؟

أصل الحكاية

تفجرت فضيحة المجمع السكني “لباديس” بمدينة الحسيمة، إثر شكايات متعددة سلمها مهاجرون مقيمون في كل من هولندا وبلجيكا إلى الملك محمد السادس أثناء قضائه عطلته الصيفية في غشت 2014 في المدينة المتوسطية، أعقبها زلزال حقيقي عاشته مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، بعد أن طلب الملك من المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير، أنس العلمي، تقديم تفسيرات لأسباب تعثر المشروع ولجوء المستفيدين منه إلى الشكوى للملك وكشف المستور.

وكانت من نتائج الغضبة الملكية ضد مسؤولي إمبراطورية الـCDG، تشكيل لجنة مختلطة لوزارتي الداخلية والمالية بأوامر ملكية، أنيط بها إجراء أبحاث وافتحاص أولي لحالة شقق المشروع السكني “باديس” بالحسيمة، والتي كانت موضوع الملاحظات المثارة أمام الملك من قبل أفراد الجالية المغربية المتضررين خلال لقائهم بالملك بالحسيمة، حيث انكبت هذه الأبحاث على المدة الزمنية الفاصلة ما بين التسليم المؤقت للشقق في دجنبر 2011، حتى التسليم النهائي في شهر أبريل 2013، ولجوء 
جل مالكي شقق القطب الحضري “باديس” بالحسيمة، خلال شهر غشت من نفس السنة، إلى توجيه شكايات إلى الشركة العامة العقارية الـ”CGI”، وإشعارها بالعيوب والاختلالات التي لاحظوها على شققهم.

بعد أيام قليلة عن الغضبة الملكية ضد الـ”CDG” في صيف 2014، صدرت أوامر عليا لفتح تحقيقات في “فضيحة باديس”، حيث سارع الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، في الـ22 من شهر غشت 2014، إلى تكليف عناصر المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، إلى إجراء بحث دقيق حول شكايات مالكي الشقق بالمجمع السكني “باديس” بالحسيمة، حيث استمعوا حينها لعشرين متضررا، من بينهم أربع نساء، أغلبهم مهاجرون يقيمون بهولندا وبلجيكا، سبق لبعضهم أن زاروا في غضون سنة 2010، معرضا مغربيا للعقار بمدينة بروكسيل ببلجيكا، وهناك تعرفوا على مشروع المجمع السكني “باديس”، من خلال المجسم الخاص والذي عرضته الشركة العامة العقارية CGI بطريقة سالت لها لعاب المهاجرين المغاربة، مما دفع الكثير منهم إلى اقتناء شقق، سرعان ما تحولت خلال معاينتهم لها على أرض الحسيمة إلى كابوس حقيقي.

هذا وأجمع المتضررون في تصريحاتهم للمحققين بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية وكذا خلال تقديم شهاداتهم أمام قاضي التحقيق وجلسات محاكمة المتهمين في قضية “باديس”، (أجمعوا) على أنهم فوجئوا خلال استلامهم لشققهم، بأنها شابتها عيوب ترتبط بأشغال البناء، حصروها في الترصيص والكهرباء والصباغة وحالة شبكة قنوات صرف مياه التنظيف، حيث تنتشر بالشقق الروائح الكريهة، فيما شابت أشغال التزيين عيوب كثيرة، منها عملية تبليط أرضية الشقق، باستعمال “زليج” وخشب من النوع الرديء، وافتقار المجمع السكني لمرآب خاص بالسيارات، كما هو مبين في كناش التحملات والتصميم الهيكلي، حيث أرفق المشتكون تصريحاتهم، بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تظهر ما رصدوه من عيوب بالشقق التي اقتنوها من “السي- جي- إي”.

أدلة الخبراء

يمتد القطب الحضري “باديس”، على مساحة تقدر بـ54 هكتارا، تمت تهيئته على شكل 119 بقعة أرضية، مخصصة لبناء فيلات، و18 بقعة أرضية لبناء عمارات مكونة من طابق سفلي وطابقين، بالإضافة إلى 103 بقعة أرضية مخصصة لبناء عمارات مكونة من طابق سفلي وثلاثة طوابق، و91 قطعة أرضية أخرى لبناء عمارات مكونة من طابق أرضي وأربعة طوابق وقطعتين تم تخصيصهما من أجل الإيواء الاجتماعي، تضم طابقا سفليا وأربعة طوابق، وأربعة تجهيزات سياحية و12 من التجهيزات الاجتماعية ومساحات ومناطق خضراء.

اللجنة المختلطة لوزارتي الداخلية والمالية على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، والتي أناط بها الملك محمد السادس، مهمة الافتحاص الأولي لتظلمات المتضررين، انتهت إلى رصد 18 خللا بشقق القطب الحضري “باديس” بالحسيمة، همت الجوانب التقنية والإدارية والمالية، من أهمها، بحسب ما ورد في التقرير، عدم احترام هياكل البنايات المنجزة لموقع المجمع السكني المصنف بمدينة الحسيمة ضمن المناطق المهددة بهزات أرضية، تستلزم اتخاذ احتياطات تقنية تخص طبيعة البنايات بهذا الموقع، فضلا عن تحديد الشركة العامة العقارية لأثمنة البيع بالنسبة للمتر المربع للشقة في 9693,64 درهما في المتوسط، بتكلفة قدرها 6955,48 درهما للمتر المربع، أي بهامش إجمالي قدره 2738,16 درهما، يمثل 39,4 بالمائة من هذه التكلفة، في حين أن الشركة العامة العقارية، بحسب ملخص نتائج افتحاص المفتشية العامة للمالية، التزمت بإنجاز مساكن ذات جودة، مما ترتب عنها زيادة إجمالية في التكلفة قدرها 28,86 مليون درهم.  وفي الجانب المتعلق بنتائج تحليل الوثائق المالية والتقنية والتعاقدية للشطر الأول من مشروع “‘باديس” بمدينة الحسيمة، ومدى مطابقتها لدفتر التحملات وبيانات الحسابات المؤقتة وتقارير الخبرة التي أجريت على الأوراش الكبرى للمشروع من قبل المختبر العمومي للتجارب والدراسات LPEE، فقد أفضت دراسة هذه الوثائق والتي تسلمها المحققون بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية من الشركة العامة العقارية، إلى تقديم مستنتجات صنفها المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ضمن خانة “اختلاس أموال عمومية”، حيث كشفت معاينة المحققين، بأن قيمة الصفقة بدفتر التحملات للأوراش الكبرى “Gros Oeuvres” والملحقات الثلاثة للورش، بلغت 63.536.853,94 درهما، وأن قيمة بيانات الحسابات المؤقتةles décomptes provisoires، حددت في 36.115.665,51 درهما، في حين بلغت القيمة المؤداة فعليا من قبل الـCGI لفائدة المتدخلين في المشروع، 33.880.310,21 درهما، فيما رصد المحققون قيمة التجاوز في المبالغ المؤداة “Dépassements” في مبلغ 2.481.095,52 درهما، وهو تجاوز محتسب ببيان الحساب القابل للأداء. وخلص المحققون في تقاريرهم المحاسباتية، إلى أنه بعد خصم قيمة الصفقة الخاصة بالمشروع، زائد قيمة الملحقات الثلاثة لنفس الورش، من المبلغ الذي أدته الشركة العامة العقارية، لفائدة الشركة التي أنجزت أشغال البناء الكبرى، UNIVERS BAT، والمحدد في 1.489.838,70 درهما، يظهر أن المبلغ المؤدى ليس له أي سند، وأن الـCGI عجزت عن تفسيرها لصرفه لفائدة الشركة صاحبة الأشغال، مما اعتبره المحققون تجاوزا من الشركة العامة العقارية، والتي تصرفت في أموال عمومية 
غير قابلة للتفويت، وقامت بزيادة كمية من مواد البناء على الكمية المحددة في دفتر التحملات، فيما حرص المحققون على تضمين محاضرهم المعززة بتقارير ثلاث لجن خبرة مختصة، استحالة تقييم المبلغ المبدد لكون المواد الضعيفة الجودة والتي استعملت في المباني، لا يمكن عزلها وتقييمها لتحديد قيمتها الحقيقية، ومقارنتها بالأثمنة المؤداة بموجب بيانات الأداء.

أجوبة العلمي وغنام

في أول مواجهة حامية أمام المحكمة، جرت خلال جلسة الثالث من شهر أبريل الماضي، ما بين أنس العلمي المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير، وزميله علي غنام المدير العام السابق للذراع العقاري لـCDG، والمتابعين بلائحة من التهم الثقيلة، منها “جناية اختلاس وتبديد أموال عمومية”، و”جناية المشاركة في تزوير محررات رسمية واستعمالها”، و”جنحة التصرف في أموال عمومية غير قابلة للتفويت”، واجه رئيس غرفة الجنايات بمحكمة جرائم الأموال بفاس المتهمين الرئيسيين في الملف، العلمي وغنام بتقارير ثلاث لجان حول فضيحة المشروع السكني “باديس” بالحسيمة، منها تقرير اللجنة المختلطة لوزارتي الداخلية والمالية على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، وتقرير المفتشية العامة للمالية والمختبر العمومي LPEE، حيث وجد المتهمان صعوبات كبيرة في الرد على هذه التقارير، فيما تباينت أجوبتهما بعد أن تبادلا الاتهامات خلال هذه المواجهة الحامية أمام المحكمة.

أنس العلمي، المدير العام السابق لـCDG، اكتفى بالتصريح أمام المحكمة، بأنه عندما كان يرأس مجلس إدارة الشركة العامة العقارية، الذراع العقاري لـCDG، فإن مهمته كانت تقتصر على وضع البرامج العامة والاستراتيجيات الكبرى، ولا يتتبع الأشغال في جزئياتها، حيث أكد بأن ملف “باديس” كان بيد علي غنام المسؤول عن الـCGI منذ نهاية شهر مارس 2010، وأنه علم بوجود اختلالات في المشروع عقب خروجها إلى العلن صيف 2014 ووصولها إلى الملك. والمثير في تصريحات العلمي أمام المحكمة، هو اعترافه أمامها بأن ذاكرته لا تحتفظ سوى بالقيمة المالية للمشروع المحددة في 754.673.959,00 درهم، والتي اطلع عليها خلال تقديم علي غنام للمشروع أمام لجنة الالتزامات والاستثمارات التابعة لـCDG، مشددا على أنه لا يتذكر واقعة مراجعة القيمة الإجمالية للاستثمار الخاص بمشروع “باديس” بمدينة الحسيمة، كما نفى علمه بقرار بيع جزء من هذا المشروع على شكل بقع أرضية، بلغت 35 بقعة للمنعشين العقارين الخواص بشكل خالف العقد المبرم مع شركة العمران، وهو الأمر الذي بلغ إلى مسامعه، كما قال العلمي، عن طريق سلطات مدينة الحسيمة والتي اعترضت حينها على العملية لعدم قانونيتها، وهو ما نفاه علي غنام حين رد بأن العلمي كان على علم بالموضوع باعتباره رئيسه المباشر، فيما برأ المدير العام السابق لـCDG ذمته، من الاختلالات التي عرفتها الأشغال منذ بدايتها، كما أنكر مسؤوليته في بيع وتسويق شقق و”فيلات” مشروع “باديس”، حيث رمى بالمسؤولية على الشركة العامة العقارية والمصالح التابعة لها، باعتبارها الجهة المخول لها تحديد أثمنه البيع. من جهته، قدم محمد علي غنام، المدير العام السابق للشركة العامة العقارية، روايته التي أكد فيها بأن الـCGI قررت في ماي 2008 إنجاز مشروع “باديس” بالحسيمة على مساحة 54 هكتارا، بناء على اتفاق موقع ما بين الشركة العامة العقارية وشركة العمران، حيث نفى غنام علمه هو الآخر بالظروف التي تم فيها هذا الاتفاق، بحجة أنه لم ينضم وقتها بعد للعمل بالـCGI، والتي حل بها في ماي 2010، حيث وجد ملف “باديس” على مكتبه، وعليه موافقة المجلس الإداري للشركة العامة العقارية الذي يرأسه العلمي ولجنة دراسة الجدوى Bisness Plan، والتي حددت نسبة الربح الخام للمشروع في 23 بالمائة، أي ما يناهز 12 بالمائة من الأرباح الصافية.

وفاجأ غنام المحكمة وزميله العلمي، بتهربه من تحمل مسؤولية اختلالات “باديس” وفضائحها المالية، حيث قال إن مهمته كمدير عام للشركة العامة العقارية، تتجلى في إنجاز المشروع داخل الآجال المحددة في ثلاث سنوات، وحرصه على تتبع الميزانية العامة للمشروع وتسويقه بشكل جيد، وتحقيق رقم المعاملات والمردودية المطلوبة، وتعيين مكاتب الدراسات وتتبع الأشغال المتعاقد معها، إضافة إلى إشرافه على مصلحة ما بعد البيع، والتي أناط بها، كما قال علي غنام، معالجة شكايات الزبناء، مشددا على أنه تدخل في عدد من التظلمات، وقام عن طريق المتدخلين في المشروع، بمعالجة عدد من المشاكل المتعلقة بالشطر الأول من تسليم 122 شقة و22 محلا تجاريا.

الشركات وأطر الـCDG وجها لوجه مع LPEE

بعد المواجهة الحامية التي تفجرت خلال مرحلة التحقيق ما بين ممثلي الشركات الخاصة التي تدخلت في الأشغال، وما بين أطر الـCDG والـCGI المتهمين معهم في هذا الملف، يتقدمهم كريم زايز، مدير المشاريع السابق بالحسيمة والمدير الحالي للمشاريع بالإدارة الجهوية للشركة بمراكش، ونجيب الرحيلة، المدير المنتدب بقطب التنمية، بالإضافة إلى محمد أمراح المدير السابق لمشاريع الشركة العامة العقارية بالشمال، وسلفه الإطار السابق إبراهيم اشطيبي، ونبيل محراث رئيس الورش، (بعد المواجهة) وتبادلهم للاتهامات بخصوص الاختلالات التي رصدتها قضاة جطو واللجنة المختلطة لوزارتي الداخلية والمالية على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، اختار المتهمون خلال جلسات محاكمتهم أمام غرفة جرائم الأموال، توحيد كلمتهم في مواجهة المختبر العمومي للأبحاث والدراسات، والذي تسبب تقريره للخبرة في توجيه التهم الجنائية باختلاس أموال عمومية لأنس العلمي وبقية المتهمين الـ.26

آخر ما توقفت عنده جلسات محاكمة المتهمين في أكبر ملف على طاولة جرائم الأموال، هو القرار الذي أعلن عنه القاضي محمد اللحية رئيس غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة جرائم الأموال بفاس، بعد انتهائه بجلسة الثلاثاء ما قبل الأخير، من استنطاق للمتهمين الـ27 واستماعه للشهود، (قرر) بطلب من دفاع أنس العلمي ومن معه، استدعاء الممثل القانوني للمختبر العمومي للتجارب والدراسات LPEE، عبد الله فكري الذي أشرف بطلب من قضاة جطو، على إنجاز تقرير حول اختلالات مشروع “باديس” والذي أمر الملك بالتحقيق فيه، حيث ينتظر بأن تستمع المحكمة إليه كشاهد رئيس في هذه القضية، بجلسة الـ25 من شهر دجنبر الجاري.

المواجهة الحاسمة المنتظرة ما بين المتهمين من أطر الـCDG، مؤازرين بممثلي الشركات التي أنجزت الأشغال من جهة، وما بين ممثل المختبر العمومي LPEE من جهة ثانية، ستدور بحسب ما كشفه مصدر قريب من الموضوع لـ”أخبار اليوم”، حول ما تضمنه تقرير المختبر العمومي بخصوص اختلالات تراوحت ما بين البناء في منطقة مهددة بالزلازل ومصنفة في الدرجة الثالثة من الخطورة بمدينة الحسيمة، وضعف مقاومة خرسانات هيكل البنايات لمقاومة الضغط، وعيوب أخرى في التزيين والتبليط، وهو ما قد يفجر مواجهة ساخنة ما بين ممثل المختبر العمومي LPEE، وأطر الـCDG، وممثلي الشركات الخاصة التي تدخلت في مشروع “باديس”، خصوصا أن المتهمين الـ27 في هذه القضية، سبق لهم خلال مثولهم أمام المحكمة بأن هاجموا بقوة “مختبر الدولة”، وانتقدوا كما قالوا تقمصه لدور الحكم والخصم في هذه القضية، حيث شددوا على أنهم خضعوا لأوامر المختبر العمومي LPEE في إنجاز الأشغال، وذلك بسبب العقدة التي جمعته مع الـCDG، والتي تفرض على المختبر العمومي مراقبة الأشغال والتأكد من جودتها منذ بدايتها حتى نهايتها، قبل أن يفاجأ المتهمون، بحسب تصريحاتهم للمحكمة، بمواجهتهم باتهامات تخص اختلالات وعيوب رصدها تقرير المختبر، والذي يعتبر هو أيضا طرفا فيها، مما يستوجب، كما قال المتهمون من أطر “السي- دي – جي” والشركات الكبرى الخاصة بجلسة محاكمتهم في السابع من شهر نونبر الماضي، بأن يكون المختبر العمومي هو أيضا ضمن لائحة المتهمين.

أين المبلغ المختلس؟

يواجه أنس العلمي وعلي غنام وبقية أطر الـCDG وممثلو الشركات الكبرى التي تدخلت في المجمع السكني “باديس” بالحسيمة، (يواجهون) تهما خطيرة تخص “اختلاس وتبديد أموال عمومية”، و”تزوير محررات رسمية واستعمالها مع التصرف في أموال غير قابلة للتفويت”، وذلك بعد أن رصدت لجان التحقيق خروقات تخص تحديد الشركة العامة العقارية لأثمنة بيع شقق “باديس”بـ 9693,64 درهما للمتر المربع الواحد في المتوسط، بتكلفة قدرها 6955,48 درهما للمتر المربع، أي بهامش إجمالي قدره 2738,16 درهما، في حين أن الشركة العامة العقارية، حسب ملخص نتائج افتحاص المفتشية العامة للمالية على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، التزمت بإنجاز مساكن ذات جودة عالية، وهو ما ترتبت عنه زيادة إجمالية في التكلفة قدرها 28,86 مليون درهم. وفي الجانب المتعلق بنتائج تحليل الوثائق المالية، تحدثت أبحاث المحققين وتقارير لجان الخبرة المختصة عن وجود عملية «اختلاس للمال العام»، حددته تقارير المحققين وعمليات افتحاص قضاة جطو في 1.489.838,70 درهما، وهو الفارق الذي عجزت الـCGI في تفسيره، بعد خصم قيمة الصفقة المحددة في 32.390.471,51 درهما، من القيمة المؤداة فعليا من قبل الـCGI لفائدة الشركة التي أنجزت أشغال البناء الكبرى “UNIVERS BAT”، والمقدرة بالدرهم في 33.880.310,21، فيما كشفت محاضر المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي تكلفت بإجراء البحث في فضيحة “باديس” بعد أن أمر الملك بالتحقيق فيها، (كشفت) بأن الأبحاث التي باشرتها، أظهرت وجود نموذج إجرامي فريد في هذه القضية، يقوم على آليتين؛ هما «الاختلاس» و«تغطية المبلغ المختلس»، حتى لا تكون له أي انعكاسات على التوازن المالي لإمبراطورية الـCDG على عهد أنس العلمي، وذلك بتعويض المبلغ المختلس بأموال الزبناء الذين اقتنوا الشقق. وحسب استنتاجات المحققين، فإن ثمن المتر المربع الواحد للشقة في مشروع «باديس» تراوح ما بين تسعة آلاف درهم وعشرة آلاف درهم، وهذا المبلغ يغطي كلفة المشروع والمبالغ المختلسة في مراحل بنائه، مما جعل ثمن البيع أكبر بكثير من التكلفة المالية المحددة في كناش التحملات، تورد محاضر المحققين.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

علال كبور منذ 5 سنوات

هناك رموز فساد سلطوي وسياسي كبار سيطوى الملف سريعا ببراءة وسراح

التالي