8 سنوات على الربيع العربي..أكاديميون من المغرب ودول الجوار يقيمون الوضع الحالي بخلاصة واحدة: "النكوص"! 

17 فبراير 2019 - 11:59

تونس- اليوم24

مثلت “التحولات السياسية في المغرب العربي: الحصيلة والآفاق”، محور أعمال اليوم الدراسي الذي انطلق أمس السبت، ويستمر إلى غاية اليوم الأحد، بمدينة الحمامات من ولاية نابل، بمبادرة من مركز الدراسات المتوسطية والدولية بتونس، بالتعاون مع “مركز الجزيرة للدراسات”، وبمشاركة عدد من الباحثين والمختصين في الشؤون السياسية من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا.

وأجمع المشاركون في أشغال الجلسة الافتتاحية، على أنه بلدان المغرب العربي تعيش حالة « نكوص بعد مرور ثمان سنوات على الربيع العربي »، حيث أجمعت كل المداخلات على أن هذه البلدان تعيش حالة « ردة »، مؤكدين أن الدساتير كرست الديمقراطية والحريّة، غير أن التعامل معها لم يكن في مستوى طموح التأسيس عقب ثورات الربيع العربي.

المشاركون في الملتقى أجمعوا الحاجة على الحاجة إلى استنباط خطط وبرامج فعلية قادرة على تفعيل مؤسسات إتحاد المغرب، بما يجعله فضاء حقيقيا للتعاون والشراكة قادرا على تحقيق الازدهار والرفاه للبلدان المغاربية وشعوبها، وعلى مجابهة التكتلات الإقليمة والدولية ومنافستها.

وأبرز متدخلون ضرورة إيلاء الأهمية اللازمة لدور مكونات المجتمع المدني والسياسيين في الضغط على الحكومات، ودفعها لتفعيل إتحاد المغرب العربي وتجاوز العوائق التي تحول اضطلاعه بالدور الموكول له.

المغرب..المالكي: البلاد بقيت مشدودة إلى نزعتين..الأولى تسعى إلى التغيير فيما الثانية تدفع في اتجاه تكريس « المحافظة » والعودة إلى الوراء »

قال امحمد المالكي، أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، إن تقييم الأوضاع في المغرب بعد مرور ثمان سنوات على الربيع العربي، يحيل إلى قراءتين، إحداهما تؤكد أن المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال الإصلاح، وأن البلاد في حاجة إلى المزيد من الوقت لتعميق هذا الإصلاح، استنادا إلى تجارب عاشتها دول أخرى في التاريخ، فيما القراءة الثانية، وهي نقدية، تؤكد، خلافا للأولى، أن المغرب كان بإمكانه تعميق الإصلاح، لكن شريطة توفر إرادة جريئة تصوغ نموذجا تنمويا جديدا.

وقال أستاذ القانون العام، خلال مشاركته في ندوة نظمها مركز الجزيرة للأبحاث والدراسات، في تونس، اليوم السبت، تحت عنوان: « التحولات السياسية في المغرب العربي: الحصيلة والآفاق »، أن المغرب، خلال الثلاث سنوات الأخيرة كان « ممكنا أن يذهب بعيدا في مجال الحريات »، إلا أنه وخلافا لذلك، يضيف « بدأنا نحس بأن هناك نكوصا ».

وعاد المالكي إلى الرجة التي خلقتها حركة 20 فبراير، عقب خروجها إلى الشوارع، في سياق ثروات الربيع العربي التي اجتاحت عددا من الطول العربية في 2011، مؤكدا أن فكرة الإصلاح، في تلك الفترة، طرحت من قبل المؤسسة الملكية، وذلك، يضيف « في ظرف موضوعي للتجاوب مع مطالب الحركة ».
وحدد المتحدث مرتكزات الإصلاح التي اعتمدت وقتها في « مصاحبة الاحتجاجات، واستعادة الملكية البرلمانية المبادرة في توجيه الحراك، فضلا عن اعتماد منهجية تشاركية ». لكن هل تم فعلا الإصلاح؟!

في الجواب على هذا السؤال، يؤكد الأستاذ امحمد المالكي أن تحقيق الإصلاح يحتاج إلى متطلبات، منها « احترام الحريات الأساسية، والتناوب على السلطة، والفصل بين السلط ».
وأكد في هذا السياق أن المغرب « بقي مشدودا إلى نزعتين، الأولى تسعى إلى التغيير، فيما الثانية تدفع في اتجاه تكريس « المحافظة » والعودة إلى الوراء »، وبالتالي، يؤكد فإن « تأصيل التغيير لم يحدث، وانعكس على التفعيل ».

وفي تقييمه للوضع الحالي، أكد الأستاذ أمحمد المالكي أن « المغرب بقي سجين العديد من الإكراهات، منها بلقنة المشهد الحزبي، وخلق مجتمع سياسي مأزوم من حيث الفعل، وعسر في الأداء الحزبي، بحيث تحولت الأحزاب إلى « ماكينات » انتخابية، هجرتها النخب، ولا تقوم بدورها في التأطير والوساطة، إلى جانب « إعاقة » اقتصادية »، ما أدى، برأيه إلى « مفارقة في البلاد بين التحديث والنتائج ».

تونس..إدريس: الشعب لم تعد له الثقة لإعطاء مشروعية لمخرجات الإصلاح 

وبالنسبة لتونس، قال الدكتور أحمد إدريس، الرئيس والمدير التنفيذي لمركز الدراسات المتوسطية والدولية في تونس، ومدير معهد تونس للسياسة، إن بلاده عرفت ثلاث مراحل انتخابية هامة منذ سنة 2011، رئاسية وبرلمانية وبلدية، وهو ما يؤكد أن الانتقال الديمقراطي حصل فعلا في البلاد، لكنه لم ينته، مشيرا إلى أن الدستور كرس الديمقراطية والحريّة، غير أن التعامل مع هذا الدستور لم يكن في مستوى طموح التأسيس.

وشدد المتحدث ذاته، خلال مداخلته، ضمن أشغال اليوم الأولى من الملتقى، على أن هناك هوة كبيرة بين واقع النص كما صيغ، وبين التطبيق.
وعن أسباب تخبط المؤسسات القائمة، يرى أحمد إدريس، أن السبب قد يكون « لما عرفته تونس من استقطاب لا يسمح للمؤسسات أن تبنى بشكل موضوعي »، إضافة إلى « وجود أحزاب هشة، وهو ما لا يسمح بأن تفعل كل ما جاء في الدستور ».

وتبعا لذلك، فإن الشعب، يقول أحمد إدريس، فإن الشعب لم تعد له الثقة لإعطاء مشروعية لمخرجات الإصلاح السياسي، بالنظر إلى هشاشة الدولة واعتمادها على فاعلين لا يطبقون القاعدة القانونية، وإنما مصلحتهم، والنتيجة هي « إضعاف الدولة وفقدان الثقة »، على حد تعبيره.

موريتانيا…منصور: « في تونس السقف مرفوع وفي المغرب معروف..أما في موريتانيا والجزائر فلا هو مرفوع ولا معروف »

« الآن هناك حاجة إلى حركة إصلاحية بنفس ثوري »، هكذا بدأ محمد جميل منصور، القيادي في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل »، والنائب السابق في البرلماني الموريتاني، مداخلته في موضوع تقييم 8 سنوات على الربيع العربي، مؤكدا أن الفترة كافية للتقييم.

وقال المتحدث في سياق تقييمه لنتائج الربيع العربي في دول المغرب العربي إن « تونس كانت أول البادئين وآخر العاضين، والمغرب أول الفاهمين وأسرع المتكيفين، والجزائر بين ثقل الماضي والخوف من الحاضر، فيما ليبيا أول الدافعين للثمن الباهض وأكبر الخاسرين ».

أما بالنسبة لبلاده موريتانيا، فيقول إن « البلاد لم تكن تعيش استبدادا كما هو الحال بالنسبة لدول المغرب العربي »، وأنه « كان هناك انفراجا وتحكمت في مخرجات العملية الديمقراطية »، مشيرا إلى أن « الجيش في موريتانيا هو منتج للسلطة، وعمليا يتحول إلى جيش السلطة، وهذه الوضعية ساهمت في إقرار التحكم ».

وشدد المتحدث على أن « الربيع العربي ترك تأثيرا غير مباشر، من خلال انفتاح متحكم فيه أدارته السلطة مع المعارضة المتحكم فيها ». وخلص « مشكلتنا في موريتانيا والجزائر وليبيا عدم وضوح السقف، عكس تونس التي فيها السقف مرفوع، بينما في المغرب معروف ». وزاد « في موريتانيا والجزائر لا هو مرفوع ولا معروف ».

الجزائر..بشير: « البلاد تعيش حالة ارتداد… النظام أقفل كل الأبواب »

النظرة التشاؤمية عن وضعية ما بعد الربيع العربي، عكسها ممثل الجزائر جازما في تدخله، بأن البلاد تعيش حالة ارتداد.
محمد سي بشير، الأستاذ الجامعي في المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر شدد على أن حالة الارتداد تعكسها 5 نقاط، موزعة بين الصورتين الأمنية والريعية، بحيث أن النظام سد كل الأبواب وحصر السلطة بين مؤسسة الرئاسة والجيش ورجال الأعمال.

ودعا المتحدث إلى ضرورة إعادة صناعة الوعي، مؤكدا أن هناك دائما فسحة للأمل لأن الاستبداد ليس « دائما »، على حد تعبيره.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي