وزارة الداخلية تمدد لشركة إسبانية للنقل بمراكش سنة إضافية

19 مارس 2019 - 23:01

رغم التقرير الصادم للمجلس الأعلى للحسابات حول أعطاب قطاع النقل الحضري بمراكش، أذِنت وزارة الداخلية لوالي مراكش، كريم قاسي لحلو، مؤخرا، بتمديد عقدة التدبير المفوض للنقل الحضري المبرم مع الشركة الإسبانية “مجموعة ألزا للنقل”، لمدة سنة إضافية تبدأ من نهاية شهر يونيو المقبل.

وقد كان مبرمجا أن تجرى صفقة عمومية لتدبير النقل الحضري بالمدينة، في شهر فبراير المنصرم، وهي الصفقة التي تقدمت للتنافس عليها كل من شركتي “ألزا” و”مدينة بيس”، التي كانت فائزة بصفقة النقل الحضري بواسطة الحافلات بالدار البيضاء، قبل أن يتقرّر إرجاء إبرامها.

مصدر مسؤول أكد لـ “أخبار اليوم” بأن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، علّل إذنه لوالي جهة مراكش ـ آسفي/عامل مراكش، في إطار ممارسته لصلاحياته التي تدخل في إطار الحرص على استمرار المرفق العام، بعد أن كان والي الجهة طالب كلا من المجلس الجماعي لمراكش ومجلس الجهة بتعديل القانون الأساسي لشركة “سيتي بيس المتجددة”، التي تتولى الإشراف على النقل الحضري والشبه الحضري بالمدينة، والتي تم إحداثها بشراكة بين بلدية مراكش وجهة مراكش ـ آسفي.

وأرجع المصدر نفسه التمديد لإفساح المجال أمام كل من مجلسي الجهة والبلدية للتداول في شأن التعديلات المذكورة، والتصويت على مقرّرين متعلقين بها، في دورتيهما الأخيرتين، وإحالتهما، بعد ذلك، على سلطات الوصاية، من أجل المصادقة عليهما.

من جهته، رجّح مصدر مطلع بأن يكون قرار وزارة الداخلية راجعا إلى عدم قبولها للتعديلات التي طرأت على دفتر التحملات الخاص بالصفقة، والتي أوضح بأنها تتعلق بتخفيض التجربة المطلوبة في الشركة المفترض فوزها بالصفقة من 30 إلى 10 سنوات، وحذف شرط متعلق بحصول الشركة المتقدمة للتنافس على شهادة دولية للجودة، ناهيك عن تخفيض عدد الحافلات المطلوب توفر الشركة عليها من 130 إلى 80 حافلة.

وقد كانت الشركة نفسها استفادت من تمديد سابق لعقد الامتياز لمدة 5 سنوات (من تاريخ انتهاء مدة العقد الأصلي في فاتح يوليوز من 2014 إلى 30 يونيو من 2019)، بناءً على طلب وجّهه مدير الشركة إلى العمدة السابقة للمدينة، بتاريخ 10 ماي من 2010، التزم فيه بتجديد أسطول النقل من خلال شراء 81 حافلة جديدة، وهو الطلب الذي أحاله العمدة على المجلس، الذي صادق بالإجماع، خلال دورته العادية المنعقدة في أكتوبر من السنة نفسها، على تمديد العقد مقابل مقتضيات غير واضحة، وهي “تعزيز وتجديد أسطول الحافلات” دون إعطاء تفاصيل عدد الحافلات التي يجب تجديدها سنويا، قبل أن تتنصل الشركة من التزاماتها، وتكتفي باقتناء 30 حافلة بين 2012 و2015.

هذا، وكان التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات أشار إلى “قدم وتهالك حافلات” الشركة الإسبانية، موضحا بأن 72 حافلة، من أصل 125، يتجاوز عمرها 10 سنوات، فيما لا يتعدى عدد الحافلات التي يقل عمرها عن أربع سنوات 24 حافلة.

وعلى إثر معاينة ميدانية أجراها قضاة المجلس الجهوي للحسابات بمراكش لـ 15 حافلة، تبين بأن الشركة لا تحترم معايير جودة خدمة النقل في بعض هذه الحافلات، التي لا تلائم حاجيات الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفتقد لصناديق الإسعاف الأولية، وتتجاوز طاقتها الاستيعابية، مما يتسبب في تأخيرات توقيت الوقوف.

ومن خلال تحليل معطيات تطور أسطول الشركة، سجل المجلس انخفاضا وعدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، إذ بلغ المعدل أقل من حافلة واحدة في السنة بين 2010 و2013.

أعطاب أخرى عرّتها المراقبة، فمصاريف صيانة وإصلاح الحافلات تعادل في المتوسط شراء 16 حافلة سنويا، فقد أبرمت “ألزا للنقل” عقدا مع شركة من فروع الشركة الأم تتولى بموجبه عمليات الصيانة وإصلاح الحافلات وتؤدي لها المستحقات شهريا، وقد بلغت هذه المصاريف خلال ست سنوات، بين 2010 و2015، 135.930.883 درهم (أكثر من 13 مليارا و590 مليون سنتيم) شهريا، وهو ما يعادل شراء 99 حافلة، على اعتبار بأن متوسط ثمن شراء حافلة واحدة، خلال الفترة نفسها، يصل إلى 135 مليون سنتيم.

واستنادا إلى التقرير نفسه، فقد خرقت الشركة، أيضا، الالتزامات المتعلقة بسلامة المسافرين الواردة في المادة 13 من دفتر التحملات، والتي تشدد على أن السائقين يجب أن تتوفر فيهم خبرة مهنية في مجال النقل لا تقل عن 5 سنوات، فيما كشف افتحاص لسيرهم الذاتية بأن 58 في المائة منهم لديهم أقل من 5 سنوات من الخبرة، بل إن 73 في المائة من هؤلاء لديهم فقط سنة واحدة أو أقل من الخبرة، كما أن معدل عمر السائقين لا يتجاوز 23 سنة.

المهمة الرقابية الثانية من نوعها التي خضعت لها الشركة، بعد مراقبة سابقة في 2008، أكدت بأن الشركة الإسبانية استفادت من المال العام، من خلال منح بلغ مجموعها 24349820 درهم (أكثر من ملياري و340 مليون سنتيم)، خلال أربع سنوات، تسلمتها من وزارة الداخلية، في بداية كل سنة دراسية، في إطار دعمها لصندوق إصلاح النقل الحضري، وإذا كانت الشركة التزمت بتوظيف المنح في اقتناء حافلات جديدة، إلا أنها لم ترسل للسلطات المحلية الإحصائيات الشهرية المتعلقة بعدد التذاكر المخفّضة والبطاقات المباعة، خارقة بذلك مقتضيات المادة 5 من الاتفاقية، كما أحدثت تغييرات على مستوى تركيبة رأسمالها دون موافقة مسبقة من الجهة المانحة للامتياز.

النقل شبه الحضري ليس أفضل حالا، فقد أورد التقرير العديد من الاختلالات التي تشوبه، من قبيل عدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، وعدم تطبيق الأسعار المنصوص عليها في المراجعات، وغياب دفاتر التحملات في بعض الأقاليم (إقليم الحوز نموذجا)، والتناقض بين دفاتر التحملات والاتفاقيات الخاصة بعقود الامتياز.

يذكر بأنه تم منح حق الامتياز الخاص بالنقل العمومي الحضري وشبه الحضري بمراكش لشركة مجموعة “ألزا”، التي تسيرها عبر شركتيها الفرعيتين: “ألزا للنقل” التي تأسست في 1999، والشركة المغربية لنقل المسافرين المكلفة بالنقل شبه الحضري، المحدثة في يونيو من 2001، بعد أن أبرمت المجموعة أربع اتفاقيات، واحدة مع إقليم الحوز، بتاريخ 27 فبراير من 2001، لربط جماعات الإقليم بالمدينة، واثنتان، بتاريخ 25 يوليوز من السنة نفسها، مع العمالتين السابقتين “المنارة” و”سيدي يوسف بنعلي”، والرابعة مبرمة مع إقليم شيشاوة في 2004، لاستغلال خط للنقل شبه الحضري بين شيشاوة ومراكش.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي