السعدي: الــبيجيدي حقق الثروة لــنـفسه فقط! -حوار

21 مارس 2019 - 23:43

يُحمّل محمد سعيد السعدي، القيادي السابق في حزب التقدم والاشتراكية، والوزير السابق في حكومة عبدالرحمان اليوسفي (1997-2002)، حكومة العدالة والتنمية مسؤولية تراجع مكتسبات المرأة بالمغرب.

 

بعد مرور أزيد من 20 سنة على وضع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، ما تقييمك لوضعية المرأة المغربية اليوم؟

لا شك أن وضعية المرأة المغربية تغيرت إلى حد ما في عدد من المجالات، سواء فيما يخص الوضع داخل الأسرة أو مكانة المرأة المغربية في الحياة العامة. إذ في ظرف 20 سنة تحققت العديد من المكاسب والإنجازات، والتي بدأت بقانون الأسرة الجديد سنة 2004، ثم تغيير قانون الجنسية الذي يضمن، أيضا، حق المرأة المغربية المتزوجة من أجنبي في منح جنسيتها لابنها، فضلا عن التغييرات في قانون الشغل لصالح المرأة، وكذا تفعيل المشاركة السياسية للمرأة التي أرى أنها تحسنت حتى وإن كانت لا ترقى إلى المستوى العالمي. عموما، كل الإنجازات في مجملها مرتبطة بالمجال القانوني. كما لا يجب أن ننسى التعديلات المهمة التي أقرها دستور 2011، خاصة الفصل 19، الذي يساوي بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا لم يكن في دستور 1996، الذي تضمن فقط، المساواة في ما يخص الحقوق السياسية، وبالتالي، الترسانة القانونية أصبحت أقل تمييزا، إلا أنه لازالت هناك بعض من مظاهر التمييز فيما يتعلق بقانون الأسرة والعمل، والمساواة في الأجور.

لكن، وبالرغم من هذه المكاسب، فإن المرأة المغربية اليوم، لم تربح رهان بلوغ مراكز القرار..

صحيح أن وصول المرأة إلى مراكز القرار محفوف بمصاعب كثيرة، والسبب أنه لا توجد مناصفة. فمثلا، يوجد 1180 منصب مسؤولية تقريبا يوجد بيد الحكومة، ورئيس الحكومة هو الذي بيده مهمة التعيين بعد دستور 2011، ولكن عدد النساء اللواتي جرى تعيينهن في مجالس الحكومة خجول جدا، حتى إننا نادرا ما نسمع بتعيين سيدة على رأس منصب رفيع المستوى.

لا يمكن أن ننكر أنه يوجد حيف أصلا على مستوى المشاركة السياسية للمرأة. فمثلا، يوجد فقط، 18 في المائة من مجموع عدد البرلمانيين هن نساء، فيما على المستوى العالمي نجد 23 في المائة. ثم لا ننكر أن هناك وجودا للنساء، أيضا، على مستوى الجماعات المحلية، وهذا أمر إيجابي، ولكنه لا يتعدى 12 في المائة من مجموع المنتخبين. إذن، لا يمكننا ضمان التحول دون أن تلعب المرأة المنتخبة دورها كاملا إلى جانب الرجل المنتخب.. من جهة أخرى، الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي يفضح التمييز المهول الذي تتعرض له، وعلى سبيل المثال نسبة مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية تراجعت من 27 في المائة، خلال هذه الألفية، إلى 22 في المائة، وهذا أمر مقلق جدا في الوقت الذي صارت فيه المرأة متعلمة، ونتائج الفتيات دائما ما تكون عالية مقارنة مع زملائها الذكور. هذا طبعا، يحيلنا إلى الجوانب الأخرى وأقصد السياسات العمومية المطبقة، إذ إلى أي مدى أخذت الحكومات المتعاقبة بعين الاعتبار المساواة، في ما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟

أفهم من كلامك أن حكومة الإسلاميين لم تستغل «bonus» تحقيق المناصفة وتمكين المرأة من بلوغ مراكز القرار الذي منحه إياه دستور 2011؟

هذا صحيح، وهو ما ينطبق على حكومة سعد الدين العثماني، أو حتى على سلفه عبدالإله بنكيران. فالوصول إلى مراكز القرار لا يهم فقط، الإدارة، بل، كذلك، القطاع الخاص، الذي يعاني خصاصا مهولا، خاصة وأن الاقتصاد المغربي مبني بالأساس على القطاع الخاص، فيما وضعية المرأة ووصولها إلى مراكز القرار داخل المقاولات والشركات نادرا ما نسمع به، وقلما نسمع عن مديرات ونساء أعمال. وعلى سبيل المثال، في بداية الألفية كن 4 في المائة وأظنها تحسنت اليوم، إذ وصلت إلى 10 في المائة، ورغم ذلك لازلنا بعيدين عن المناصفة باعتبارها المعيار الأساسي. وإذا ما اخترنا مجالس إدارة الشركات نلاحظ أن عددا قليلا جدا من النساء ممن ينتسبن إليها، وهذا سببه أنه ليس هناك قانون يحث ويرغم القطاع الخاص على إتاحة الفرصة للمرأة المغربية لكي ترتقي درجات المسؤولية في إطار المناصفة.

بالرجوع إلى الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، لماذا لم تنفذ في شموليتها؟

هذا سؤال وجيه لأن الخطة كما يتذكر المغاربة، كانت تشمل أربعة محاور رئيسة. أولها، الولوج، على قدر المساواة للفتاة والفتى، إلى التعليم والتربية، خاصة تمدرس الفتيات في القرى والمداشر. والثاني، مرتبط بالصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل. والثالث، مرتبط بالتمكين الاقتصادي ومحاربة تأنيث الفقر. والرابع، هو التمكين القانوني والسياسي. وفي هذا الصدد نسجل أن هناك تقدما نسبيا فيما يخص التمدرس، وحكومة التناوب قامت بعمل مهم في هذا المجال، بحيث ارتفعت نسبة تمدرس الفتيات في القرى، والتي تبلغ اليوم 94 في المائة في الابتدائي، وللأسف لازال هناك نقص فيما يخص ولوج التعليم الثانوي والعالي، ولكن رغم ذلك حققنا تقدما خلال تلك الفترة، مع ضرورة التوكيد على أن جودة التعليم لازالت مطروحة بحدة. كما تحسنت، أيضا، الصحة الإنجابية من خلال تقلص عدد الوفيات أثناء الإنجاب، لكن لازلنا متأخرين مقارنة مع بلدان عربية كسوريا قبل الحرب، والجزائر وتونس. ما وقع هو أن النقاش والصراع تمحور فقط، حول مدونة الأحوال الشخصية والاقتراحات التي تقدمنا بها في إطار الخطة، كانت تتضمن أكثر من 215 إجراءً، وبالتالي، كان هناك نوع من البتر للخطة الوطنية، والذي لازلنا لحد الآن نعاني منه، لأنه الإشكال الكبير، بالإضافة إلى الحيف في المجال القانوني، وكذا فيما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي، ورغم ذلك لم يتم تداركه بصفة مهمة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، أُجزم أن حكومة التناوب لم تأخذ هذه الخطة بالجدية الكاملة واللازمة، كما كان لا بد من رصد إمكانيات مالية وبشرية كبيرة. الحقيقة أننا اشتغلنا في ظروف جد صعبة، وعانينا الأمرين، خصوصا وأننا وجدنا أنفسنا أمام صعوبات وممانعات حالت دون تقدم المرأة. إذ ضيعت على بلدنا فرصة مهمة للارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة، هذا إلى جانب الصراع حول المدونة الذي أتى بأكله وتم تغيير المدونة إلى قانون أقل تمييزا، لكنه لا يضمن المساواة التامة.

لكن يؤاخذ الكثيرون على حكومة اليوسفي، أنها لم تحقق أي مكسب فيما يهم حقوق المرأة، وظلت الوعود والاقتراحات حبيسة رفوف الوزارة الوصية التي أحدثت لأول مرة في ذلك العهد ..

هذا غير صحيح، بدليل أنه تم اعتماد مقترحات الخطة في 2004 من طرف الملك محمد السادس، ثم البرلمان. حكومة التناوب اجتهدت من أجل الارتقاء بأوضاع المرأة، ولا يجب أن ننسى أنه في 1998 لأول مرة في التاريخ السياسي للمغرب المعاصر جاء تصريح حكومي يتضمن فقرة كاملة مخصصة للنهوض بأوضاع المرأة من زاوية حقوقية وليس مقاربة إحسانية، وبالتالي، حكومة التناوب أعطت لحقوق المرأة بعدا استراتيجيا وبعدا سياسيا وحقوقيا انطلاقا من القيم الكونية للمساواة، بحيث إن طرح القضية على مستوى سياسي يعني أنها قضية مجتمعية تجسد صراعا ما بين قوى محافظة وأخرى متنورة وحداثية، هذا أعطى نوعا من الدينامية التي قدمت بدورها مكتسبات طيلة الألفية، إلى غاية وصول حكومة الإسلام السياسي هنا “ولِّينا فحاجة أخرى”.

 

لكن إذا ما تحدثنا عن المكتسبات، وقارنا بين حكومة التناوب التوافقي، وحكومة عباس الفاسي من جهة، وحكومتي الإسلاميين من جهة أخرى، نجد أنه خلال عهد هذه الأخيرة سنت مجموعة من القوانين التي تهم المرأة المغربية، مثلا أذكر دعم الأرامل، وقانون العنف، وغيرها، فيما القوانين والمكتسبات التي نادت بها حكومات ما قبل 2011، بقيت جافة وبدون حياة؟

أولا، أرفض هذه المقارنة، إذ إن الفرق بيننا وبين حكومة الإسلام السياسي، هو ما بين “السماء والأرض”. لن أدافع عن حكومة عباس الفاسي، ولكن سأدافع عن حكومة التناوب التي كنت جزءا منها، بالنسبة إليّ لا توجد أي مقارنة أبدا، وأشدد على أن حكومة الإسلام السياسي سجلت تراجعا كبيرا على مستوى مكتسبات المرأة المغربية، وهناك كل سنة يتم إصدار تقرير في جنيف بخصوص النوع الاجتماعي يرصد حجم التمييز بين الرجل والمرأة في 145 دولة كل سنة، إذ إن ما بين 2011 و2015 تراجع تصنيف المغرب إلى المرتبة 139، وهذا راجع طبعا، إلى اتساع الهوة في ثلاثة مجالات من أصل أربعة، التي تؤخذ كمعيار، والتي هي المشاركة الاقتصادية للمرأة والتعليم، والصحة، والمشاركة السياسية. وفي المجمل، التقرير أفصح أن المغرب تراجع خلال فترة حكم الإسلاميين، والسبب طبعا، هو أن هذه الحكومة طبقت سياسات تقشفية صارمة تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي، وذلك خلال 2012، 2014، 2016، و2018، حيث تم التوقيع على رسالة النوايا من أجل الحصول على خط الائتمان والسيولة، وبالمقابل يتم تطبيق هذه الإجراءات التقشفية في مجالات رفع الدعم عن المواد الأساسية، وتجميد التوظيف، والتعاقد الذي يعني الهشاشة، والرفع من سن التقاعد، وتحرير أسعار المحروقات لصالح الشركات الاحتكارية.. وغيرها من الإجراءات التقشفية.. من جهة أخرى، أسجل بإيجابية سن قانون العنف ضد المرأة، رغم أنه لا يمس تجريم العنف الأسري، ثم إنه لا يكفي أن يُسن قانون فقط، بل ينبغي أن تواكبه وسائل المتابعة والتنفيذ والتوعية، والعمل على تغيير العقليات.. وهذا ما يؤكد أنه ليست هناك جدية في التعامل مع ملف المساواة بين الجنسين. وطبعا، هذا ليس بغريب كونهم، وأقصد هنا، من يتحملون مسؤولية هذا الملف الذين كانوا يعارضون بشراسة كل من كان ينادي بالمساواة، والوزيرة الحالية بسيمة الحقاوي، كانت بدورها من أشد المعارضات لمقاربة النوع الاجتماعي، ومن سخرية الأقدار أنها اليوم، مكلفة بتطبيق هذه المقاربة.

ألا تعتقد أنه طرأ نوع من التحول على مستوى خطاب الإسلاميين ونظرتهم إلى المرأة، ثم ألا يمكن أن يكون الأمر نتيجة مراجعات فكرية؟

(يضحك). لم أر أي مراجعات فكرية لا مدونة ولا مكتوبة و”مادا بيا نكون سعيد وأنا كنشوفها”. ولأوضح أكثر، بسيمة الحقاوي كانت تقول إن المبدأ ليس هو المساواة، بل هناك تكامل في الأدوار، أي إن دور المرأة ينحصر في البيت بالأولوية، وعبدالإله بنكيران بدوره وصف المرأة بـ”الثريا” في البيت ومر هذا التصريح بشكل عادي. ما أسجله اليوم، هو أني لم أر أي تغيير أبدا، سواء على مستوى التنظير أو على مستوى الممارسة.

ولكن إذا ما قارنا مثلا على مستوى تمكين المرأة من بلوغ مراكز القرار، فإن عدد الوزيرات ورئيسات الجماعات، والبرلمانيات من حزب العدالة والتنمية أكبر من نظيراتهن من باقي الأحزاب بما فيها الأحزاب اليسارية، ألم تلاحظ ذلك؟

لا توجد نسبة، ولكن الحصيلة الإجمالية تقول إن التمثيل السياسي للمرأة داخل الحكومة يجب أن يتم على أساس المناصفة، وهذا إشكال كبير لا يمكن أن نتهم به فقط، العدالة والتنمية، بل أيضا حكومة التناوب التي لم تضم بدورها سوى سيدتين، وبالتالي، أوافقك أنه لا يمكن أن نعيب فقط، على العدالة والتنمية، بل وجب على جميع الأحزاب فتح المجال أمام النساء للصعود إلى مراكز القيادة من أجل أن يتحملن المسؤولية الوزارية والبرلمانية بشكل كبير. مثلا، لم يسبق أن رأينا وزيرة على رأس قطاع المالية أو وزارة الفلاحة، أو الداخلية أو الأشغال العمومية. للأسف، يتم في الغالب وضع النساء فقط، على رأس كتابة الدولة، ولا يتم تحقيق المساواة والمناصفة المرجوة، بالرغم من الإمكانيات المالية المتاحة من الاتحاد الأوروبي، والتي لم نكن نتوفر حتى على 0,1 في المائة منها في حكومة التناوب، والاتحاد دعم حكومة عباس الفاسي لتبني أجندة المساواة، وبعدها جاءت حكومة عبدالإله بنكيران في تصريحها الحكومي لـ 2012، وتحدثت عن الهوية في 10 صفحات، وكأن المغرب لديه شرخ في الهوية، وبعدها خصصت نصف صفحة فقط، لشؤون المرأة وتتضمن مقترحات لا تخضع إلى تصور ورؤيا، مثلا، الإجراء الأول تمثل في ضرورة تفعيل صندوق التكافل الاجتماعي، وهي قضية جزئية فيما أن القضية الأساسية ينبغي أن تكون هي تحقيق المساواة التامة بالنسبة إلى الوضع القانوني للمرأة، وهناك أيضا خلط بين المرأة والأسرة، كما لم تتم الإشارة إلى الأجندة التي قدمتها حكومة عباس الفاسي، قبل سنة، ولو بحرف واحد..

ما رأيك في تسيير المرأة لوزارة المرأة، بعدما كنت أول وآخر وزير رجل يتسلم هذه الحقيبة؟

يصعب أن أدلي برأيي بهذا الخصوص، إذ نجد أن من بين من تحملت مسؤولية هذا القطاع من توفقت إلى حد ما، وهناك من لم تتوفق، ولكن أعتبر إيجابيا أن تكون سيدة على رأس قطاع يهم المرأة، هذا من بين الإنصاف، أفضل من أن يكون رجلا، ولو أن المعيار هو الابتكار والمواكبة والإبداع والكفاءة.

بما أنك لا تريد ذكر الأسماء، سأسألك عن تقييمك لأداء بسيمة الحقاوي على مدار ولايتين؟

بشكل عام، خلال حكومة الإسلام السياسي حدث تراجع مهول على مستوى المساواة بين الجنسين، والتي كانت مركزية بالنسبة إلى حكومة التناوب، وبسيمة الحقاوي هي الوزيرة الوصية على القطاع.

تركز على عبارة «الإسلام السياسي» في حديثك عن العدالة والتنمية، ما الذي تقصده بهذا التوصيف؟

نعم، أشدد على هذه العبارة، لأنه يتاجر بالدين، مستعملا إياه من أجل بلوغ المناصب، في الوقت الذي تراجعت فيه أوضاع الشعب. وهنا أطرح السؤال ما الذي غيروه؟ وما هو مشروعه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي؟ لا شيء، فقط “دار لاباس” أكثر من أي حكومة سابقة. للأسف وجد الساحة فارغة واستحوذ على المناصب في الجماعات والإقليم والبرلمان والوزارة والمجالس وكل شيء.

تعتبر أن حزب العدالة والتنمية خطر على المكاسب الحقوقية للمرأة؟

هذا صحيح لأن مشروعه يتناقض مع القيم الكونية والأهداف السامية للمساواة بين الجنسين، وأنا أؤكد على هذا.

كيف هي علاقتك اليوم، بحزب التقدم والاشتراكية؟

منذ أن قدمت استقالتي لم تعد لي أي علاقة بالحزب، ثم إنني ابتعدت عن السياسة ولم أعد أمارسها بمفهومها التقليدي. أنا الآن، أمارس السياسة بشكل مغاير من خلال العمل مع المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، إذ أحاضر في مجموعة من القضايا ذات الطابع الاقتصادي والسياسي.

ولكن هذا لا يمنع أن نسألك عن قراءتك لمستقبل الحزب الذي كنت واحدا من قيادييه، خاصة في ظل التخبطات الأخيرة التي يمر منها، بما فيها الإعفاءات الملكية التي طالت وزراءه وقياداته..

الحزب يدفع ثمن رهانه على حزب العدالة والتنمية، وهذا الرهان أبان عن فشله، وعلى سبيل المثال أستحضر بعض المؤشرات من بينها أنه في 2011 كان الحزب يملك فريقا برلمانيا مكونا من 20 برلمانيا في الغرفة الأولى، واليوم، تدنى إلى 12، ولم يعد له فريق. من قبل، أيضا، كم عدد الحقائب الوزارية التي حصلوا عليها سابقا، وماذا بالنسبة إلى اليوم؟ ولو أنه من وجهة نظري لا يجب أن تكون المقاربة كمية، لأن المعيار هو ماذا قدموا للشعب وللوطن، وهذا ما تربينا عليه. ولكن اليوم، الحزب فقد الكثير من بريقه ووجوده داخل المجتمع، وهو الآن، في حالة مزرية على مستوى الوضع التنظيمي، وهذا خطر ومؤسف أن يصبح حزب مثل التقدم والاشتراكية على هامش المشهد السياسي.

من يتحمل مسؤولية ذلك؟ هل العدالة والتنمية أو القيادة الحالية لحزب التقدم والاشتراكية في شخص نبيل بنعبدالله؟

العدالة والتنمية لا ذنب له في ذلك. بالنسبة إليّ القيادة الحالية هي من تتحمل المسؤولية عما يعرفه الحزب من تراجع، إذ هي من انقلبت على مقررات المؤتمر الوطني الثامن الذي حصر التحالفات في ثلاث دوائر، هي الكتلة الديمقراطية، والثانية قوى اليسار، والثالثة الصف الديمقراطي والحداثي، هذا في الوثيقة السياسية. لكن ما حدث أن شهرين قبل انتخابات 2011، خرج الأمين العام للحزب، أي بنعبدالله، يقول إن التحالف مع العدالة والتنمية خط أحمر، وبقدرة قادر تحالفوا بعد الانتخابات، وتزوجوا زواجا كاثوليكيا، مبررين ذلك أنه تحالف مرحلي. مرت خمس سنوات، ثم وصلت إلى عشر، فصار التحالف المرحلي تحالفا استراتيجيا، وهذا ما يؤكد أن هناك تخبطا فعليا. للأسف طغت الزبونية والمحسوبية و”أصحاب الشكارة”، فيما غابت القيم التي تربينا عليها في الحزب، وهذا لعمري أمر جد مؤسف..

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي