خبير: المغرب يتسلح استعدادا للتحدي الجزائري في الشرق والتطرف من دول الساحل -حوار

01 أبريل 2019 - 02:01

محمد شقير -خبير في الشؤون العسكرية

في أي سياق تندرج الصفقة الأخيرة للمغرب المتمثلة في استيراد 25 طائرة من طرازF-16  الأمريكية، برأيك؟

 الصفقة تندرج في سياقين، سياق داخلي وسياق إقليمي. فيما يخص السياق الداخلي، فمعروف أنه منذ تولي الملك محمد السادس الحكم عمِل على تطوير الترسانة العسكرية، خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا العسكرية، أهمها العتاد الجوي والتكنولوجيا المعلوماتية. ثم إن المغرب ركز بالأساس على تطوير ترسانته العسكرية من خلال اقتناء مجموعة من الطائرات من نوع F-16.

أما على مستوى السياق الإقليمي، فالمسألة تندرج في إطار التسابق نحو التسلح ما بين المغرب والجزائر، ذلك أن النظام الجزائري يلعب على قضية الإنفاق العسكري وتخصيص ميزانيات كبيرة لاقتناء العديد من الآليات العسكرية من روسيا. وبالتالي، فالمغرب كان من المفروض، بحكم نزاع الصحراء والتنافس بين النظامين، أن يدخل في هذا السباق. السياسة المتبعة من طرف المغرب هي أنه يلعب على الكيف أكثر مما يلعب على الكم، وذلك من خلال الحصول على أحدث التكنولوجيا العسكرية التي تكلف أموالا باهظة، ولكنها في الوقت نفسه، تشكل تطويرا للترسانة العسكرية. وبالتالي، السباق بقي متواصلا طيلة العشرية الأخيرة، ما جعل النظامان معا ينفقان أموالا طائلة في هذا المجال.

في ظل هذا السباق المحموم، كما وصفته، بين البلدين، يبقى السؤال المطروح هنا هو لمن يتسلح المغرب؟ هل هنالك حرب محتملة وشيكة في المنطقة، خاصة مع نزاع الصحراء؟ أم إن هنالك أبعادا أخرى تقف وراء هذا السباق برأيك؟

 التسلح مرتبط بالتحديات التي يواجهها المغرب، وهنالك ثلاثة تحديات أساسية تواجه المملكة وتحددها الجغرافيا بالأساس. إذ على مستوى الشرق، المغرب يواجه الخصم الجزائري، ومن جهة الشمال، هنالك التحدي الذي يشكله الجار الإسباني. فرغم التقارب والمصالح الاقتصادية المشتركة لا ننسى أنه توجد هنالك العديد من المشاكل بين المغرب وإسبانيا وهذا ما يفسر أن السلطات والأجهزة العسكرية الإسبانية تراقب دوما بحذر شديد، كل صفقة يحصل عليها المغرب. بالإضافة إلى التحدي الثالث المتمثل في التطرف والإرهاب القادم، على الخصوص من دول الساحل والاتجار في البشر والتهريب.

بالعودة إلى التحدي الإسباني الذي ذكرته، هل يندرج هذا الصراع الصامت بين البلدين حول قضية سبتة ومليلية المحتلتين، مع العلم أن المغرب لا يثير بالأساس في مواقفه الرسمية قضية احتلال المدينتين؟

 المغرب، ومنذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، حاول ما أمكن أن يضع أولويات في هذا الإطار، وبالتالي، فمادام أن  نزاع الصحراء لازال مطروحا على الطاولة، فلا يمكن له أن يربط بين الملفين ويفتح عليه عدة جبهات، غير أن ذلك لا ينفي أن المغرب يعتبر أن سبتة ومليلية من أراضيه، وبالتالي، فبرغم العلاقات الاقتصادية والتعاون بين البلدين، فهذا لا ينفي أن هنالك تنافسا غير معلن بينهما.

هل هي أولوية بالنسبة إلى المغرب أن يصرف كل هذه الأموال الطائلة لاستيراد أسلحة متطورة في نظرك؟ أم إن الأمر يدخل، أساسا، ضمن الحروب الإعلامية و”البروبغاندا” المتبعة في هذا المجال ؟

 كما يُقال في الاستراتيجيات العسكرية، للحفاظ على السلم لا بد من الاستعداد للحرب، وتبني منهجية التسلح لأي احتمال حرب ممكنة. هنالك دول في الجوار تعمل على تطوير ترسانتها العسكرية، وبالتالي، لا يمكن للمغرب أن يبقى في موقع المتفرج في ظل تسلح كل من الجزائر وإسبانيا. كما أنه أيضا نوع من الحرب، خاصة أن هنالك حربا بالوكالة في المنطقة. وطبيعي جدا أن يصرف المغرب أمولا كبيرة لأنه يستورد أسلحة متطورة ومكلفة، وإن كانت لم تصل بعد إلى الميزانية التي ينفقها النظام الجزائري. والسباق المحموم نحو التسلح هو نوع، أيضا، من الحرب، حرب نفسية وسياسية ودعائية، أيضا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي