عرض إسباني-أوروبي جديد للمغرب لوقف تدفق المهاجرين

08 أبريل 2019 - 21:00

بعدما قامت مصالح البحرية الإسبانية بإنقاذ حوالي 16618 مهاجرا في المياه المغربية سنة 2018 كانوا في طريقهم إلى سواحل الجنوب الإسباني، وفي ظل رفض السلطات المغربية، علنيا، الدخول في أي مفاوضات مع إسبانيا من أجل إرجاع المهاجرين المُنقَذِين بين البلدين إلى الموانئ المغربية؛ كشفت تسريبات حديثة أن الحكومة الإسبانية تُحَضِر لمشروع بديل بتنسيق مع نظيرتها المغربية من أجل مواجهة أكبر أزمة للهجرة السرية بين المملكتين منذ ظهور قوارب الموت سنة 1988.

ويتمثل هذا المشروع في تزويد الحكومة الإسبانية المغرب بقوارب مخصصة لعملية الإنقاذ في أعماق البحر وتكوين عناصر البحرية الملكية المغربية من أجل وقف وصول المهاجرين السريين إلى إسبانيا. وسيمول هذا المشروع بدعم مالي أوروبي بهدف « رفع قدرات البحث والإنقاذ للمصالح المغربية ».

مشروع بديل

في هذا الإطار، كشفت صحيفة « إلدياريو » الإسبانية، نقلا عن مصادر حكومية إسبانية، أن مدريد عرضت تزويد المغرب بقوارب ووسائل لوجستيكية، علاوة على أنشطة في التكوين على الإنقاذ بهدف وقف تدفقات المهاجرين إلى إسبانيا انطلاقا من سواحل المغرب. فيما أقرت مصادر من مصالح الإنقاذ الإسبانية أن هذا العرض يدخل في إطار « مشروع للتعاون بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي ». وهو الأمر نفسه، الذي أكدته مصادر من وزارة التجهيز الإسبانية. وأضافت « إلدياريو » أن مدريد دخلت مع الرباط منذ شهور في مفاوضات لمواجهة أزمة الهجرة السرية التي تفاقمت منذ يناير 2018، مبرزة أن وزير التجهيز، خوسي لويس آبالوس، عرض على المغرب في يناير الماضي استعداد إسبانيا للتعاون في خلق مصالح للإنقاذ مغربية شبيهة بمصالح الإنقاذ الإسبانية ( Salvamento Marítimo)، التي تتبع للوزارة التجهيز وليس المؤسسة العسكرية الإسبانية. وذكر المصدر ذاته، أن الوزير خوسي لويس آبالوس أوضح خلال زيارته المغرب قائلا: « طرحت على الرئيس (يقصد سعد الدين العثماني) قضية نود أن نتعاون فيها، وهي بدء العمل بمصلحة مثل مصلحة الإنقاذ البحرية الإسبانية التي تسمح بهذا الارتباط البحري الذي لدينا. نتوفر على كل العناصر التي يمكن أن تسمح لنا في الفضاء البحري بتحسين التنسيق ».

ويبدو أن السلطات المغربية استحسنت هذا المشروع على عكس اتفاق إرجاع المهاجرين إلى الموانئ المغربية، الذي نوقش في إسبانيا دون عرضه على المغرب. إذ أكدت الصحيفة عينها أنه بعد زيارة ملك إسبانيا فيليبي السادس إلى الرباط، في منتصف شهر فبراير الماضي، عقدت السفارة الإسبانية بالمغرب اجتماعات مع وزارة الفلاحة المغربية والصيد البحري من أجل تشجيع من جديد العمل بمصلحة مغربية للإنقاذ البحري، سيرا على منوال مصلحة الإنقاذ البحرية الإسبانية، وفق مصادر دبلوماسية. وتابع المصدر نفسه أن تنزيل هذه المفاوضات على أرض الواقع انطلق، إذ أنه في اجتماعات عقدت في 13 مارس المنصرم، مع العديد من الجمعيات، أوضح المدير العام للبحرية التجارية، بينيتو نونيز، والمدير السابق للإنقاذ البحري إغناسيو لوبيز، أن إسبانيا ستدرب مغاربة في مجال الإنقاذ البحري، كما ترغب في الحصول، بتمويل أوروبي، على قوارب الإنقاذ، وفقا لمصادر حضرت تلك الاجتماعات. بينيتو نونيز وإغناسيو لوبيز، أكدا للحاضرين أن هدف وزارة التجهيز الإسبانية، هو « تزويد المغرب بالوسائل البحرية الخاصة » لتكون لديه كل الإمكانيات لمواجهة تحدي الهجرة السرية.

ومن أجل التأكد من هاته المعلومات، تواصلت « إلدياريو » مع مصادر رسمية في مصالح الإنقاذ الإسبانية، والتي أكدت التوصل إلى اتفاق بين « السلطات البحرية المغربية المختصة والإسبانية » من أجل تنظيم، قريبا، « مناورة » مع تبادل أفراد مركز تنسيق الإنقاذ البحري (MRCC) بين إسبانيا والمغرب « . وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه الاجتماعات بين المغاربة والإسبان تتم في إطار اتفاقية التعاون بين البلدين في مجال مكافحة التلوث والإنقاذ البحري الموقعة بين البلدين التي دخلت حيز التنفيذ في 22 أكتوبر 1999 بهدف « تبادل المعلومات في عمليات الإنقاذ بين منظمات البحث والإنقاذ في كلا البلدين في عمليات الإنقاذ وتحقيق السلاسة في العمل بين مراكز الإنقاذ التي تنسق حالات الطوارئ ».

إجهاض الهجرة في المهد

وبما أن عمليات الإنقاذ في المغرب من صلاحيات البحرية الملكية التابعة للجيش، فقد أكدت قيادات مصالح الإنقاذ الإسبانية التي حضرت تلك الاجتماعات قائلة: « إسبانيا ستتكلف بتكوين الأفراد العسكريين المغاربة »، مبرزة أن هذه « التكوينات سيتلقونها في البلدين ». كما أن الإشراف على هذه الأنشطة سيتم « من قِبل الدولة الإسبانية ووكالة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) »، بهدف « إعطاء الأولوية للمغرب ليكون مسؤولاً عن تنفيذ عمليات إنقاذ المهاجرين في بحر البوران وفي مضيق جبل طارق ». علما أن مصالح الإنقاذ الإسبانية تمكنت سنة 2018 من إنقاذ 49688 مهاجرا غير نظامي في 565 عمليات إنقاذ كانوا في طريقهم إلى السواحل الإيبيرية؛ 16618 مهاجرا تم إنقاذهم في المياه المغربية، أي التي تدخل في إطار السيادة المغربية؛ بينما تم إنقاذ 15282 آخرين في المياه الدولية المشتركة بين إسبانيا والمغرب؛ في حين تم إنقاذ الثلث الثالث (17689 مهاجرا) في المياه الإسبانية.

ويسعى الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، في الأصل، إلى مساعدة المغرب على إجهاض أي عملية خروج للمهاجرين على متن قوارب الموت من السواحل المغربية، لكن هذا المشروع الجديد يهدف إلى اعتراض سبيل المهاجرين الذين سيتمكنون من الخروج من المياه المغربية من قبل عناصر البحرية المغربية أنفسهم، ما يضمن لهما رجوعهم إلى الموانئ المغربية، مادام أن عملية الإنقاذ تتم من قبل المغاربة. لهذا قال المدير العام للبحرية التجارية، بينيتو نونيز، « مصالح الإنقاذ البحرية الإسبانية غيرت فلسفتها العملية في الجنوب، رغم أنها ستستمر في إنقاذ المهاجرين »، مبرزا أن « النموذج المثالي لتجنب سقوط قتلى غرقا هو ألا يخرج المهاجرون من المغرب »، قبل أن يعيد التأكيد على أن « كل الموانئ المغربية آمنة وأنه بإمكان المهاجرين طلب اللجوء في المغرب »، دون الحاجة إلى السفر نحو إسبانيا للقيام بذلك.

 

انتقادات المنظمات الحقوقية

هذا المشروع الإسباني-الأوروبي انتقدته المنظمات الحقوقية الإسبانية، إذ اعتبرته هروبا من قبل الإدارة الإسبانية من مسؤولياتها الإنسانية والقانونية أمام المهاجرين، ومحاولة لتصدير الأزمة إلى الحدود المغربية. الحقوقيون الذين حضروا بعض الاجتماعات الإسبانية حول هذه المشروع علقوا عليه بالقول، إن إسبانيا تبحث عن إسناد مسؤولية الإنقاذ البحري إلى المغرب. في هذا، طالبت الجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان والجمعية الإسبانية « إيريديا » ونقابة الصحافيين الأندلسيين » بنشر للعموم برتوكولات التنسيق مع المغرب بخصوص عمليات الإنقاذ، إحقاقا للشفافية، مثل مسؤوليات ومهام الحرس المدني الإسباني وفرونتيكس ومصالح الإنقاذ ». كما طالبت بتقديم تفاصيل بخصوص « تكوين الإنقاذ المدني الذي يتم، ومن يستفيد منه، إلى جانب تقديم معلومات بخصوص الوحدات والمعدات التي يتم منحها للمغرب ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

oky منذ 4 سنوات

أولا فقط سماع كلمة تكوين البحرية المغربية تعطيك فكرة على أننا فاشلون ي ل شيئ، تانيا، أنت ستجعل من نفسك حارس كالكلب لإسبانيا إدا قبلت هذا العرض.

التالي