مهرجانات الصحراء.. الأحزاب تختار أماكنها في سباق انتخابي مبكر

10 أبريل 2019 - 01:00

بعدما كان السباق الانتخابي مقتصرا على حزب الأحرار وحزب العدالة والتنمية، دخل حزب الاستقلال بدوره على خط السباق نفسه، بمهرجان حاشد نظّمه في أقوى قلعة انتخابية لديه، هي مدينة العيون، مؤكدا أن الصحراء قد تكون الفضاء الأكثر رمزية لكل الأحزاب لإطلاق حملة انتخابية سابقة لأوانها.

مهرجان حمدي ولد الرشيد، القيادي الصحراوي في حزب الاستقلال، حرص على توجيه رسائل عدة لخصومه في أكثر من جهة، متحديا “اللي بغا يقول شي حاجة، يمشي إلى الساحة”، التي زعم أنها احتضنت أزيد من 57 ألف شخص. علما أن حزب الأحرار كان قد نظم بدوره مهرجانا حاشدا في مدينة الداخلة في فبراير الماضي، زعم أنه جمع نحو 4 آلاف في خيمة واحدة.

وكان حزب العدالة والتنمية قد اختار أن تكون مدينة الداخلة المكان الذي ستنطلق منه قافلة المصباح، التي ينظمها فريقيه في مجلسي البرلمان سنويا، لولا أن الأحرار سبق إلى المكان، وفرض على “البيجيدي” إلغاء المهرجان الافتتاحي للقافلة وتنظيم مهرجان ختامي في الدار البيضاء، قبل أن تتسبب زيارة البابا نهاية مارس الماضي في تأجيل قافلة المصباح ككل إلى وقت غير محدد.

خطوات الأحزاب الثلاثة تؤكد أن سباقا انتخابيا قد بدأ قبل أوانه، واختيار الصحراء لا يبدو أنه يتم لزخمها الانتخابي المحدود عدديا، بل لرمزيتها السياسية أساسا. منعم لزعر، باحث في العلوم السياسية، قال لـ”أخبار اليوم” في هذا الصدد إن “في المشهد السياسي والانتخابي دائما ما يكون للمكان والزمان رمزية خاصة، تتجلى في الطاقة التي توفرها الأمكنة للأحزاب وللمشهد السياسي عموما”.

وأضاف لزعر “في السباق الانتخابي دائما ما نلاحظ أن انطلاق السباق أو اختتامه يكون مرتبطا برمزية المكان بالنسبة إلى كل حزب سياسي، حيث يتم اختيار الأماكن التي لها دلالة رمزية، وتكون مصدر طاقة انتخابية وسياسية لها، لأن الخطاب الانتخابي والسياسي يتسم برمزيته ومفرداته من رمزية المكان والزمان أساسا”.

واعتبر منعم لزعر أن “اختيار الصحراء لاحتضان مهرجانات حزبية ليس اختيار عبثيا، فبالنسبة إلى حزب الاستقلال تعد جهة العيون الساقية الحمراء ذات رمزية كبيرة، حيث كانت الجهة الوحيدة التي حصل فيها على الأغلبية المطلقة في الانتخابات الجهوية لسنة 2015، أمام منافسة شرسة مع حزب العدالة والتنمية، وحزب الأصالة والمعاصرة”. وأكد لزعر أن تلك المهرجانات تؤكد أن الأحزاب السياسية “دخلت مرحلة بناء الملف الانتخابي، ومن ثم، مرحلة التسويق السياسي، وهذا يظهر بشكل أساسي لدى حزب الاستقلال وحزب الأحرار، ومن أجل أن يكون لحملة التسويق تلك جاذبية خاصة، يتم البحث عن أماكن ذات رمزية تكون قادرة على منح الطاقة اللازمة لتلك الأحزاب، تختبر من خلالها قدرتها وجاهزيتها على التسويق الانتخابي”. بالمقابل، استعبد محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، أن تكون تلك المهرجانات “تندرج في سياق حملة انتخابية سابقة لأوانها”، وقال لـ”أخبار اليوم” إن مهرجان حزب الاستقلال “مرتبط بشخصية ولد الرشيد أساسا، وبالدور الذي يسعى إلى القيام به داخل حزب الاستقلال وفي الصحراء كذلك”، ومضى الزهراوي قائلا: “صحيح قد يكون هناك تنافس ضمني بين الأحزاب حول وجهاء وأعيان وقبائل الصحراء، وأن هذا التنافس يتم تصريفه عبر أشكال تنظيمية معينة مثل المهرجانات، لكن يبدو لي أن الخطوة التي أقدم عليها ولد الرشيد مرتبطة، كذلك، بالمسار الذي تمر منه القضية الوطنية، حيث يريد ولد الرشيد القول إن البوليساريو ليست وحدها من تمثل الصحراويين”، مشيرا في هذا السياق إلى ردود الفعل التي أقدمت عليها جبهة البوليساريو التي اعترضت في بلاغ رسمي على مهرجان حزب الاستقلال، وقالت: “لا يمكن لأي طرف أن ينظم المهرجانات قبل تحديد الوضع النهائي”.

واعتبر الزهراوي أن مهرجان حزب الاستقلال يوجه رسائل إلى “خصوم ولد الرشيد داخل حزب الاستقلال، وفي الصحراء إلى باقي الأحزاب، وداخل الدولة، مفادها أنه رقم أساسي في المنطقة، ويصعب تجاوزه”. وسبق لجهات داخل الدولة منذ 2009 أن دعّمت قوى محلية أخرى لتكون بديلا لعائلة ولد الرشيد في المنطقة، وأدى الصراع بين الطرفين إلى انفلاتات، مثل تلك التي حدثت في أكتوبر 2010، قبل أن تفرض احتجاجات حركة 20 فبراير سنة 2011 إيقاعا آخر في الصحراء، استفاد منه ولد الرشيد لتثبيت سلطته ليس في مدينة العيون فقط، بل شرعت في التوسع منذ ذلك الحين إلى جهات الصحراء الثلاث، وظهر ذلك بوضوح في انتخابات الجماعات الترابية سنة 2015، ثم في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي