الهواري: تعامل الدولة المغربية مع اللغة الإسبانية هو تعامل قاصر-حوار

15 أبريل 2019 - 11:02

محسن الهواري -مدرس اللغة الإسبانية وطالب باحث في سلك الدكتوراه

كيف تقيم حضور الإسبانية في المغرب اليوم، مقارنة مع الفرنسية والانجليزية، باعتبارك مدرسا لها وطالبا باحثا في سلك الدكتوراه في سلك شعبة الإسبانية؟

من حيث الحضور الكمي، أعتقد أنه لا مجال للمقارنة بين اللغة الإسبانية، من جهة، واللغتين الفرنسية والإنجليزية، من جهة ثانية. فالوضع الاعتباري للغة الفرنسية بالتعليم العمومي المغربي لا يناقش، حيث تعتبر اللغة الأجنبية الأولى وإجبارية بالنسبة إلى كل التلاميذ. كما لا يخفى عن أحد المكانة التي تحظى بها اللغة الإنجليزية في النظام التعليمي المغربي، وخصوصا في السلك الثانوي التأهيلي، رغم أنها لم تصل بعد إلى مزاحمة ومنافسة اللغة الفرنسية بشكل جدي.

أما إذا ناقشنا الوضع الاعتباري للغة الاسبانية، ولو من خلال الملاحظة والتجربة الشخصية، كأستاذ لهذه اللغة، وفي غياب معطيات وإحصائيات رسمية، فيمكننا القول إن الإسبانية في طريق الزوال، أو سيكون موقعها، في أحسن الظروف، رمزيا كباقي اللغات الأجنبية الأخرى من قبيل اللغتين الإيطالية والألمانية.

وكيف تتطور الإسبانية في المغرب ونحن على بعد 14 كلم من إسبانيا التي تربطنا بها علاقات في مختلف المجالات؟

إن اللغة الإسبانية في انكماش مستمر، فقد تم حذفها سابقا من الشعب العلمية. والآن، يتم القضاء عليها تدريجيا في معظم المؤسسات التعليمية. إن الخطير في الأمر هو ربط اللغة الإسبانية في المغرب بالتلاميذ غير المتفوقين، حيث تحولت في وعي غالبية التلاميذ إلى أداة للعقاب والتمييز بينهم. يمكنني القول إن وزن اللغة الإسبانية على المستوى الكمي مهمل مقارنة بالفرنسية والإنجليزية. أما على مستوى الكيف، أي إذا أخذنا بعين الاعتبار مدى تمكن التلميذ المغربي من اللغات فالأمر سيان، التلميذ المغربي، عموما، لا يجيد أي لغة من اللغات الثلاث، بل لا يجيد حتى اللغة العربية، نحن أمام جيل انفصل تماما عن عالم اللغات لأسباب أصبح يعرفها القاصي والداني.

وكيف تتعامل الدولة المغربية مع اللغة الإسبانية؟

إن تعامل الدولة المغربية مع اللغة الإسبانية هو تعامل قاصر يفتقد للبعد الاستراتيجي، وتعاطيها، عموما، مع اللغات الأجنبية فيه الكثير من الانحياز للغات بعينها في ما يتم تهميش أخرى. لقد خصصت أكاديمية المملكة المغربية دورتها السابقة لأمريكا اللاتينية كأفق للتفكير، وشدد حينها الكثير من المتدخلين على دور اللغة الإسبانية كأداة لسبر أغوار هذه المنطقة الجغرافية من العالم، ثقافيا وسياسيا ودبلوماسيا…، إلا أن الواقع يثبت أن دوائر القرار في المغرب لا تعتبر اللغات كوسيلة للتعريف بالذات والتعرف على ذات الآخر.

أصبحت هذه الدوائر تدافع عن لغة موليير أكثر من موليير نفسه، وعن لغة شيكسبير أكثر من شيكسبير ذاته. إنها تحاول أن تقنع الرأي العام أن هناك لغات للتطور العلمي ولغات أخرى تصلح فقط، للشعوذة والسحر والشعر، وتتناسى أن الجامعات والمعاهد والمختبرات والاهتمام بالعنصر البشري هو سر تطور شعوب وتخلف أخرى.

في الأخير، لا بد من الإشارة إلى غياب شبه كلي للدولة الإسبانية لمحاولة إنقاذ ما تبقى للغة الإسبانية من حضور على الساحة التعليمية بالمغرب.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي