"قراءة 35 كتابا".. عقوبة غيرت حياة جناة أطفال

19 أبريل 2019 - 03:06

في شهر شتنبر عام 2016، رُسمت جداريات (غرافيتي) مسيئة على سطح بناية مدرسة قديمة في ولاية فرجينيا، كانت تستخدم في تعليم تلاميذ من ذوي البشرة السمراء خلال حقبة التمييز العنصري، وحُكم على الجناة بعقوبة غير عادية هي « القراءة »، وترصد مراسلة بي بي سي، إيما جين كيربي، بعد عامين ونصف من الواقعة إلى أي مدى نجحت هذه العقوبة.

اعتقدت أليجاندرا ريودا، المدعية العامة، منذ اللحظة الأولى لسماعها بشأن الجدارية العنصرية والمعادية للسامية التي رُسمت بعشوائية على جدران المدرسة الواقعة في أشبورن، بمقاطعة لودون في ولاية فرجينيا، أن الجناة أطفال.

وتتذكر قائلة: « كانت الجدارية مليئة بالعنصرية، رسموا صلبانا معقوفة برش الألوان وكتبوا عبارات مثل (القوة البيضاء) و (القوة السمراء). لكن كانت توجد أيضا رسوم لديناصورات وصدور نساء وأعضاء ذكرية. ولايبدو أن العمل نفذه أناس ينتمون إلى ما يعرف باسم (كو كلوكس كلان)، وهي منظمات أخوية أمريكية تؤمن بتفوق ذوي البشرة البيضاء ومعاداة السامية والعنصرية ومعاداة الكاثوليكية وكراهية المثلية، بل يبدو أن العمل نفذه مراهقون ».

وصدق حدسها بالفعل، إذ أُلقي القبض على خمسة مراهقين أعمارهم بين 16 و 17 عاما على ذمة التحقيق في الجريمة واعترفوا بذنبهم في الإضرار بالممتلكات الخاصة والدخول غير القانوني.

ولم يدرك المراهقون أهمية المبنى الذي شوهوه، وهو مبنى تاريخي لمدرسة « أشبورن كولورد »، كان يستخدم لتعليم الأطفال أصحاب البشرة السمراء خلال فترة التمييز العنصري في نورثرن فرجينيا.

وتعتقد المدعية أن الأطفال كانوا يعترضون فقط على السلطة بعد طرد أحدهم من مدرسته، لكنها تتفهم لماذا أصيبت البلدة بصدمة بسبب الجريمة.

وتقول: « تفجر غضب الأهالي، وهذا مفهوم. لكن بعض الأطفال لم يعرف ماذا يعني الصليب المعقوف. لذا وجدتها فرصة تعليمية سانحة. فالأمر بالنسبة للأطفال إما أن تعاقبهم أو تعيد تأهيلهم، لاسيما إن كان الأطفال ليست لديهم أي سابقة جنائية، وتذكرت وقتها ما الذي علمني عندما كنت في مثل سنهم، ما الذي فتح عيني على الثقافات والديانات الأخرى، إنها القراءة ».

أيد القاضي في هذه القضية رأي الادعاء، وضرورة توقيع عقوبة القراءة على الأطفال المراهقين.

جدران المدرسة بعد أن تشوهت

كتبت أليجاندرا ريودا قائمة تضمنت 35 كتابا، وأمرت الجناة باختيار عنوان واحد للقراءة كل شهر لمدة عام، وتكليفهم بكتابة واجب للكتب الـ 12 التي اختاروها.

كان من بين عناوين الكتب « اللون الأرجواني » للكاتبة أليس ووكر، و »اسمي آشر ليف » للكاتب شايم بوتوك، و »أعرف لماذا تغرد الطيور في الققص » للكاتبة مايا أنجيلون و »صرخة البلد المحبوب » للكاتب آلان باتون، و »عداء الطائرة الورقية » للكاتب خالد حسيني.

وتقول أليجاندرا ريودا، التي نشأت في المكسيك في أسرة أدبية ثنائية اللغة، وكانت تعمل أمها أمينة مكتبة مدرسة، إنها مدينة بوعيها الثقافي والعرقي لبعض الكتب التي اقترحت أمها عليها قراءتها.

كانت تصر أمها على أن تعرف ابنتاها ماذا يعني « الهولوكوست » والكراهية على أساس العرق والآثار المترتبة على التعصب المبني على أساس العرق والدين.

وتقول: « لم تكن لدي أي فكرة عن التمييز العنصري في جنوب أفريقيا حتى قرأت كتاب آلان باتون وفتح عقلي، ولم تكن لدي أي معرفة على الإطلاق بالتمييز العنصري. وكذلك لم أعرف شيئا عن إسرائيل حتى قرأت كتاب (الخروج) للكاتب ليون يوريس. لذا كانت هذه الكتب على قائمة القراءة التي كتبتها، وأضفت إليها أعمالا كلاسيكية ينبغي أن يعرفها كل شخص، مثل (أن تقتل عصفورا محاكيا). »

وأشيد بالقاضي على نطاق واسع لسعيه إلى تعليم المراهقين من منطلق سلوكهم المسيء، غير أن بعض أعضاء الجالية السمراء كتبوا رسائل شكوى لصحف محلية ووطنية تقول إن المراهقين لم يكن ينبغي على الإطلاق التساهل معهم هكذا. وعلى الرغم من أن جميع الجناة ليسوا من ذوي البشرة السمراء، تقول أليجاندرا ريودا إن ثلاثة منهم من أقليات عرقية.

وقالت: « إن العقوبة التي فرضتها كانت أقسى من العقوبة التي كانوا سيخضعون لها. عادة ما تكون الفترة خاضعة لمراقبة السلوك، وهو ما يعني التسجيل الشهري لدى موظف مراقبة سلوك المذنبين، وربما قضاء بضع ساعات في خدمة المجتمع وكتابة خطاب للتعبير عن آسف. وهنا اضطروا إلى أداء 12 تكليفا وكتابة مقال من 3500 كلمة عن الكراهية على أساس العرق، وكان عملا كثيرا ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي