طنجة تحتاج إلى 67 مليون متر مكعب من المياه

16 يونيو 2019 - 08:00

يبدو أنا مخاطر ندرة المياه خلال فصل الصيف ووقوع أزمة عطش، باتت تهدد حتى المدن الكبرى مثل طنجة، هذا ما خلص إليه تقرير صادر عن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بعاصمة البوغاز، الذي قال إن مدينة طنجة تحتاج إلى 67 مليون متر مكعب، أي أكثر من 46 بالمائة من المخزون الحالي المتوفر في السدود، وهو ما يهدد بانقطاع التزويد في بعض ساعات اليوم كما يقع في مدن أخرى بسبب ارتفاع استهلاك الماء.

وأشار المرصد في تقريره السنوي الذي تسلمت «أخبار اليوم» نسخة منه، على هامش ندوة لتقديم خلاصات نسخته السابعة برسم سنة 2018، والذي تضمن تقييما للسياسات المتعلقة بالبيئة، وحالة المباني التاريخية، إلى أن معدل الحاجيات اليومية على الماء الصالح للشرب في طنجة تعرف تزايدا ملحوظا بلغ السنة المنصرمة، 179 ألف متر مكعب في اليوم، في الوقت الذي يصل معدل الاستهلاك الفردي إلى 150 لترا لكل مواطن في اليوم، وهو معدل مرتفع عن المعدل الوطني الذي يبلغ 90 لترا لكل مواطن.

وأوصى المرصد تماشيا مع الطلب المتزايد على الماء الشروب وانخفاض نسبة الموارد الطبيعية وندرتها بسبب تزايد الضغط السكاني والتغير المناخي، إلى التدبير الجيد للعرض والطلب من خلال إجراءات الحكامة الرشيدة، وتزويد الأحواض المعوزة، والمحافظة على الموارد الجوفية وحمايتها، وتأمين الإمدادات المياه الجوفية بحظر التعمير في المناطق القريبة من الفرشات المائية.

كما يقترح المرصد أيضا الانتقال لاستعمال المياه المستعملة المعالجة والمقدرة في 100 مليون متر مكعب، كبديل لتطوير الإمداد لأغراض فلاحية وصناعية وأيضا سقي المناطق الخضراء، والتي تبلغ مساحتها في طنجة ثلاث مليون و796 ألف متر مربع، وذلك من أجل خلق فرص وحلول خفض تكاليف الولوج للمياه الصالحة للشرب، أمام ما تعرفه المدينة من نمو حضري واسع النطاق.

من جهة أخرى، تساءل مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، عن أسباب توقف مشروع تسجيل مدينة طنجة ضمن سجل التراث العالمي لليونسكو الذي لم يراوح مكانه منذ سنة 2016، مسجلا غياب أي معلومة في الوقت الراهن عن هذا المشروع الذي كان من المتوقع الانتهاء منه مطلع سنة 2018، مشددا على أن قرار تقييد طنجة ضمن سجل التراث العالمي لليونسكو، من شأنه الحفاظ على أصالة المدينة وحفظ معالمها التاريخية المتعددة، وصون تراثها المبني من الضياع.

وأكد المرصد على أهمية المحافظة على التراث الثقافي، بالنظر لدور التراث في الحفاظ على الهوية والأصالة والذاكرة الجماعية، والوقوف في وجه الاستلاب الثقافي، واكتساح الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب التي تنهجها العولمة، منبها إلى أن العديد من الأخطار المحدقة، تأتي مع المشاريع الهيكلية التي تشهدها المدينة، دون تبني مقاربة تشاركية مع الفاعلين في المجتمع المدني والخبراء والجامعيين.

وأشارت الوثيقة إلى ورشات التفكير الدولية التي انطلقت بطنجة منذ شهر نونبر 2015، جمعت بين خبراء دوليين وممثلين عن اليونسكو ومركز التراث العالمي وبحضور فعاليات جمعوية متخصصة في المآثر التاريخية، معتبرا إياها حدثا فريدا ومحطة مفصلية في تاريخ طنجة العريق، وذلك من أجل تسجيلها ضمن التراث العالمي.

من جهة ثانية، تطرق تقرير المرصد أيضا إلى ظاهرة استفحال التعمير العشوائي والبناء المرخص على حساب المجالات الغابوية، مسجلا خلال السنة الماضية استمرار انتهاكات متزايدة وضغوطا بشرية متصاعدة عليها، وخاصة داخل الغابة الدبلوماسية، وغابة الرهراه، وغابة الهرارش، والنوينوينش، وغابة شاطئ الغندوري، داعيا السلطات المعنية إلى التصدي للمخاطر المحدقة بها.

ونبه التقرير كذلك إلى ما وصفها بالأعمال التخريبية التي تطال غابة حي الرهراه، والسلوكات الإجرامية لبعض المنتفعين بهذا المجال، وبعض الخواص الذين يشرفون على أوراش البناء وملحقاته، في المقابل سجل المرصد تراخيا كبيرا في أداء مصالح ولاية أمن طنجة مع شكاية حول سلوكات إجرامية مضرة بالغابة والتي قام المرصد بتوثيقها.

وطالبت الوثيقة بتحديد الملك الغابوي ونزع ملكية المناطق الغابوية، وتحفيظها لصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، كما طالبت بخلق غابات حضرية، كتعويض عن المساحات الكبيرة التي تم الإجهاز عليها، وتهيئة وتدبير هذه المجالات بطرق مستدامة، في محاولة للحاق بالمعايير الدولية في هذا المضمار.

وأكد التقرير على ضرورة الحفاظ على المنطقة الواقعة جنوب غابة السلوقية التي عرفت أكبر عدد من الحرائق السنة الماضية، كمنطقة طبيعية وعدم تحويلها إلى منطقة التهيئة السياحية، وذلك بعدما شرعت جرافات في فتح مسالك طرقية غابوية وتعبيدها وإنارتها وتشويرها، يقال إنها «لتسهيل ولوج الإطفائيين»، لكن استمرار الأشغال  دون أي لوحة إعلانية تشير إلى نوعية المشروع والأهداف المتوخاة منه، يبعث مخاوف استمرار الأطماع العقارية التي تحوم حول مجالها.

أما على المستوى التشريعي، فقد طالب المرصد بالإسراع بإخراج المراسيم التطبيقية الواردة في القانون 22.07 المتعلق بالمناطق المحمية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي