في ظل مخاوف أمنية كبيرة.. مصر أمام تحدي إنجاح تنظيم "الكان"

19 يونيو 2019 - 10:30

تنطلق في مصر الجمعة بطولة كأس الأمم الإفريقية 2019 في كرة القدم والتي تخاض للمرة الأولى بمشاركة 24 منتخبا بدلا من 16، ويأمل المصريون في أن تعيد إحياء احتفاليات النسخ السابقة التي استضافوها، على رغم التحديات الأمنية والتنظيمية الراهنة.

واختيرت مصر لتنظيم البطولة للمرة الخامسة، والأولى منذ 2006، في يناير الماضي فقط، بعد منافسة مع جنوب إفريقيا في أعقاب قرار الاتحاد القاري (“كاف”) سحب التنظيم من الكاميرون بسبب التأخر في تجهيز البنية التحتية اللازمة والقلق من الوضع الأمني.

ورغم ضيق الوقت المتاح لمصر منذ الاعلان عن اختيارها بلدا مضيفا، أكدت السلطات في القاهرة مرارا جاهزيتها لاسيما من ناحية الملاعب والبنية الأساسية وتقديم التسهيلات للمشجعين المحليين والزائرين، من دون إغفال الجدل الذي أثير حول أسعار التذاكر والبث التلفزيوني.

وستحل البطولة الرياضية الأولى من هذا الحجم التي تستضيفها مصر منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، بعد أيام من وفاة الرئيس السابق محمد مرسي الإثنين “أثناء حضوره جلسة محاكمة”، ومواراته الثرى فجر الثلاثاء في القاهرة.

وأكد مصدر في الاتحاد الإفريقي لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه، أن “لا سبب” يدعو لتأجيل البطولة أو إلغائها بعد وفاة مرسي.

وتولى الأخير رئاسة البلاد عام 2012 في أول انتخابات بعد الاطاحة بمبارك، لكنه أطيح بدوره من قبل الجيش بقيادة المشير والرئيس الحالي للبلاد عبد الفتاح السيسي، في الثالث من يوليوز 2013 عقب تظاهرات ضخمة طالبت برحيله.

وشهدت الأعوام التي تلت ثورة يناير، سلسلة من الأحداث الأمنية والهجمات في مناطق عدة أدت الى وفاة المئات من الأشخاص لاسيما في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق) حيث ينشط فرع محلي مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية، وتشن ضده القوات الأمنية حملة واسعة. كما استهدفت هجمات مختلفة مناطق سياحية وكنائس الأقباط.

كما تشهد مصر أزمة اقتصادية منذ “ثورة يناير”، تعزى أسبابها الى تضاؤل المداخيل بالعملات الصعبة وتراجع عدد السياح والاستثمارات الأجنبية.

رغم ذلك، أكدت السلطات استعدادها للاستضافة في الملاعب الستة (ثلاثة في القاهرة، وملعب في كل من السويس والاسكندرية والاسماعيلية)، وهو ما عكسه الاتحاد القاري بقول رئيس اللجنة المنظمة النيجيري أماجو بينيك “الملاعب الستة مذهلة، على طراز عالمي”.

أضاف لوكالة فرانس برس “لا تفاصيل للعمل عليها، كل شيء جاهز”.

– جدل التذاكر والبث –

وفي مقابل الجاهزية الانشائية، أثارت أسعار التذاكر انتقادات واسعة، لاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المصريون.

ففي أواخر أبريل أعلنت اللجنة المنظمة أسعارا لاقت انتقادات حادة من المشجعين بعدما سجلت تذاكر مباريات المنتخب المصري، خصوصا مقاعد الدرجة الثالثة، السعر الأعلى.

ودفعت هذه الانتقادات اللجنة الى إعادة النظر في الأسعار وخفض سعر تذاكر الدرجة الثالثة للمصريين لتصل إلى 150 جنيها (تسع دولارات) بدلا من 200 جنيها، بينما بقيت أسعار تذاكر الدرجة ذاتها لحضور مباريات المنتخبات الأخرى على حالها (100 جنيه).

ويرى الصحافي الرياضي المصري وليد العدوي أن “عدم الاستعداد (من قبل المنظمين) ظهر في جدل إعلان أسعار التذاكر، وما صاحبه من ثورة غضب عارمة، ساهمت في تخفيضها (الأسعار) قليلا فيما بعد”.

وأضاف أن أزمة التذاكر امتدت “إلى حصر المشجعين في المدرجات على فئة معينة وهي التي تتعامل مع الإنترنت فقط”.

وجعلت اللجنة المنظمة حجز تذاكر المباريات من خلال موقع إلكتروني، يحصل الراغبون من خلاله على “هوية مشجع” أولا، ليتمكنوا من حجز المقاعد.

ويقول العدوي “ثمة شريحة عريضة من المصريين المعتادين على حضور المباريات يجهلون كيفية التعامل الالكتروني”، متابعا “إذا كان سعر التذكرة منخفضا، كان من الممكن أن تجد مقاهي الانترنت مليئة بالزبائن الذين يحاولون الحجز إلكترونيا. لكن الأسعار لم تحمّس عددا كبيرا من الجماهير”.

وفي 2006 امتلأت مدرجات الملاعب بالمشجعين من كل الأعمار والفئات، ما حول مباريات البطولة الى ما يشبه الأجواء الاحتفالية التي انعكست على الشوارع والمنازل، توجت بإحراز “منتخب الفراعنة” اللقب.

– صعوبة التجربة –

وفي تعليق على الحجز الالكتروني، علق اللاعب المصري السابق ومدير بطولة 2019 محمد فضل بالقول “أي تجربة تواجه صعوبات في البداية”.

وأضاف لفرانس برس “لقد قررنا كدولة وكجهة منظمة أن نخاطر بالتطوير ونطبق التذكرة أونلاين (الكترونيا) حتى نتعلم”، موضحا أن “هوية المشجعين” (التي اعتمدت أيضا في مونديال روسيا 2018) تشكل طريقة مثالية لكي تتوافر لدى السلطات معلومات عن المشجعين وتوفير الأمن.

ووضع فضل ذلك في إطار أن “تكون مطمئنا عندما تذهب أسرتك لمشاهدة المباراة في الملعب”.

الى ذلك، يشكل البث التلفزيوني إحدى العقبات الأساسية التي أثارت تذمر المشجعين المصريين، نظرا لأن الحقوق الحصرية تعود الى شبكة “بي ان سبورتس” القطرية، أو من خلال القنوات المصرية الأرضية والتي يحتاج التقاط بثها الى تركيب هوائي خاص.

وفي بلد يبلغ تعداد سكانه زهاء 100 مليون نسمة ويعاني من ارتفاع في نسبة التضخم، تقتصر القدرة على الاشتراك بالقنوات المالكة لحقوق البث على الميسورين أو أصحاب المقاهي الراغبين في جذب الزبائن.

وبحسب الاحصاءات الرسمية، يعيش 28 بالمئة من المصريين تحت خط الفقر، ويبلغ متوسط دخل الفرد الشهري حوالي 4000 جنيه (240$).

ووعد وزير الرياضة أشرف صبحي في تصريحات نشرتها الصحف الحكومية في فبراير “عدم وجود أزمات في بث مباريات أمم أفريقيا 2019″، وأن المباريات ستبث “على الأرضي مجاناً لكل المصريين”.

وتنتشر على القنوات الفضائية المصرية هذه الأيام أشرطة مصورة موجهة للمشاهدين، حول كيفية تركيب هوائيات لنقل القناة الأرضية وأسعارها.

ويقول أحمد عبد المجيد وهو موظف مصري مولع بكرة القدم “هل من المعقول أن تكون مصر البلد المضيف ولا يستطيع أن ينقل المباريات على قنواته الفضائية؟ .. هذه سخافة”.

أضاف بابتسامة ساخرة “الكرة في مصر أهم من السياسة… إنها وسيلة الشعب الوحيدة للترفيه”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي