ماحي بنبين: طيلة 15 عاما لم نعرف أين يوجد شقيقي عزيز -الحلقة3

03 يوليو 2019 - 22:21

قضى الفقيه بينبين مدة تناهز 31 عاما يشتغل مؤنسا للملك الحسن الثاني.. ابنه ماحي بينبين، اختار توثيق هذه التجربة المثيرة في رواية «مؤنس الملك» التي تمت ترجمتها لعدة لغات.. في هذه الحلقات نجري حوارا مع الروائي والفنان ماحي بينبين، وقصته مع والده، كما ننشر أبرز فصول الرواية.

بعد روايتك الأولى « غفوة الخادم » التي تروي فيها عن « دادا » تلك الخادم التي ربتك وعاشت في بيتكم، كتبت رواية أخرى مستوحاة من معاناة والدتك من اختفاء ابنها عزيز في تازمامارت؟؟

بعد صدور روايتي الأولى، فوجئت بحجم الاهتمام الذي لقيته في فرنسا. لقد تم استدعائي لإجراء حوارات تلفزية، و مقابلات في الصحف، وخصص لي المركز الوطني للآداب دعما بقيمة 5 ملايين فرنك، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، وقالوا لي بإمكانك أن تتفرغ للكتابة، وتتوقف عن تدريس الرياضيات، كما أنني حققت مداخيل من مبيعات كتابي وبدأت أنشر مقالات في بعض الصحف بمقابل. وهذا شجعني على أن أكتب رواية ثانية، استلهمتها من قصة والدتي التي عانت مرض السرطان بينما كانت تنتظر ابنها الذي اختفى في تازمامارت. أصيبت الوالدة بمرض سرطان الثدي وكان يجب قطع ثديها، وقد استلهمت هذه القصة الدرامية المؤثرة وحولتها لرواية، بحيث إن أمي كانت تطالب الطبيب باسترجاع ثديها الذي قطع لأنها تريد أن تدفنه، وكان الثدي بمثابة الإبن مجهول المصير في تازمامارت، فقد كانت تقول: لقد سرقتم حياة ابني ولا يمكنكم أن تمنعوني من دفنه.

 كيف عاشت والدتك مع اختفاء ابنها عزيز الضابط الذي اعتقل في تازمامارت بسبب مشاركته في انقلاب الصخيرات؟

طيلة 15 عاما لم نعرف أين يوجد شقيقي عزيز. لقد عاش رفقة 27  شخصا في سجن تازمامارت وتوفوا جميعا فيه باستثناء أربعة منهم ولازال يعيش حياته إلى اليوم. كانت والدتي تحس بأنه حي. الأمهات لهن إحساس خاص. لقد كنت أقول لها لقد مات عزيز، لكنها كانت ترفض ذلك، بل إنها كانت كل يوم تترك له حصته من الطعام على الطاولة وتنتظر عودته.

كيف كانت شخصية والدتك؟

كانت لها شخصية قوية. كانت تعمل مجرد كاتبة في مصالح وزارة المالية في مراكش، وتطلقها والدي الفقيه بينبين، بسبعة أطفال، وقررت أن تكافح من أجل تربيتنا وضمان مورد مالي لعيشنا. تخيل أنها في سن الأربعين، تقدمت لمباراة الباكلوريا، وحصلت عليها، وتسجلت في الجامعة وحصلت على الإجازة، ما مكنها من الترقي في وظيفتها لتصبح رئيسة قسم. كانت تقول لنا إنه من الممكن الوصول لتحقيق الأهداف إذا كان هناك عمل جدي، وقد علمتنا أن نكون دائما الأفضل.  وفعلا، فقد أحصل على الرتبة الأولى في صفي في مدينة مراكش، وكانت والدتي تغدق علي الهدايا. أخي عزيز أيضا ذهب لأفضل سجن (يضحك).

 هل ساعدك صديقك الاسباني على مراجعة روايتك الثانية؟

اتصلت به لأطلب مساعدته، فرفض وقال لي إن بإمكاني أن أكتاب وحدي، وفعلا أنهيت الرواية وأخذتها لدار النشر « ستوك »، وبقيت أنتظر متوثرا إلى أن تم الاتصال بي وإخباري بأنهم قرروا طبعها ونشرها. قد فرحت كثيرا لهذا الانجاز، وكتبت بعد ذلك روايات أخرى « ظل الشاعر »، و « غبار الحشيش »، و »نجوم سيدي مومن »، وغيرها. وقد تم تحويل رواية « نجوم سيدي مومن » إلى فيلم سينمائي، أخرجه نبيل عيوش « يا خيل الله ».

 عاشت والدتك إلى أن رأت ابنها عزيز يخرج من السجن؟ كيف وقع اللقاء؟

كنت في باريس أدرس الرياضيات وأعطي دروسا إضافية للتلاميذ في بيوتهم، فاتصلت بي والدتي، طالبة مني العودة للمغرب. قالت إنه لم يبق لها كثير من العمر وتريد رؤيتي إلى جانبها. ترددت، لأن لدي شغل هناك، لا يمكنني أن أتركه، فذهبت عند مدير المدرسة الثانوية التي أشتغل فيها، وأردت أخذ رأيه، وقد كان يهوديا من أصول تونسية، فلم يتردد في نصحي بالعودة للمغرب قائلا « اذهب عند أمك »، فطلبت منه أن يطردني من العمل حتى أستفيذ من تعويض البطالة، وأجد مبلغا أعيش به خلال تواجدي في المغرب، وفعلا طردني، وحصلت على « الشوماج ».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي