حالة استنفار في المعابر البرية والبحرية خوفا من تسلل المتطرفين في "داعش"

18 يوليو 2019 - 06:00

المغرب في قلب الصراع القديم الجديد المحتدم بين التنظيمين الإرهابيين المهيمنين: القاعدة، بزعامة أيمن الظواهري، والدولة الإسلامية (داعش)، بقيادة أبو بكر البغدادي.

فقد بث الظواهري تحريضا جديدا لمن يعتقدهم أتباعه بالمغرب، حاثا إياهم على دعم ما سماه « الجهاد »، لكن ليس الجهاد التمكيني الذي تتبناه داعش والذي استطاع استقطاب أكثر من 900 جهادي مغربي، بل ما يسمى الجهاد القاعدي الساعي إلى خلخلة وزعزعة الأنظمة. هذا ما كشفه شريط فيديو جديد، على طول ثمانية دقائق تحت عنوان « كشمير لا تنسوها »، وجهه أيمن الظواهري من مكان مجهول إلى أنصاره عبر ذراعه الإلكتروني قناة السحاب؛ غير أن التدبر في نص الخطاب يظهر 
ضعف التنظيم وضيق الخناق عليه، وأنه لم يعد لديه وجود على أرض الواقع غير العالم الافتراضي.

هذا الخطاب الجديد، وارتفاع تهديدات الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، والتخوف من تسلل بعض الجهاديين الهاربين من سوريا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا؛ أحدث حالة من الاستنفار وسط الاستخبارات الأوروبية والمغربية. حالة النفير هذه ازدادت مع ارتفاع الضغط على البوابات والمعابر الحدودية البرية والبحرية التي تربط المغرب وإسبانيا، خوفا من تسلل بعض المتطرفين المشتبه فيه، سواء من إسبانيا إلى المغرب، أو العكس، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ »أخبار اليوم » بعد نشر صحيفة « الكونفيدينثيال ديجيتال » القريبة من الاستخبارات الإسبانية لمعطيات بهذا الخصوص.

في هذا الصدد، هاجم أيمن الظواهري في خطابه الجديد داعش دون ذكرها بالاسم قائلا: « غياب الضوابط الشرعية حول الجهاد حوَّل المجاهدين إلى قتلة في صفوف عصابات تقوم بالاختطافات والابتزاز ». وأضاف الظواهري، كما لو أن تنظيمه هو أيضا لم يتورط في قتل الأبرياء في مجموعة من البلدان، بما في ذلك الإسلامية قائلا: « لا يمكن قتل الأبرياء لمجرد الاشتباه فيهم، ولا يمكن أن تتحول المساجد وأسواق المسلمين واجتماعاتهم إلى مسرح تفجيرات عشوائية ».  وتابع الظواهري هجومه على داعش قائلا: « هذه الجرائم تشوه صورة المجاهدين وتعامل عامة المسلمين مع قضيتهم الأساسية، مما يجعلهم عرضة لقبول أكاذيب الحكومات والحروب الصليبية (الجيوش الغربية) »، وفق ما أوردته صحيفة « لارثون  » الإسبانية. رغم ذلك، تبقى القاعدة وداعش وجهين لعملة واحدة، إذ يقومان باستغلال الدين من أجل قتل الأبرياء.

عبد الرحمان المكاوي، الخبير المغربي المتخصص في الشأن الأمني، أوضح أن الصراع بين داعش والقاعدة هو « صراع قديم جديد ». وأردف أنه ليس من المستغرب أن يحتدم الصراع بينهما بعد سقوط داعش في سوريا والعراق، لأن بينهما شرخا إيديولوجيا كبيرا، بحيث « يؤمن داعش بجهاد التمكين، أي إقامة الخلافة أو الدولة الإسلامية في الأراضي التي يسيطر عليها؛ فيما تؤمن القاعدة بالجهاد العقائدي القائم على خلخلة الدول عن طريق ضرب رموزها ».

كما يرى المكاوي أن القاعدة وداعش تحولتا إلى « كائنات فسيفسائية لا وجود لها على الأرض، وليس لديها أي وزن عسكري ولا مالي ولا إعلامي، بل تتحرك في الشبكات الإلكترونية فقط، كما أنه لا تؤمن حتى نفسها ».

من جهة ثانية، حرض الظواهري في خطاب أتباعه المحتملين في المغرب و  كشمير والفلبين والشيشان وآسيا الوسطى و العراق سوريا وشبه الجزيرة العربية والصومال  وتركستان، على دعم ما يسمه « الجهاد »، باعتباره، على حد قوله، فرض عين على المسلمين. علما 
أن الإسلام براء من جرائم القاعدة
 وداعش وأخواتها.

وتعليقا على هذه الدعوة، يقول عبد الرحمان المكاوي، إنه في أبجديات الجماعات الإرهابية عندما يتحدث عن « المغرب » لا يقصد كدولة، بل يراد من المصطلح الإشارة إلى كل بلدان المغرب العربي.

ويعتقد المكاوي أن « الحركات الجهادية لم تنته بعد، لكن بدأت تنقرض، لأن الشعوب الإسلامية أصبحت طاردة لهذه التنظيمات »، علاوة على أن « الغرب شن عليها حربا شاملة: سياسيا وإعلاميا وماليا وإلكترونيا (…) ».

من جهة ثانية، تعيش الاستخبارات الأوروبية والمغربية على إيقاع حالة الاستنفار مع انطلاقا عطلة الصيف وقرب عيد الأضحى، حيث يزداد الضغط على البوابات والمعابر البرية والبحرية التي تربط بين إسبانيا والمغرب، لاسيما في معابر المدينتين المحتلتين سبتة ومليلة، والطريق البحرية الرابطة بين مينائي طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء.

صحيفة « الكونفيدينثيال ديجيتال » أوضحت أن المخابرات الإسبانية قامت بإنزال في مدينة الجزيرة الخضراء لمراقبة عن كثب عملية « عبور المضيق 2019 » التي انطلقت يوم 15 يونيو المنصرم وتنتهي يوم 15 شتنبر المقبل، بهدف منع تسلل متطرفين مشتبه فيهم بين المغرب وإسبانيا.

وأضاف المصدر ذاته أن المخابرات الإسبانية خصصت عناصر لها للعب دور الجيران أو السياح لجمع كل المعلومات لرصد كل التهديدات، التي يمكن أن يشكلها أي متطرف محتمل قد يتسلل بين 3 ملايين شخص سيتنقلون بين البلدين برا وبحرا هذا الصيف.

بدوره، يقول عبد الرحمان المكاوي إن حالة الاستنفار هذه لا تتعلق فقط بالمغرب وإسبانيا، بل بجميع الأجهزة الأمنية في المناطق الحساسة، بحيث أن كل وسائل النقل تحت المراقبة. وشرح قائلا: « الاستخبارات تعلم أن التنظيمات الجهادية تستغل حركات المسافرين بين أوروبا وشمال إفريقيا، وتحاول استغلال أي ثغرة أمنية في هذه الموجات البشرية بمناسبة عطلة الصيف وعيد الأضحى، لكن الأجهزة الأمنية يقظة وتعلم أن هذه التنظيمات لديها مشاريع إرهابية في شمال إفريقيا وأوروبا »، وما اعتداءات تونس الأخيرة عنا ببعيدة، وقبلها اعتداء إمليل بمراكش.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي