انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم فساد لا تسقط بالتقادم.. ما هي أبرز بنود الوثيقة الدستورية في السودان؟

19 أغسطس 2019 - 15:40

بعد حراك شعبي منتظم دام ما يقرب العام في السودان، منذ دجنبر 2018، توّج السودانيون نضالهم، نهاية الأسبوع المنصرم، بالتوافق حول تقاسم السلطة خلال الفترة الانتقالية، بين المجلس العسكري الذي كاد أن يُحكِم قبضته على الحكم منفردا، والمعارضة المدنية التي لم تبرح الشارع مصرة على المطالبة بانتقال ديمقراطي وحكم مدني.

وتجسد هذا التوافق بين الطرفين، في توقيع وثيقة دستورية، أول أمس السبت، تمهد لدخول السودان عهدا جديدا يشهد عملية انتقال إلى الحكم المدني، مع نهاية حقبة الرئيس السابق، عمر البشير، الذي استمر في الحكم طوال أكثر من ثلاثة عقود، قبل خلعه من قبل الجيش السوداني في أبريل 2019.

ومن أبرز ما تضمنته الوثيقة، التي جاءت بعد مفاوضات ماراطونية بين قوى الحرية والتغيير التي قادت الاحتجاجات طيلة العام الجاري، والمجلس العسكري الذي تعاملت أجهزته مع المتظاهرين بمنطق العنف والقمع، وانتهاك حقوق الإنسان وحريات الإعلام، التأكيد على أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم القتل خارج نطاق القضاء، وانتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وجرائم الفساد المالي وجميع الجرائم التي تنطوي على إساءة لاستخدام السلطة التي ارتكبت منذ الثلاثين من يونيو 1989 لا تسقط بالتقادم.

_108350561_gettyimages-1162054312

وتصف الوثيقة جمهورية السودان بأنها « دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة، أو الجنس أو اللون أو النوع، أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، أو الرأي السياسي، أو الإعاقة، أو الانتماء الجهوي، أو غيرها من الأسباب »، وتلغي العمل بدستور السودان الانتقالي لعام 2005، ودساتير الولايات، مستثنية القوانين الصادرة بموجبها التي ستظل سارية المفعول ما لم تلغ أو تعدل.

وتستمر المرحلة الانتقالية، بحسب الوثيقة، لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، من تاريخ التوقيع عليها، إلى أن تجري انتخابات في نهايتها، على أن تكون الأولوية في الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية، للعمل الجاد على إرساء السلام في المناطق التي تشهد نزاعات داخل السودان، وفق برنامج الفترة الانتقالية الذي يتضمن أيضا العمل على إنجاز إصلاحات قانونية تلغي النصوص المقيدة للحريات، وبرامج لإصلاح أجهزة الدولة، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وتسوية أوضاع المفصولين تعسفيا، فضلا عن ضمان حقوق النساء، وتعزيز دور الشباب، وبناء سياسة خارجية متوازنة.

مؤسسات الحكم الانتقالي

وتنص الوثيقة على أن مؤسسات الحكم الانتقالي تتألف من مجلس السيادة الذي يمثل رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها، كما يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، والقوات النظامية الأخرى، ومجلس وزراء يمثل السلطة التنفيذية العليا للدولة، ومجلس تشريعي يمتلك سلطة التشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي.

ويتشكل مجلس السيادة من 11 عضوا يتمثلون في خمسة مدنيين وخمسة عسكريين، وشخصية وطنية يتوافق عليها المجلس، الذي تتولى شخصية عسكرية رئاسته لمدة 21 شهرا، ثم تترأسه شخصية مدنية لمدة 18 شهرا الباقية من المرحلة الانتقالية.

ولمجلس السيادة صلاحيات تعيين رئيس الوزراء والوزراء، واعتماد تعيين حكام الأقاليم والولاة، واعتمادات تعيين أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، ورئيس القضاء، وقضاة المحكمة العليا، والنائب العام والسفراء، فضلا عن صلاحيات إعلان الحرب وحالة الطوارئ.

وتضع الوثيقة الدستورية مواعيد لتعيين مجلس السيادة واختيار رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، على أن يعقد أول اجتماع لمجلس الوزراء في 31 غشت الجاري وأول اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء في الأول من شتنبر المقبل.

السلطتان التنفيذية والتشريعية

يتألف مجلس الوزراء، حسب الوثيقة الدستورية، من رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين من كفاءات وطنية مستقلة، يُعينهم رئيس المجلس من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، باستثناء وزيري الدفاع والداخلية اللذين يرشحهما المكون العسكري في مجلس السيادة.

وتحدد الوثيقة اختصاصات وسلطات مجلس الوزراء، وشروط عضوية المجلس، وأسباب فقدانها، فضلا عن آليات الطعن في أعمال مجلس السيادة، ومجلس الوزراء، والحصانة الإجرائية لأعضائهما، مشيرة إلى تشكيل مجلس تشريعي انتقالي لا يتجاوز عدد أعضائه الـ 300 عضو، تختار نسبة 67 في المئة منهم قوى إعلان الحرية والتغيير، والنسبة المتبقية للقوى الأخرى غير الموقعة على الإعلان، مع استثناء حزب المؤتمر الوطني ورموز النظام السابق، على أن يتشكل في غضون 3 أشهر من توقيع الوثيقة التي حددت كذلك اختصاصات المجلس وسلطاته ومدته، وشروط عضويته وأسباب فقدانها، وقَسم رئيسه وأعضائه.

الأجهزة الأمنية

وتخصص الوثيقة فصلا لآليات تشكيل أجهزة القضاء القومي ممثلة بمجلس القضاء العالي، والسلطة القضائية والمحكمة الدستورية، فضلا عن النيابة العامة والمراجع، مفردة فصلا آخر للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بما فيها قوات الشرطة وجهاز المخابرات والمحاكم العسكرية، مع تحديد مهام جهاز المخابرات بأنه « جهاز نظامي يختص بالأمن الوطني وتقتصر مهامه على جمع المعلومات، وتحليلها، وتقديمها للجهات المختصة، ويحدد القانون واجباته ومهامه ويخضع للسلطتين السيادية والتشريعية ».

وتخصص الوثيقة الدستورية فصولا أخرى للمفوضيات المستقلة ولتفاصيل إعلان حالة الطوارئ فضلا عن وثيقة للحقوق، والحريات الأساسية، التي تشدد على حماية الحريات الشخصية للمواطنين، وحقوقهم بالحرية والأمان واحترام كرامتهم الإنسانية، وعدم توقيفهم عشوائيا أو إخضاعهم للتعذيب، أو لمعاملة قاسية أو مهينة، مؤكدة على ضمان حرية المعتقد والعبادة، وحرية التعبير ونشر المعلومات، وحرية التجمع والتنظيم والمشاركة السياسية، وحقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي