أوراز: الأبناك البديلة لن تختفي لكنها لن تحقق الاكتساح كما كان البعض يتوجس

28 أكتوبر 2019 - 06:03

رشيد أوراز –  باحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات

ما الذي يجعل المنظومة البنكية بالمغرب تبدو قوية ومنيعة أمام الازمات العالمية؟

إحجامها عن المغامرة وغياب المنافسة فيما بين الأبناك ومحدودية النشاط الاقتصادي الوطني. إن الأزمات جزء من الدورة الاقتصادية وتضرب الاقتصادات الأكثر نشاطا وخلقا للثراء. وأن تكون الأبناك المغربية منيعة أمام الأزمات الاقتصادية العالمية فهذا ليس استثناء، بل قاعدة في الاقتصاديات النامية. إن قوة الأبناك في عالم اليوم، تأتي من قدرتها على تمويل الاستثمار وخلق الثراء، وعلى التوسع على نطاق عالمي من خلال تجاوز الحدود الوطنية وبناء علاقات مالية مع مؤسسات مالية دولية، وفي هذا الباب لا تعدو الأبناك المغربية أن تكون صناديق للمدخرات في نطاق محدود جدا مقارنة حتى بالمؤسسات البنكية للدول الصاعدة، ولذلك ما يفسره.

توجه انتقادات حادة للبنوك المغربية، هل هي مسؤولة فعلا عن الاختلالات الاقتصادية للبلاد؟

الأبناك ليست مسؤولة عن الاختلالات الاقتصادية، فهي أولا وأخيرا، فاعل اقتصادي عقلاني يتصرف وفق منطق الربح والخسارة لتعظيم منفعته وتحقيق مصالحه الخاصة، وتعد المغامرة في مناخ اقتصادي متدني الثقة شيئا نادرا. وفي الاقتصاديات الريعية يبحث كل فاعل اقتصادي عن ريع معين، ولا يخرج الفاعل البنكي عن تلك القاعدة. الاختلالات الاقتصادية الكبرى ترتبط بطبيعة المؤسسات السياسية والاقتصادية وجودة التعليم ومستوى الحكامة وقدرة البلاد على جذب استثمارات أجنبية صناعية ذات قيمة مضافة مرتفعة، آنذاك ستجري البنوك وراء الربح وستخرج من دكة الاحتياط، حيث تترقب الوضع حاليا.

هل كان للبنوك المغربية دور في بناء المنظومة الحاكمة في المغرب، أم أنها نتيجة لهذه المنظومة؟

لا يمكن فصل الاقتصاد والمال عن السياسة، فهما متداخلان. منذ أن كتب أنطوان دو مونكريتيان رسالته في الاقتصاد السياسي والمفكرون يتحدثون عما نسميه “الاقتصاد السياسي” (منذ بداية القرن السابع عشر)، فهو فرع معرفي قائم بذاته. في المغرب حيث يشكل الريع الاقتصادي وسيلة للحكم يتداخل المال بالسياسة بشكل كبير، لكن ليس كما هو الحال في بعض البلدان في المنطقة القريبة منا جغرافيا وثقافيا، فالدولة تعرف بشكل جيد أنها لا يمكن أن تتحكم في كل شيء، وهناك دائما مجال للتصرف مادام الأمر لا يهدد وجودها. لكن قوة الدولة في علاقتها بالأبناك تتجلى في أنها هي من يملك “البنك المركزي” الحاكم الفعلي للسوق النقدية وصانع قواعد اللعب فيها.

أبانت البنوك البديلة عن محدودية أثرها بعد تأسيسها، ما تفسير ذلك؟

هناك عوامل كثيرة؛ منها أنها جاءت بشكل متأخر شيئا ما إلى السوق، ثم ما يتعلق بضعف الثقافة “الاستبناكية” للمواطنين المغاربة، وهناك، أيضا، ما يتعلق بغلاء خدماتها مقارنة بنظيرتها التقليدية أو هي ليست أقل كلفة بالنسبة إلى المستهلك المغربي، وما يتعلق بتراجع التيار الديني الذي قبل بالقواعد التقليدية في أغلب مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتراجع، بالتالي، دعمه ودعايته لهذه المؤسسات المالية البديلة؛ لذا لن نتفاجأ إذا اكتشفنا أن من يتحملون اليوم مسؤوليات في الإدارة والدولة من هذا التيار ويتعاملون مع المؤسسات المالية البديلة، هم القلة، والأكثرية يتعاملون مع الأبناك التقليدية. سيكون لها حجمها الطبيعي في السوق، ولن تختفي، لكن لن يكون هناك اكتساح لها كما كان البعض يتوجس.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي