التهامي المعروفي: المغرب قفز إلى 53 في «جودة مناخ الأعمال» خلال عشر سنوات

03 نوفمبر 2019 - 12:00

حصل المغرب على الرتبة 53 عالميا من أصل 190 دولة في تقرير جودة مناخ الأعمال لسنة 2020، الذي أصدره البنك الدولي بعدما كان في 2019 في الرتبة 60 وفي 2010 في الرتبة 128.. في هذا الحوار يشرح التهامي المعروفي، رئيس اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال التابعة لرئاسة الحكومة، أهمية هذا الإنجاز وأثره على الاستثمار

حقق المغرب قفزة كبيرة في تصنيف مناخ الأعمال الذي أصدره البنك الدولي في 24 أكتوبر 2019، ما أهمية ذلك؟

أود الإشارة، أولا، إلى أن تصنيف “دوين بيزنيس” Doing business الذي يصدره البنك الدولي حول مناخ الأعمال، يعتبر الأكثر اعتمادا من طرف التصنيفات والتقارير الدولية، لأنه يعتمد معايير علمية ميدانية. حاليا يوجد حوالي 165 تصنيفا دوليا، منها ما بين 50 و60 تقريرا دوليا يتعلق بالاستثمار، وحوالي 26 تقريرا تعتمد على معطيات تقرير مناخ الأعمال للبنك الدولي، ولهذا فإن معطيات هذا التقرير تستعمل على نطاق واسع في التصنيفات العالمية. ومن هنا فإن الترتيب الذي حصل عليه المغرب جاء نتيجة اشتغال دام سنوات على مجموعة من المشاريع في مختلف المجالات التي تهم تحسين ظروف عمل المقاولة. ويعتمد تقرير البنك الدولي على عدة معايير لتنقيط مناخ الأعمال؛ منها مدة زمن المساطر الإدارية والقوانين والممارسات الفضلى، وغيرها من الأمور التقنية. وقد طور البنك الدولي تقريره الذي صدر منذ 18 سنة، ووصل عدد الدول التي تخضع للتصنيف 190 دولة. وأهميته تكمن في استعماله من طرف المؤسسات المانحة والمستثمرين من القطاعين العام والخاص ووكالة التنقيط الدولية مثل “فيتش رايتين”. وكل ذلك له انعكاس على صورة المغرب الذي تسلط عليه الأضواء ليصبح على خارطة اهتمام المستثمرين الأجانب.

هل يعني ذلك أن تحسن مناخ الأعمال ينعكس تلقائيا على جذب الاستثمارات؟

هناك عوامل أخرى تساهم في استقطاب الاستثمارات، مثل البنيات التحتية والاستراتيجيات القطاعية، لكن مناخ الأعمال جد مهم بالنسبة للمقاولين.

كيف تمكن المغرب من تحسين ترتيبه؟

قبل إحداث اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال سنة 2010، كان ترتيب المغرب يصل إلى 128 عالميا من ضمن حوالي 170 دولة، واليوم بعد عشر سنوات ربحنا 75 نقطة في الترتيب العالمي وأصبحنا في الرتبة 53 من أصل 190 دولة، والمهم هو أن المغرب حسن ترتيبه بشكل تدريجي وتصاعدي وهو ما يعكس عملا متواصلا وجادا باعتماد إصلاحات تطلبت وقتا معينا. نحن نجني ثمار عمل دام لسنوات شمل المجالين القانوني والتنظيمي لمناخ الأعمال، بالاعتماد على المعايير الدولية في مجال تنظيم الاستثمار، ومن الأمثلة على ذلك إصلاح الكتاب الخامس من مدونة التجارة حول صعوبة المقاولة، وقانون شركات المساهمة وقانون الضمانات المنقولة. وللإشارة فإن سبع مؤشرات في تقرير البنك الدولي تهم المساطر الإدارية والرقمنة واعتماد الشبابيك الوحيدة. وخلال عشر سنوات، أنجز المغرب 31 إصلاحا مكن من كسب 75 درجة في الترتيب. وقد ثمنت الرسالة الملكية لمؤتمر مراكش حول العدالة والاستثمار هذا التوجه، والآن يوجد المغرب على مشارف ولوج ترتيب الدول الخمسين الأولى في مناخ الأعمال.

 

هل يمكن أن تعطينا فكرة عن ترتيب المغرب في بعض المؤشرات؟

في مجال رخص البناء حصل المغرب على الرتبة 16 عالميا، وفي مؤشر تسهيل أداء الضرائب الرتبة 24 عالميا، ومؤشر ربط الشركات الصناعية بالكهرباء الرتبة 34. وفي مجال جودة حماية المستثمرين في الرتبة 37، علما أننا كنا في الرتبة 165 عالميا قبل عشر سنوات. وفي مؤشر خلق المقاولة نوجد في الرتبة 43.

 

ما هي الإصلاحات الأخرى المنتظرة التي يمكن أن تقود المغرب لدخول دائرة الدول الخمسين الأولى في مجال مناخ الأعمال؟

هناك مؤشر لازال ترتيبنا فيه متأخرا، وهو مؤشر الحصول على الائتمان (القروض)، والذي حصلنا فيه على الرتبة 119، وهذا مؤشر لا يعتمد معايير تقيس سعر الفائدة أو الاستقرار المالي، إنما يعتمد مؤشرا قانونيا من قبيل التوفر على قاعدة معلومات حول طلبات القروض، ونسبة الوفاء بأدائها، ونحن نتوفر على العلامة الكاملة في هذا المجال لأننا نتوفر على هذه المعطيات، لكن لدينا نقص في مجال اعتماد الضمانات المنقولة لمنح القروض. فالبنوك لا تقبل سوى الضمانات غير المنقولة كرهن للقرض. وقد عمل المغرب على تجاوز هذا العائق بمصادقة البرلمان في 26 أبريل 2019 على قانون الضمانات غير المنقولة.

 

لكن تقرير البنك الدولي لم يعتمد قانون الضمانات غير المنقولة في تنقيطه؟

نعم لم يعتمده، لأنه يجب انتظار الشروع في تفعيل هذا القانون بإحداث السجل الوطني للضمانات المنقولة، وهو سجل إلكتروني يتم الاشتغال عليه بتشارك بين وزارات العدل، المالية، والتجارة والصناعة وبنك المغرب. ونتوقع خروج السجل في يناير المقبل. وهذا يعني أننا في أبريل 2020 حين سنقدم ملفنا أمام البنك الدولي سيكون المغرب قد استجاب لأحد المعايير الدولية في مجال تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، باعتماد الضمانات المنقولة، وسيزيد ذلك من فرض تحسين ترتيب المغرب. وهذا يساير التوجيهات الملكية في مجال تطوير آليات الحصول على الائتمان.

 

كيف هو ترتيب المغرب إفريقيا وعربيا؟

الرتبة 53 التي حصل عليها المغرب في تقرير مناخ الأعمال، تجعله الأول في شمال أفريقيا، وفي أفريقيا الغربية، والثالث في القارة الإفريقية بعد كل من رواندا وجزر موريس، رغم أن هاتين الدولتين لهما اقتصاد أقل قوة مقارنة مع المغرب. فيما جاءت كينيا في الرتبة 56 وتونس 78، وجنوب إفريقيا الرتبة 84. علما أن المغرب تجاوز جنوب إفريقيا لأول مرة سنة 2018 من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية. وضمن الدول العربية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط حل المغرب في الرتبة الثالثة. ومن الدول العربية التي سبقت المغرب هناك الإمارات الرتبة 16، والبحرين 43، فيما تجاوز المغرب السعودية 62، وسلطة عمان 68 والكويت 83.

 

ما هو أثر تحسن مناخ الأعمال على نمو الاستثمار الخارجي في المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة؟

يمكن ملاحظة ارتفاع في الاستثمارات الأجنبية سنويا منذ 2010، حيث كان في حدود 26 مليار درهم، واليوم وصلنا إلى حوالي 40 مليار درهم، علما أن الاستثمارات التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة لا تتعلق بالخوصصة، إنما باستثمارات جديدة في مجالات صناعة السيارات والطائرات والطاقات المتجددة. ولا حاجة للتذكير بأن تقرير مناخ الأعمال للبنك الدولي يعتبر عاملا أساسيا في جذب الاستثمار لكن ليس وحده كافيا، فالاستقرار السياسي للمغرب وموقعه الجغرافي وعمقه الإفريقي وتوازن المؤشرات الماكرواقتصادية يعتبر أيضا حاسما لجذب الاستثمارات.

 

كيف تشتغل اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، ما هي مشاريعها المستقبلية؟

أولا، لا بد من الإشارة إلى أن اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال تعمل تحت إشراف رئيس الحكومة، ولا تعتمد على أي شركة استشارة عالمية كما تفعل بعض الدول، فهي تعكس مجهود مغربي محض. ثانيا، تعتمد اللجنة على المقاربة التشاركية مع مختلف القطاعات الحكومية من أجل دراسة تحسين المساطر وإصلاح القوانين وتشمل هذه المقاربة حتى القطاع الخاص والمهنيين المعنيين، وكل ذلك يتم تحت إشراف رئاسة الحكومة.

أما بخصوص مجالات العمل الأخرى المطروحة على جدول أعمال اللجنة، فأود الإشارة إلى أننا لا نشتغل فقط على تقرير البنك الدولي رغم أهميته، بل نهتم بمختلف المجالات الأخرى المتعلقة بالمقاولة، مثل موضوع الطلبيات العمومية، وأجل الأداء، والولوج للعقار والتكوين والتكوين المستمر، ومحاربة الرشوة. نحن نعمل مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب على مواجهة كل الإشكاليات التي تعوق عمل المقاولة، ونحن بصدد إخراج استراتيجية وطنية لتحسين مناخ الأعمال.

ماذا عن إصلاح القضاء وأهميته في دعم الاستثمار؟

هذا موضوع مهم، وقد حصل المغرب في مؤشر “تنفيذ العقود” في تقرير البنك الدولي على ترتيب 60، وهي رتبة مشرفة، لكننا لن نقف عند هذا الحد، فنحن نطمح لتحسن هذا الترتيب لنصل للرتبة 40 في مجال تصنيف المحاكم التجارية المغربية في مجال تنفيذ العقود. كما نتعاون مع وزارة العدل والسلطة القضائية لإطلاق أوراش كبرى تتعلق بالرقمنة وتبسيط المساطر واعتماد الشبابيك الوحيدة، فضلا عن خلق منصات إلكترونية تمكن المحامين من التعامل رقميا مع المحاكم.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي