تفاصيل محاكمة الصحافيين الأربعة أمام الاستئناف.. النيابة العامة لم ترافع في الملف

11 ديسمبر 2019 - 19:20

بعد ثلاث ساعات من المرافعات أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الاثنين 9 دجنبر، قررت المحكمة إدخال ملف الصحافيين الأربعة: كوثر زكي، وعبد الإله سخير، من الجريدة 24، وعبد الحق بلشكر من « أخبار اليوم« ، ومحمد أحداد، من « المساء« ، وبرلماني الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، عبد الحق حسيان، للتأمل والنطق بالحكم في جلسة يوم الاثنين 23 دجنبر.

ويتعلق هذا الملف بقضية مثيرة للجدل تتداخل فيها حسابات سياسية بقضايا حرية الصحافة، حركتها شكاية لحكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين، في سياق سياسيخاص، وتم تغليفها بتهمة تسريب ونشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق حول صندوق التقاعد، التي شكلها المجلس في 2016، وهي الشكاية التي حققت فيها الفرقة الوطنية للشرطة، وحكمت فيها المحكمة بالابتدائية بالرباط في مارس الماضي، على جميع المتهمين بستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة 10 آلاف درهم، بالرغم من أن الصحافيين نشروا معطيات عادية لا تكتسي أي طابع سري أو خطير.

وعرفت جلسة الاثنين 9 دجنبر مرافعات للدفاع سواء في الشكل أو في الموضوع، انصبت على انتقاد الحكم الابتدائي، ولوحظ أن النيابةالعامة اكتفت بتأييد الملتمسات دون مرافعة.

بنشماس يجهل القانون

من حيث الشكل، انتقد النقيب عبد الرحمان بنعمرو، عدم احترام الشكليات في البحث التمهيدي، وخاصة إسناد البحث في هذا الملف للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي قال إن مهامها تنحصر في الجرائم الكبرى، كجرائم الإرهاب والمخدرات، وليس التحقيق مع الصحافيين في قضايا النشر.

كما انتقد لجوء الفرقة للتنصت الهاتفي دون سند قانوني. وسلمبنعمرو مذكرة بهذا الشأن للمحكمة، وفي نفس السياق قدم المحامي خالد السفياني، عدة خروقات شكلية أخرى، أبرزها أن القانون المتعلق بلجن تقصي الحقائق ينص على أن الشكاية يجب أن يوجهها رئيس مجلس المستشارين للنيابة العامة، لكن بنشماس وجهها لوزير العدل، معبرا عن أسفه لكون رئيس المجلس « يجهل القانون« .

وتساءل « هل وزير العدلهو النيابة العامة؟« . منتقدا التبرير الذي قدمه الحكم الابتدائي، بأن وزير العدل في الصيغة السابقة كان هو رئيس النيابة العامة، وعلق قائلا « لماذا لم ينص القانون على أن توجه الشكاية لوزير العدل بصفته رئيسا للنيابة العامة« .

كما انتقد السفياني متابعة البرلماني حيسان، رغم تمتعه بالحصانة، وقال إن حيسان « يتابع في قضية تتعلق بعمله البرلماني« .

وبخصوص القرصين المدمجين اللذين سلمهما رئيس لجنة التقصي محمد بنعزوز، رئيس لجنة التقصي للشرطة، وتم ضمهما للملف، ويتضمنان 3 ساعات من أشغال اللجنة، على أساس أنهما دليلان على أن ما نشره الصحافيون هو ما راج في الجلسة، اعتبر السفياني أن هذه الفضيحة « هي التسريب الحقيقي« ، خاصة أن إخراج القرصين من مجلسالمستشارين تم بدون علم رئيس المجلس، وهو ما توضحه رسالة لحكيم بنشماس ينفي فيها علمه بموضوع تسريب الشريطين وتسليمهما للشرطة.

وتأسف السفياني لأن المحكمةالابتدائية رفضت هذا الدفع، بدعوى أنه أثير بعد انتهاء المرافعات الشكلية، وقال « لو قبلت المحكمة استبعاد الشريطين لأمكن متابعة المتورطين في التسريب« .

أما النقيب عبد الرحيم الجامعي، فذكر بسياق نشر الصحافيين لمقالات عن وضعية الصندوق المغربي للتقاعد، في سياق مخطط الحكومة لإصلاحه، وما أثاره ذلك من اهتمام الرأيالعام. وبدوره تحدث عن الخروقات في البحث التمهيدي باللجوء لالتقاط المكالمات، والبحث عن مصادر المعلومة، وتساءل « هل تم اعتماد وسائل مشروعة في البحث؟ وهل سمحت النيابة العامة بالتنصت؟« 

وبعد هذه المرافعات، أعطى القاضي الكلمة للنيابة العامة للتعقيب، لكن هذه الأخيرة اكتفت بالقول « ألتمس ضم الدفوع الشكلية للجوهر » دون مرافعة، وهو ما وافق عليه رئيس الجلسة،ما خلف احتجاجا من خالد السفياني، الذي اعتبر هذا الموقف بمثابة رفض « يجب تعليله« . ومباشرة فتح رئيس الجلسة المناقشة في موضوع التهم.

وبدأ النقيب عبد الرحمان بنعمرو، مرافعته بالتساؤل عن مضمون تهمة « نشر معلومات تتعلق بعمل لجنة التقصي« ، وتساءل « هل تم نشر جميع المعلومات حتى تتم المتابعة« ، مشيراإلى أن من نشر جميع المعلومات هو من سرب الشريطين المتضمنين لثلاث ساعات من التحقيقات

. وبخصوص متابعة عبد الحق حيسان، برلماني « الكدش« ، قال بنعمرو إن حيسان« مستهدف لأنه وقف ضد الصهاينة« .

انتقاد الحكم بالقرينة وليس بالدليل

أما عبد الرحيم الجامعي، فانتقد الحكم الابتدائي، لأنه أدان حيسان بـ« القرائن« ، وليس بأدلة واضحة، فالمتهم « نفى في كل أطوار التحقيق والمتابعة التهم المنسوبة إليه« ، ومع ذلك تمتإدانته بـ« القرينة« ، وتساءل هل تتوفر المحكمة على مضمون المكالمات لتقديمها كدليل؟ وحتى لو وجدت فإن النيابة العامة « لا تستطيع تقديمها لأنها لا تتوفر على إذن بالتنصت« . وأشار إلى أن الحكم الابتدائي أدان حيسان بـ« الشك« .

وبخصوص الصحافيين، قال الجامعي إنهم متابعون في قضية النشر، في حين لم تستدع المحكمة المسؤولين عن النشر، لأن هناك فرقا بين كاتب المقال والناشر، وحذر من أن هذاالملف يمس حرية الصحافة، وأن الإدانة تعتبر استهدافا للصحافيين.

وفي نفس السياق، انتقد المحامي علي عمار، إدانة البرلماني حيسان، بالقرائن بناء على ادعاء وجود مكالمة بينه وبين الصحافية كوثر زكي، وتساءل « هل لمجرد إجراء مكالمة يمكن القول إن هناك قرينة ضد حيسان؟« ، مشددا على أنه « لا يمكن إدانة شخص دون عرض وسائل الإثبات عليه« .

ومن جهته، بسط المحامي عبد العزيز النويضي، عدة حجج من أبرزها « غياب الركن المادي للجريمة« ، واعتماد « قرائن » لا تدل على أن حيسان هو من سرب المعلومات، مشيرا إلى أنأعضاء لجنة التقصي بلغ عددهم 11 شخصا، إضافة لرئيس الحكومة، فضلا عن عدد من الأطر والموظفين، الذين لم يتم الاستماع إليهم.

ومن جهة أخرى تساءل النويضي هلالقانون يعاقب على نشر المعلومات التي جمعتها اللجنة، أم نشر جميع أعمال اللجنة؟ ورد بأن التفسير الضيق يقتضي تجريم نشر المعلومات التي جمعتها اللجنة، متسائلا هل مانشره الصحافيون هو معلومات جمعتها اللجنة؟ خاصة أن الكثير من المعطيات سبق نشرها في تقارير رسمية عدة مثل تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول صندوق التقاعد. واعتبرالنويضي أن النيابة العامة « تأثرت بعناوين صحافية« ، في حين أن المقالات لم تنشر أي أسرار، معتبرا أن ما نشره الصحافيون « لم يكن معلومات جمعتها اللجنة« ، ومتسائلا « لماذا نعاقب صحافيين فقط لأنهم يخبرون الرأي العام بقضايا تشغل بالهم« ، مضيفا « لا يليق ببلادنا أن تتابع برلمانيا ونقابيا ومجموعة من الصحافيين بجرائم غير موجودة« .

أما خالد السفياني، فتحدث عن خلفيات سياسية لمحاكمة البرلماني حيسان، مذكرا بواقعة طرده لعمير بيرتيس « الإرهابي المجرم الصهيوني » من البرلمان إثر استدعائه للمشاركة فيمؤتمر، وقال السفياني إن تهمة تسريب المعلومات هي مجرد ذريعة لمحاكمة حسيان، ضد فعل آخر يتعلق بطرد بيريتس.

كما كشف أن تحريك هذه المتابعة من طرف رئيس مجلسالمستشارين، ورئيس لجنة تقصي الحقائق عزيز بنعزوز، وكلاهما من حزب البام، « كان يستهدف بنكيران« ، مذكرا بإفادة بنعزوز للشرطة بأنه لا يشك في أي أحد من أعضاء اللجنة، وأن شكه ينصب فقط على شخص مرافق لبنكيران..

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي