نقطة نظام.. هواء الحرية

22 يناير 2020 - 00:00

عشنا، في الأيام القليلة الماضية، على إيقاع قرارات وأحكام قضائية تحمل نفَس الحرية، شملت قرارات لمحاكم استئناف ألغت أو خففت أحكاما قاسية كانت محاكم ابتدائية قد أنزلتها بشبان أغلبهم قاصرون، كما صدر عفوان ملكيان حاملان لرسائل إنسانية واضحة، همّ الأول معتقلات، بعضهن قاصرات، كان القضاء قد أدانهن بموجب فصول محاربة الإرهاب، كما استفاد سجين آخر بشكل استثنائي من عفو ملكي بعد نقله إلى المستشفى وهو في سن متقدمة.

ما دلالة هذه الخطوات؟ هل ينبغي القفز عليها لتغليط السلطات الأمنية والقضائية التي بادرت إلى اعتقال وسجن هؤلاء الأشخاص؟ إذا قمنا بذلك فلن نكون أكثر من متعطش للانتقام، ولن نحقق أية فائدة سواء للدولة أو للمجتمع. لكننا لا نملك أيضا أن نتجاهل مثل هذه الخطوات، خاصة أنها صدرت بشكل ممنهج ومتزامن، وبالتالي، فهي حاملة لرسائل لا بد من قراءتها.

الخطوات الجريئة والإيجابية، التي أبهجت صدورنا في الفترة الأخيرة، لن تحقق فائدتها إن لم نتعظ منها كفاية، لكي لا نكرر أخطاء تظهرنا في شكل دولة شمولية تكمم الأفواه وتقطع الألسن. لا أحد يمكنه أن ينكر وجود انفلاتات وتجاوزات واعتداءات تقع عبر وسائل النشر، التي باتت متاحة لعموم المواطنين، لكن الرد على هذه التجاوزات لا يمكن أن يكون بالزجر الأعمى، بل على تحركنا نحو العقاب أن يكون في حدوده الدنيا وعند الاقتضاء، وألا يتجاوز سقف التناسب بين الفعل والعقاب. أما الجواب الأكثر فعالية، فلن يخرج عن سياسة شاملة تجمع بين التوعية والتعريف بحدود الحرية، وبين حماية هذه الحرية نفسها، لأنها الهواء الذي نحيا به جميعا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي