اللواء خيسوس أرغوموسا: بلار نزاع مسلح محتمل مع المغرب

13 يوليو 2020 - 00:00

إن العلاقات بين إسبانيا والمغرب محكومة بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والأمنية، التي تضفي عليها تعقيدا لا يخلو من الغموض. بغض النظر عن تداعيات الصراع المزمن في شرق البحر الأبيض المتوسط، التي قد تلقي بظلالها على البلدين، فإن المملكتين تنتميان إلى حوض غرب المتوسط، حيث مضيق جبل طارق يلعب دورا جوهريا في النظام الجيوسياسي الدولي. تنضاف إلى كل هذا العلاقات الثنائية الإسبانية المغربية، التي تضم بين ثناياها تباينات، ابتداء من النزاع حول سبتة ومليلية، مرورا بالاختلاف حول مستقبل الصحراء الغربية، وصولا إلى ترسيم مجالات المياه الإقليمية والهجرة غير النظامية والإرهاب. كل هذا يجعل العلاقات الثنائية بين البلدين تتسم بالتعقيد.

بخصوص ترسيم الحدود بين البلدين، يطرح توسيع المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري من قبل المغرب، في 30 مارس الماضي، نزاعا بين البلدين حول منطقة الجبل البحري الاستوائي، على بعد 300 ميل من جزيرة « الحديد »، الذي يضم احتياطات مهمة من التيلوريوم والكوبالت. هذا التحرك المغربي ينسجم ومتلازمة سون تزو، المتمثلة في ضرب العدو عندما يكون ضعيفا.

لنكون واقعيين، أي نزاع مفترض مع المغرب -لا أرى ذلك في المدى القريب ولا المتوسط ولا البعيد- سيحدث، بالأساس، في حالة وجود عدوان مغربي ضد الأراضي الإسبانية في شمال إفريقيا، بدءا بالمدينتين سبتة ومليلية، مرورا بالجزر الجعفرية، وصولا إلى صخرة الحسيمة، وصخرة بيليث، وجزيرة ليلى. فرضيتنا تحليلنا هذا تضعنا في سياق التهديد غير المشترك.

من جهة أخرى، وبغض النظر عن التعاون الوثيق والتنسيق بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية، ستعالج الخلافات المرتبطة بمستقبل الصحراء وترسيم الحدود في إطار القانون الدولي.

عندما احتل المغرب جزيرة ليلى في يوليوز 2002، استرجعتها إسبانيا في عشرة أيام، بحيث كان ذلك ضروريا لمعرفة، فرضا، كيف سيكون الرد الإسباني في حال احتل المغرب إحدى الأراضي الإسبانية في شمال إفريقيا. أما سبتة ومليلية، فإن الدفاع عنهما يبدأ من خارج مجالهما الترابي، من خلال اعتماد المقاربة الاستباقية القائمة على الوسائل الاستخباراتية، مع تقوية القدرات الردعية، وحتى العدوان إذا ما وُضعت السيادة الإسبانية محط تشكيك.

لا شك أن استرجاع المغرب أحد المجالات الترابية السالفة الذكر، يعني وضع محط تساؤل جميع المجالات الترابية الأخرى، لهذا يجب تبني استراتيجية استباقية حازمة ومتينة.

وإذا قبلنا السبب الرئيس، الذي قد يؤدي إلى نزاع مسلح بين المغرب وإسبانيا، فيمكن استشراف سيناريوهين: أولا، « احتلال » المغرب بعض الأراضي الإسبانية -مع استثناء سبتة ومليلية- بالطريقة عينها التي جرت مع جزيرة ليلى، من أجل اختبار كيف سيكون رد الفعل الإسباني؛ أما السيناريو الثاني، وهو الأخطر، سيكون عبارة عن هجوم قوي على سبتة ومليلية.

بشكل عام، وبغض النظر على أن القوات المسلحة المغربية تمر بفترة مهمة، تتجسد في تحديث وتطوير والرفع من قدراتها الحربية، فإن الانتشار الحالي للجيش المغربي موجه صوب الحدود مع الجزائر وصوب الصحراء. وحتى إذا ما قارنا بين الجيوش الثلاثة، الإسبانية والمغربية والجزائرية، فإن الامتياز يبقى لإسبانيا. لكن في المواجهات العسكرية، بغض النظر عن العتاد الحربي، تؤخذ بعين الاعتبار معايير أخرى مهمة؛ من بينها التجربة الحربية، والقدرة على التأقلم مع محيط عملي متغير، والجاهزية والعمليات المشتركة والزعامة، ونظام التحكم والمراقبة والتكوين وتحفيز الطاقم، علاوة على التكنولوجيات الحساسة، مثل الذكاء الاصطناعي أو الفضاء السيبيرناتي، وهي عوامل يمكن أن تعطي الأفضلية في ساحة المعركة لطرف على آخر. وهذه المعايير الأخيرة تعطي، أيضا، الامتياز لإسبانيا.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي