المغرب يشارك في تشكيل قوات عسكرية عربية مشتركة.. ما هي حظوظ النجاح؟

25 أبريل 2015 - 08:30

قرّر رؤساء أركان الجيوش العربية، يوم الأربعاء في العاصمة المصرية القاهرة، تعيين فريق رفيع المستوى للعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة لبحث آليات تشكيل القوة العربية المشتركة.

الخطوة جاءت تفعيلا لقرار سبق أن وقّع عليه اجتماع مجلس دول الجامعة العربية الأخير في دورته 26، إلا أنها لم تحظ بتأييد كافة الدول العربية، إذ اعتذرت الجزائر عن المشاركة فيها، كما تحفّظت عمان واليمن وجزر القمر، وغابت سوريا.

ومثّل المغرب وفد ترأسه الجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الذي كان مرفوقا بالجنرال محمد الرودابي، رئيس المكتب الثاني (استخبارات عسكرية)، إلى جانب الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، وسفير المغرب بمصر والمندوب المغربي الدائم لدى جامعة الدول العربية، محمد سعد العلمي، وكذا مدير المشرق والخليج والمنظمات العربية والإسلامية بالوزارة، أحمد التازي.

ويبدو من خلال البيان الختامي للاجتماع أن رؤساء الأركان اتفقوا على مهمّتين للقوة العربية المشتركة: الأولى تتمثل في التصدي للإرهاب، والثانية المساهمة في إدارة النزاعات والأزمات بشكل يحفظ استقرار المنطقة، لكن لا يبدو واضحا أن ثمة اتفاقا على معنى الإرهاب بين الدول العربية، ولا أي تصور موحد حول تدبير الأزمات والنزاعات كما هو جلي بخصوص مواقفها وسياساتها تجاه سوريا على سبيل المثال.

ورغم أن الإعلام المصري احتفى كثيرا بالاجتماع والقرار معا، إلا أن المراقبين لا يرون في الخطوة أي سبيل للنجاح.

وقال إبراهيم اسعيدي، أستاذ الدراسات العسكرية والأمنية بجامعة قطر، لـ»اليوم24» إن نجاح أي قوة عسكرية مشتركة، يقتضي أمرين: الأول «وجود توافق سياسي حول المخاطر ذات الأولوية، وحول مصادر التهديد كذلك». وأوضح اسعيدي أن من مصادر التهديد مثلا للدول العربية وجود إسرائيل، وهو ما تؤكده وثائق الجامعة العربية طيلة عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، لكن منذ التوقيع على اتفاقية «كامب ديفيد»، لم «تعد الرؤية نفسها تجاه إسرائيل لدى كل الدول العربية»، وهذا يعني أن «مصدر التهديد لم يعد مصدر اتفاق». ويمكن ملاحظة المفارقة نفسها كذلك حين يتعلق الأمر بالنزاعات، كما هو الحال في سوريا، وقال اسعيدي، في هذا السياق، إن «الدول العربية مختلفة جدا حول سوريا»، بين من «يدعو إلى تنحية نظام الأسد، وبين من يدعمه». واعتبر اسعيدي أن الدول العربية «لم تراكم أي تجربة في تدبير النزاعات، على غرار الحلف الأطلسي»، وبالتالي ستكون مهمتها صعبة.

أما الشرط الثاني لكي تنجح أي قوة عسكرية مشتركة، هو قيادة عسكرية موحدة، تنهض بمهام التنسيق والتخطيط ووضع الاستراتيجيات والتواصل وضمان الانسجام لتحقيق الفعّالية في العمل. ويتطلب ذلك وجود تقارب وتجربة في التعامل فيما بين قيادات الجيوش العربية، وهو غير متوفر لحد الآن. اسعيدي عاد إلى الخمسينات حين تم التوقيع على اتفاقية الدفاع العربي العسكري المشترك سنة 1950، وأوضح أنها كانت خطوة جد متقدمة في وقتها، لأن الجامعة العربية شكّلت طيلة العقود الثلاثة بعد تأسيسها نظاما إقليميا مشتركا، خاضت الحروب سنة 1956 و1967، ثم 1973، لكن الذي حدث هو أن الجيوش العربية، التي شاركت في تلك الحروب، «لم تنسّق فيما بينها بالشكل المطلوب»، وبالتالي «لم تؤد التجربة إلى تأسيس جيش عربي»، وحين وقعت حروب الخليج مثلا، سواء مع إيران أو داخل العراق، وجدت نفسها على الهامش.

يشير اسعيدي إذن إلى أن خوض تجربة تشكيل قوة عربية مشتركة «ليس لها مقومات النجاح»، بسبب الاختلاف بين الدول العربية في الخيارات السياسية، وفي كيفية تدبير وحل النزاعات، وفي مصادر التهديد، وحول الأولويات الأمنية والدفاعية. وفي منطقة مثل هذه، «لا يتصور نجاح عمل عسكري مشترك»، ويبقى في نظر اسعيدي ما حدث مجرد «قرار سياسي لن يتعدى الأوراق التي كُتب عليها». 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي