هموم الورق والمداد 

04 مايو 2015 - 20:37

J’y صباح الخير أيها القراء.. بين أيديكم عدد جديد من «أخبار اليوم» يحمل ثلاثة متغيرات؛ الأول هو ثمن الجريدة الذي انتقل من ثلاثة دراهم إلى أربعة، وهذا اضطرار وليس اختيارا، فأنتم تعرفون أن كلفة إنتاج الجريدة اليوم أكثر من الثمن الذي تباع به في السوق، وأن كل المقاولات الصحفية تتجه إلى الإعلانات لتعويض خسائرها في المبيعات، وعندما نستحضر نزول رقم معاملات الإشهار الذي بدأ يتجه إلى الويب وإلى غوغل والفايس بوك والتويتر، وغيرها من وسائط، وعندما نعرف أن الورقي يتعرض لمنافسة غير عادلة من الرقمي، وأن عدد قراء الصحف في تنازل مستمر، وأن النموذج الاقتصادي التقليدي للمطبوعات في خطر، فإن الزيادة في ثمن الجريدة يصبح ضرورة من أجل الاستمرار أولا، ومن أجل الجودة ثانيا، ومن أجل حماية استقلالية الصحف ثالثا، فعندما تصير المطبوعات رهينة في يد المعلن فإنه يفرض شروطه على الخط التحريري للجرائد، والنماذج كثيرة أمامكم حيث لا تجرؤ منابر كثيرة على الاقتراب من صاحب الإعلان. إذا أراد القراء صحفا مستقلة ومهنية وجريئة فعليهم أن يدفعوا ثمن حقهم في المعرفة، وأن يمولوا رحلة البحث اليومي عن المعلومة، وعن التحقيق الذي يزعج، وعن الرأي الذي يقول للأبيض أبيض وللأسود أسود، هذه هي القاعدة، وإلا فإن من سيمول الجرائد سيتحكم في خطوط تحريرها، وسيتلاعب بالضمير المهني الهش لصحافتنا، حيث تحولت مؤسسات بكاملها إلى ملحقات دعائية لشركات وأجهزة وأحزاب ولوبيات ومراكز قوى…

المتغير الثاني الذي يحمله العدد الذي بين أيديكم هو أن «أخبار اليوم» استعادت اسمها الأول المكون من كلمتين بدون «مغربية»، الذي وضعناه اضطرارا سنة 2009 عندما قضى حكم ظالم بمصادرة جريدة «أخبار اليوم» وإغلاق مقر عملها ومصادرة معداتها، في ما عرف بمحاكمة الكاريكاتير، حيث لفقت لنا الجهات إياها تهمة المس بعلم المملكة لأنه جاء ناقصا في رسم الكاريكاتير. لقد ألغت محكمة النقض الحكم ورجع الملف إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وقضت ببراءة الجريدة من تهمة المس بالنجمة الخضراء، وهي التهمة التي اخترعها القاضي الابتدائي آنذاك وسايره فيها الاستئناف… لا أعرف كيف سيكون شعور أكثر من 16 حزبا أصدرت بيانات ضدنا قبل النطق بالحكم من قبل المحكمة في هذه القضية، بما فيها حزب وزير العدل آنذاك، عبد الواحد الراضي، الذي حركت النيابة العامة التابعة له الدعوى ضدنا، وأصدر الاتحاد الاشتراكي الذي كان يرأسه بيان إدانة مكملا للتهنئة الأولى، صحبة الاستقلال والأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية…

ربحنا معركة في القضاء ومازالت معارك أخرى عالقة على ضمير العدالة الذي لا يقف على الحياد في صراع الصحافة مع السلطة في هذه البلاد، للأسف الشديد، حيث تحول قضاة كبار إلى أدوات صغيرة في الكيد للصحافيين وفبركة الملفات ضدهم ومتابعة ملفاتهم لدى المحاكم، ولنا عودة إلى هذا الموضوع بتفاصيل وأسماء وشهادات مثيرة جداً…

المتغير الثالث هو حلة جديدة تطل بها هذه الجريدة على قرائها شكلا ومضمونا، والغرض هو تقديم خدمة جيدة لمن بقي من عشاق المداد والورق. إننا منذ صدور «أخبار اليوم» نسعى إلى أن نساهم في تأسيس صحافة مهنية في بلادنا تدافع عن حق الرأي العام في أن يمشي على جسر آمن نحو مصادر الخبر والمعلومة والتحقيق في كل الموضوعات، حتى الشائكة منها والمحظور الاقتراب منها، ودون هذه المهام صعاب ومخاطر كبيرة أكبر من أية مهنة أخرى في بلاد تقف في نصف الطريق نحو الإصلاح والديمقراطية…

هموم الصحافة من هموم الوطن، ولهذا يجب ألا نخفيها عن الرأي العام. لا بد أن نمارس النقد الذاتي مع النفس ومع المواطنين.. البلاد تحتاج إلى صحف وإذاعات وتلفزيونات ومواقع أفضل مما هو موجود الآن. البلاد تحتاج إلى من يقول للسلطة الحقيقة، لا إلى من يجاملها كل يوم. البلاد بحاجة إلى مساءلة القرارات الكبرى التي تمس حاضر ومستقبل الشعب، لا إلى من يشغل الناس بحوادث القتل والاغتصاب والفرقعات الإعلامية الفارغة. البلاد بحاجة إلى صحافة حرة ومستقلة عن الدولة والأجهزة والأحزاب والشركات ومراكز القوى والدولة الموازية. البلاد بحاجة إلى مراقبة كل سلطة لأخرى.. هذه هي أصول اللعبة الديمقراطية.

من جهتنا نفكر كل يوم في إنتاج صحافة أفضل من أمس، وفي كل يوم نحاول أن نقفز على حواجز الرقابة الذاتية والموضوعية، وفي كل يوم نضع أمامنا حق القارئ في أن يعرف حتى لو عرضنا سلامتنا واستقرار أسرنا ومقاولتنا للخطر.. في النهاية، الثمن يتغير لكن القيمة ثابتة، وهناك فرق لا تخطئه العقول النيرة بين الثمن والقيمة… إلى اللقاء.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليق ليس للنشر منذ 8 سنوات

للأسف مقص الرقيب يمارس على بعض التعاليق التي تكون لا تساير ميزاج توجه الصحيفة وهو امر لا ديمقراطي لا يعترف بالرأي الاخر وربما يؤكد ان لكل جريدة اجندتها ويتأكد ذلك من خلال نوعية الاخبار التي يراد تصريفها وطريقة الانتقائية في التعاليق التي بطبيعة الحال لا يمكن ان تتفق مع بعض الآراء . فشكرا لصحافة الحق في التعبير !! لأنكم تعرفون ماذا نقصد . اليس لنا الحق في الاحجام عن تقديم تعاليق موضوعية ليفسح المجال لبعض الكتائب الالكترونية لتحقيق غزواتها الالكترونية كما سماها احدهم

M.KACEMI منذ 8 سنوات

قد تكون لدى الأخ بوعشرين إكراهات معينة تمنعه من نقل الواقع كما هو، لكن هذا الواقع، وحسب ما يمكن معاينته بيسر، يقول أن الإشكال بخصوص الجانب المادي الضروري لصحافة حرة وذات جودة ليس في ثمن الجريدة بقدر ما هو في تلك الثقافة المكتسبة عبر السنين والمتمثلة في سعي الكثيرين إلى قراءة الجرائد مجانا، رغم قدرتهم على تأدية ثمنها. في هذا الباب، هناك شيء شخصيا لا أجده بريئا ولا يحدث إلا في المغرب الذي عودنا ألا نستغرب . الأمر يتعلق بالسماح لمالكي بعض الفضاءات العمومية التي يتم ولوجها بكثرة بعرض الصحف، كسلعة تجارية لأصحابها حقوق، بالمجان على الزبائن. بطبيعة الحال هناك صحف لا يستسيغ الواحد منا قراءتها حتى ولو عرضت بالمجان. لكن الكلام عن الصحف الجادة

youssef77 منذ 8 سنوات

Bonne Continuation Si Bouachrine

mohssin منذ 8 سنوات

تحية لكم

LECTEUR منذ 8 سنوات

Merci beaucoup Mr Tawfik pour les efforts fournis, mais j’ai juste une petite remarque, je pense que la baisse des lecteurs des journaux ce n’est pas à cause de la concurrence de la presse électronique parce que vous savez bien que la presse électronique est de mauvaise qualité, il n y a rien à lire dans la presse électronique, mais la cause de la baisse des lecteurs et la diminution des ventes des journaux c’est le contenu de ces journaux qui ne font rien (pas d’analyse des sujets économiques, politiques, sociaux……) il n y a que chabat a dit que…..benkiran a dit que…..bwano accuse l’opposition…..le PAM accuse le PJD……. Moi personnellement, je préféré votre journal, Bon Courage

هموم الطبقة الوسطى منذ 8 سنوات

انكم تستعيرون نفس اسلوب رئيس الحكومة في تبرير الزيادة هذه الزيادة التي فرضت على القارئ ، ومن حيث لا تدرون فان المستهدف هو الطبقة الوسطى . هناك طبقة لا تقرأ الجرائد وهي طبقة تصارع تكلفة العيش وليس لها الوقت والامكانيات المادية للقراءة ، وهناك طبقة مواظبة على قراءة الجرائد الفرنسية وهي الطبقات العليا المتفرنسة . هذه الطبقات تستهلك نوعا من الاعلام وبلغة غير وطنية واحيانا باهتمامات ترتبط بمصالحها . بينما الطبقة الوسطى هي من يواظب على قراءة الجرائد المستقلة العربية وبالتالي فان الطبقة الوسطى هي المتضررة من كل الزيادات وهي من يتحمل الفاتورة اثناء كل " اصلاح " في اغلب المجالات وان جيوب الطبقة الوسطى مفروض عليها تأدية ضريبة "الاختلالات" وضبط " التوازنات " و " انقاد الصناديق من " الافلاس " . فعموم الطبقة الوسطى هي التي ترتبط بالأخبار السياسية والاجتماعية والرياضية حيث هناك من يخصص يوميا ميزانية لجرائد تعتبر نفسها مستقلة من غير ذكر اسمائها ن وبالتالي الزيادة في ثمن الجرائد ستتحمله هذه الطبقة اضافة الى مجموع الزيادات المتتالية .

م.محمد منذ 8 سنوات

تحية عالية لك سي توفيق..شخصيا لا أقرأ إلا لجريدتكم وجريدة التجديد

التالي