بنكيران بعيدا عن السياسة : "عبد الإله بنكيران" الذي جعلني أفتح مكتبة

02 يوليو 2015 - 22:15

بنكيران ظاهرة سياسية، وآلة تواصلية، وقوة خطابية، وزعامة فرضت نفسها اليوم.. هذه حقائق لا يختلف حولها خصوم بنكيران كما أصدقاؤه.. هو رجل مثير للجدل طبع مرحلة سياسية بأكملها، بما له وما عليه. هو رئيس أول حكومة بعد الدستور الجديد والربيع الجديد والوعود الجديدة بالإصلاح والتغيير… عندما يفرح يطلق نكتا وضحكات لا تخلو من رسائل سياسية. عندما يغضب يخرج أسلحته الثقيلة في وجه خصومه، ويبدأ في إطلاق النار، يتحدث بأكثر من لغة إلا لغة الخشب.. سيرة بنكيران صارت اليوم على كل لسان، فهناك من يحبه وهناك من يكرهه، وهناك من يقف في الوسط بين الحب والكره، يتفق معه ويختلف حسب الظروف والأحوال، لكن الجميع يتابع خطبه، قراراته، معاركه، خرجاته، وحتى صمته صار يؤول اليوم في الساحة السياسية، وتعطى له مبررات ودلالات… للاقتراب أكثر من بنكيران الإنسان، نخصص هذه السلسلة الرمضانية للحديث مع الرجل الثاني في الدولة على لسانه، وبالرجوع إلى ذاكرته هو دون وساطة أو توسط.. بعيدا عن السياسة، قريبا من بنكيران المواطن، والغرض أن نفهم زعيم العدالة والتنمية أكثر، أن نعيد قراءة سيرته، ومراحل تشكل وعيه، وتضاريس الواقع الذي أحاط به. إنها سلسلة للاقتراب أكثر من هذا الذي صار سيرة على كل لسان.. لنتابع…

 

 

رغم الأصل الفاسي للأسرة وامتهانها التجارة، فإن الظروف التي نشأ فيها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لا تختلف كثيرا عن ظروف جلّ المغاربة المنحدرين من الأحياء الشعبية. «كان إخوتي يساعدون الوالد بـ600 درهم في الشهر، حيث كانوا قد انتقلوا إلى مدينة الدار البيضاء ويسّر الله تجارتهم، وبعد وفاة الوالد تركوا للوالدة الدكان الذي كان يشتغل فيه، وكانت كاتدخل بها شي بركة بالإضافة إلى 600 درهم، وبقيت الوالدة محافظة على تجارة الوالد إلى 1976»، يقول عبد الإله بنكيران في فصل جديد من فصول استرجاع ذكريات صباه مع «أخبار اليوم».
استمراره في مزاولة أنشطة تجارية، كما كان الحال في حياة والده، جعل بنكيران يرتبط بعلاقة صداقة تتسم بقدر كبير من المصادفة، حيث إن الأمر يتعلّق بشخص اسمه عبد الإله بنكيران. «عندها ظهر واحد الأخ اسمه عبد الإله بنكيران، يملك مكتبة اسمها المكتبة السلفية في الدار البيضاء، وكانت مكتبة صغيرة في محل هو أصلا محلبة، وقد نشأت بيننا علاقة صداقة، وتطابق اسمينا كان مجرد صدفة وليست بيننا أية علاقة عائلية، فطلبت منه إعطائي بعض الكتب كي أقوم ببيعها في الرباط، وبالفعل منحني مجموعة من الكتب دون أن يقوم بعدّها».
هذه المصادفة العجيبة جعلت الشاب عبد الإله بنكيران يدخل تجربة المتاجرة في الكتب الإسلامية، «بدأت أشغل ركنا من دكان الوالدة، فقمت بعدّ الكتب التي منحني إياها السي عبد الإله بنكيران، وقدّمت له الحساب، وكانت قيمتها بالضبط 4000 درهم، فكانت تلك بداية معاملتنا، حيث أصبحت أتاجر في الكتب، ونجحت هذه التجارة بشكل كبير، حيث كانت في البداية كتبا إسلامية، أضفت إليها لاحقا الكتب المدرسية، فهجمت على الدكان (يضحك)، وعوض ركن صغير أصبح كلّه مكتبة سمّيتها مكتبة أسامة بن زيد، التي أصدرت فيها بعض الكتب موازاة مع الدراسة إلى غاية 1979، حيث أصبحت أستاذا في المدرسة العليا للأساتذة».
تجربة التدريس هذه فتحت باب أول فرصة شغل مستقرة في حياة رئيس الحكومة، والتي أتيحت له في الوقت الذي كان يبحث فيه عن منحة لمتابعة دراساته العليا. «بدأت أشتغل ثماني ساعات في الأسبوع، وكنت أحصل على 2160 درهما، لكن عندما دخلت السجن في 1980، سلك معي مدير المدرسة مسطرة الغياب غير المشروع عن العمل، وبعد خروجي تطلّب أمر تسوية وضعيتي كثيرا من الوقت، وبعد مروري في المجلس التأديبي قرروا اقتطاع مدة سجني بكاملها، فأصبحت أجرتي 1700 درهم وشي حاجة لشروعهم في الاقتطاع، إلى أن قررت في 1988 أن أغادر التعليم نهائيا، فدفعت لهم داكشي للي كانوا كايتسالو، أي ما بين 50 ألفا و60 ألف درهم».

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي