حزب القضاة

27 يوليو 2015 - 23:00

البلاغات الأخيرة لنادي القضاة، لا يمكن إلا أن تثير الانتباه!
ثمة لغة سياسية مباشرة، وإعلان حاسم لمواقف واصطفافات يصعب تصور صدورها من طرف قضاة.
كثيرة هي التنظيمات المهنية التي تابعت مرور قوانين تهمها أمام البرلمان، فعلت ذلك وهي تعلن عن رأيها، أو حتى وهي تترافع دفاعا عن مطالبها ومناصرة لأفكارها، ثم انسحبت لتترك للنواب أمر الحسم والبت النهائي باسم تمثيلية الأمة والمشروعية الديمقراطية.
لكن جزءا من ممثلي الجسم القضائي، فعل أكثر من ذلك: عبّر عن مواقفه، أساسا، من قضية استقلالية النيابة العامة، وخاض معركته الكبرى في سبيل ذلك – معركة تشبه إلى حد كبير إشعال النّار في الهشيم، فهم كانوا يعرفون أن الاتجاه العام للدولة قد حُسم نحو هذه الاستقلالية – وبعد ذلك، تحول ممثلو السلطة القضائية إلى مُراقبين عامين للنواب، يُقَرِعونهم على «التراجعات»، ويستكثرون عليهم التعديلات، ويستنجدون بالقوى الحية لإجبار البرلمان على الامتثال للدستور، ثم يقررون الاعتصام احتجاجاً على تصويت النواب.
أتفق مع القضاة الذين قالوا إنه ليس على المغاربة التخوف من «دولة القضاة».
نعم فالعبارة استعملت في هذا الجدل خارج سياقها. الدولة في المغرب نعرف مكانها جيداً، والقضاة أول من يعرفون ذلك بالتأكيد.
نعم، لسنا أمام دولة القضاة، لكننا قريبون من حالة «حزب القضاة»، حيث يترك بعض السّادة القضاة جانبا كل واجب التحفظ، وضرورة التجرد، ومُقومات الاستقلالية، ليعلنوا للملإ خصوماتهم السياسية مع مُمثلي باقي السلط؛ في الحكومة وفي البرلمان، كما لو كانوا مجرد أعضاء في جمعية من المجتمع المدني أو نشطاء في تنظيم حقوقيٍ.
لقد اعتبر بعض السادة القضاة أننا أضعنا أربع سنوات في مناقشة مسألة الاستقلالية، وأنا معهم، فمشكلة القضاء في بلادنا لم تكن يوما هي تبعية النيابة العامة لوزير العدل. لم يكن بالقطع وزراء العدل هم من فَبرك المحاكمات الصُورية في زمن الرصاص، ولم يكن وزراء العدل هم من يتحدث عن الخط الآخر من هواتف التعليمات التي طالما تحدثت عنها بلاغات الحقوقيين وتقارير الإنصاف والمُصالحة، ولم يكن وزراء العدل هم من يأمر باقتحام المنازل لضبط الخصوم السياسيين للدولة في وضعيات الفساد و»الخيانات الزوجية» الجاهزة.
لَستُ متفقا مع مشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية، وأعتبر تدبير الحكومة لمسألة استقلالية النيابة العامة عبارة عن كارثة حقيقية. في المُقابل، سبق لي في أكثر من مرة أن تضامنت مع نادي القضاة طيلة مساره، وداخله هناك العديد من الأصدقاء، وفكرته الأصلية مليئة بالجرأة والإقدام والدفاع عن شرف مهنة استثنائية، لكن لابد من القول – بشكل أخويٍ – أننا في حاجة ماسة إلى إعادة تعريف وظيفة التنظيم المهني التي تختلف نسبيا عن العمل النقابي، وتختلف كثيرا عن العمل السياسي، وتختلف مطلقا عن العمل الحزبي.
عمل البرلمان هو صناعة التشريع، وعمل القضاة هو تطبيق القانون، وإذا اعتبر البعض أن بعض النصوص القانونية تتعسف على الدستور، فهناك في المغرب مؤسسة اسمها المجلس الدستوري..
من حق التمثيليات الفئوية والمهنية التعبير عن آرائها ومواقفها، لكن من واجبها احترام البرلمان الذي لا يُشرّع للفئات، ولكن يُشرّع للمصلحة العامة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

مواطن معجب بنادي القضاة منذ 8 سنوات

لا اتفق مع صاحب المقال فإن كان من حق جميع المواطنين دون استثناء التعبير عن الرأي و الدفاع عن مصالحه و مكتسباتهم، فلماذا نستكثر ذلك على القضاة وحدهم دون غيرهم؛ دفاع القضاة عن استقلال السلطة القضائية أمر إيجابي و يدل على وجود قضاة شباب غيورين على وطنهم و هذا لا يعجب السياسيين بطبيعته الحال لأنه لو استقل القضاة في عملهم لطبقوا القانون على الجميع و لهذا يتم وضع بعض المقتضيات القانونية التي تفرمل أي قاض نزيه و بالدارجة كيخليو الدخيلة منين ارطبو ليه راسو... لندافع جميعا كمواطنين عن استقلال القضاء. .

اسماعيل منذ 8 سنوات

وارى ان بعض القضاة يرون ايضا سلطة سن القانون ...

مواطن منذ 8 سنوات

إذن ماهو المطلوب أيها السادة القضاة ؟؟؟ أن تتحرروا من أية سلطة رقابية كيفما كان شكلها بدعوى الإستقلالية ؟ أن تكونوا فوق المحاسبة لأنكم ملائكة منزهون لا يأتيكم الباطل من بين أيديكم و لا من خلفكم ؟ قبل أن تطالبوا بهذا الإفلات من العقاب -لأن هذا هو إسمه- يجب أن تقفوا وقفة تأمل صريحة مع أنفسكم و تحاسبوا أنفسكم على ما قدمتم لهذا الوطن، مادمتم تعتبرون أنفسكم فوق كل شبهة: هل تريدون منا أن نكذب كل التقارير و الشهادات الوطنية و الدولية التي تسم قضائنا بالفساد و الخضوع للتعليمات و عدم الحيادية و و و... ؟؟ ماذا فعلت نقابتكم-ناديكم للتبرؤ من القضاة الفاسدين الذين يتاجرون في مصائر الناس و يتحالفون مع أباطرة المخدرات و العقار و من جاورهم ليزيدوا طين الفساد في هذه البلاد بلة ؟؟ ثم ما هذا الأسلوب الغريب في رمي بلاويكم على صاحب الجلالة و الإحتماء به اتقاء لشر المحاسبة التي تعتبرون أنفسكم فوقها رغم أنها مبتدأ الديمقراطية و منتهاها في كل الدول التي تحترم نفسها؟؟ و ما كل هذا التحقير الذي تتعاملون به مع شعب هذه البلاد و أنتم تعتبرون أنفسكم فوق كل انتقاد منه و من ممثليه في البرلمان؟؟؟ عودوا إلى رشدكم فما أنتم إلا موظفون قد خلى من قبلكم الموظفون، تحاسبون كما يحاسبون و تعاقبون كما يعاقبون أما أن يصيبكم جنون العظمة و تتعالوا على بقية خلق الله في هذه البلاد و تحتموا وراء تأويل خاطئ للضمانة الملكية فتلكم الطريق نحو دولة القضاة و أهوالها، و مافضائح القضاء المصري عنكم ببعيدة.

badri منذ 8 سنوات

عمل القضاة هو " مراقبة " تطبيق القانون و المساهمة في التشريع وتصويبه عن طريق الاجتهادات القضائية

بلال منذ 8 سنوات

اذا كان دفاع القضاة عن استقلال السلطة القضائية وعن قوانين تماثل تلك التي كانت قبل 40 سنة. واقصد النظام الاساسي لرجال القضائ لسنة 1974 فهو افضل من المشروع الحالي الذي حول القاضي الى ملاك لا يجب أن يخطء وإلا تعرض للعزل حالا، اقصد هنا المادة 89 من المشروع.

فؤاد لمين منذ 8 سنوات

من بدأ في توجيه الاتهام للقضاة بالتحزب و التحالف ، طبعا البرلماني الذي له الحق في أن يقول ما يشاء، و عن أي تحفظ تتحدث، التحفظ بشأن مناقشة مشاريع القوانين، أو التحفظ عن الرد على البرلماني الذي اتهم القضاة ،و عن أي مهنة تتحدث عن المحاماة و الطب و الموثقون ، هذه مهن التي ينتمي مهنيوها للبرلمان، و يقولون ما شاؤوا سي طارق ، من حق القضاة الدفاع عن أنفسهم بجميع الوسائل الاحتجاجية، في مواجهة أعضاء السلطة التشريعية الذين يستغلون العمل التشريعي بشكل تعسفي و بعداء اتجاه القاضي، إما لتكبيله و جعله في وضعية مخطئ يستحق العزل، أو لجعله منتوج سياسي يعود به الوزراء إلى أعضاء أحزابهم، و هم يحملون رأس القاضي، و ما أدراك ما رأس القاضي في أمة تكره القاضي، نعم في مجتمع يكره القاضي، كما يكره جميع رجال السلطة، فهو مردود سياسي ثمين. سوف ندافع عن أنفسنا و عن مهنتنا، و نحتج و نواجه، فالعمل التشريعي الخاص بالقاضي يجب أن يحسم فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، فهو وحده الضامن لاستقلال و كرامة القاضي، أما البرلماني، فهو خصم لأن جل البرلمانيين لهم دعاوى في المحاكم، و تتضرر مصالحهم من القضاء، بشكل مباشر أو غير مباشر، و لا أنتظر منهم أن يصوتوا على قوانين في مصلحة القاضي أو الوطن، بل سوف يكبلون القاضي. الخطأ الجسيم سي طارق لم يحدد في مهنة المحاماة و لا في مهنة التوثيق و لا في مهنة العدول، و لا في مهنة الأطباء و لا في أي مهنة، إلا عند القضاء، فكل خطأ في القانون فهو جسيم، مع العلم أن القانون يمكن أن تخرقه إذا بدت للقاضي مصلحة مجتمعية أو اجتماعية.

التالي