كيف راوغ المغربي الخزاني ذو التعليم البسيط مراقبة المخابرات في أوروبا؟

01 سبتمبر 2015 - 00:07

يملك المغربي أيوب الخزاني، مسارا حافلا في عالم الجريمة رغم صغر سنه، قبل أن يقرر تنفيذ هجوم مسلح على قطار في فرنسا باء بالفشل في غشت الفائت. وبحسب تحقيق أنجزته صحيفة «إلموندو»، فإن بروفايل أيوب لا يختلف كثيرا عن المقاتلين الاعتياديين في تنظيم «الدولة الإسلامية»، بوصفه شابا فقيرا ومحبطا، وأيضا لكونه واحدا من أولئك الذين انتقلوا بسرعة من عالم الجريمة إلى عالم التطرف.

ولد أيوب الخزاني في تطوان في 3 شتنبر 1989، وغادر المدرسة في المرحلة الابتدائية وعمره 11 عاما. هاجر والده إلى مدريد بمجرد وصول ابنه أيوب إلى سن الرشد. بالنسبة إلى والده، فقد كان طموحه في لمّ شمل أسرته أمرا قاسيا، فقد قضى عشر سنوات وهو يكابد الصعاب من أجل أن ينقذ أبناءه. عمل في حقول بمالقة، ثم عمل بمهن بسيطة، إذ راح يقطع إسبانيا شمالا وجنوبا بحثا عن عمل لائق. في 2004، كاد الوالد محمد يطرد عندما ضبطته نقطة تفتيش للشرطة في بلدة «توريخون دي أردوز»، بدون وثائق. لكن لحسن حظه، فقد أقرت الحكومة الإسبانية عاما بعد ذلك، قانونا لتسوية أوضاع المهاجرين، وبعدها، استمر في البحث عن طريقة لتحقيق طموحه في لمّ شمل أسرته، وغيّر مقار سكناه ثلاث مرات قبل أن يستقر في العاصمة مدريد، وهناك نجح في ترحيل أسرته التي تتكون من زوجته و7 أبناء في عام 2007.

في حي «لافابييس»، حيث كان يسكن الوالد محمد برفقة أسرته، قرر أيوب أن يسلك طريقا آخر للبحث عن المال، كانت أعذاره تتوزع بين ظروف عائلته القاسية وعدم نجاحه في العثور على عمل. أصبح أيوب مجرما ذا سوابق، وكان إدمانه هو لف الحشيش. بعد عام من مكوثه في إسبانيا. تظهر أول صورة لأيوب في سجله الجنائي وهو في العشرين من عمره عام 2009، ولم يكن حينها ملتحيا، بل كان مظهره عاديا مثل الشباب الجانحين وقتها. بعدها، غادرت الأسرة مدريد نحو الجزيرة الخضراء، وهناك نصح محمد ابنه أيوب بالتمسك بالله لعل وعسى أن يساعده على التخلص من سلوكه السيء، وهكذا أصبح أيوب كثير التردد على المسجد في الحي، وأوقف إدمانه على المخدرات، بل وأصبح متعصبا أكثر فأكثر.

في 2012، توبع أيوب مرة أخرى بسبب نشاطه في تجارة المخدرات، فقد ضبطته الشرطة في مدينة سبتة المحتلة في 17 شتنبر من ذلك العام في معبر باب سبتة، لكن صورته هذه المرة تغيرت، فقد كان أصلع الرأس وكث اللحية ويلبس زيا دينيا، وهو مظهر لا يماثل بتاتا صورته كشاب جانح حينما قبض عليه أول مرة في 2009. في سبتة، وفي حي «إلبرينسيبي (الأمير)»، جرى استقطاب أيوب إلى خلية تتبع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق والشام.

وفي منتصف عام 2013، أوقفته الشرطة الوطنية مرة أخرى بتهمة الاتجار غير المشروع في مواد غذائية، وبعد مكوثه في السجن لبضعة شهور من أكتوبر حتى نونبر من ذلك العام، قضى 40 يوما في خدمة المجتمع بسبب جُنحة في قيادة السيارة. ثم أصبحت أسفاره بين المغرب وإسبانيا أكثر، لكنه كان قد قطع كل صلاته بعالم المخدرات، وادعى أنه يعمل في نفس مجال عمل والده، أي بيع الخردوات، لكنه أيضا كان يبيع مستلزمات الصباغة، وبطائق الهاتف مسبقة الدفع، وفي بعض المرات، كان يبيع السمك. وفي تلك الأثناء، تحول أيوب إلى سلفي. تلقى دروس التشدد في مسجد (التقوى)، وهو مسجد يصنف بكونه الأكثر تطرفا في منطقة قادس.

ومنذ فبراير 2014، صُنف أيوب كمصدر تهديد محتمل، كقنبلة موقوتة بالنسبة إلى الأجهزة السرية، وحينها قرر أن يرحل نحو فرنسا، لكن الشرطة الإسبانية أخبرت نظيرتها الفرنسية بشكوكها، فوُضِع تحت المراقبة هناك أيضا. صنفت المخابرات الفرنسية أيوب في المستوى الأمني الثالث S3، وهو مستوى لا يشمل المراقبة والرصد اللصيق، وإنما الإخطار في حال عبوره للحدود. وقد أقرت السلطات الفرنسية بأنها لم تضع أيوب تحت مراقبة خاصة أبدا.

بعد مغادرته للجزيرة الخضراء، حصل على عقد عمل مع شركة «لايكاموبيل» في باريس، وهذه الشركة تبيع منتجاتها في محطات المترو والقطارات، ولديها فروع في النمسا وألمانيا وبلجيكا والدانمارك وإسبانيا وهولندا وجميع دول أوروبا تقريبا، وكانت تلك تغطية مناسبة لعدم إثارة الشكوك من حوله. ومنذ فبراير 2014 حتى غشت 2015، حطّ أيوب في خمس من هذه الدول، وكذلك في تركيا وإمارة أندورا (إسبانيا). وفي أبريل 2014، قررت الشركة أن تسرحه بسبب عدم توفره على وثائق الإقامة، فرحل أيوب نحو بروكسيل. ويعتقد المحققون أن الكثير من الخدمات اللوجستية للهجوم الفاشل تلقاها هناك.

وظل أيوب مختفيا حتى ماي 2015، حينما استعمل طائرة لأسفاره، فقد استخرج تذكرة باسمه من طيران «جيرمان ويز» من برلين إلى إسطنبول، ومن هناك نحو معاقل «الدولة الإسلامية»، حيث تلقى التداريب الضرورية لتنفيذ هجومه. وبعد عودته، أطلقت السلطات الألمانية تحذيرا شمل المخابرات الأوروبية، لكنها حتى 21 غشت، كانت قد فقدت أثره. يوم الجمعة 21 غشت، وأياما قليلة قبل أن يحتفل بعيد ميلاده السادس والعشرين، قرر أن ينفذ مهمته. لم تكن لديه تذاكر سفر. بقي جالسا بالقرب من شباك التذاكر بمحطة بروكسيل، ثم دفع نقدا للحصول على تذكرة من الدرجة الأولى بقيمة 149 أورو، بالرغم من أنه قال بغد ذلك إنه كان يريد سرقة المسافرين بسبب جوعه، ثم ركب في مقصورته كي ينفذ عمليته.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لقمان جلول منذ 8 سنوات

Ce genre de titre est condamnable. Il constitue une apologie au terrorisme. Il n'y a pas de quoi être fier.

التالي