عائلة سورية تحكي عن "مسيرة الأربعين يوما" هربا من حرب سوريا

05 أكتوبر 2015 - 15:44

هرب فراس وعائلته من سوريا، واستمرت رحلته إلى ألمانيا 40 يوما. ولتمويل الرحلة الطويلة والشاقة قام فراس ببيع بيته في دمشق. والآن يعيش فراس في منطقة الراين مع عائلته في غرفة صغيرة لأحد أقربائه.

يعيش فؤاد في غرفة في الطابق الأرضي لبيت في منطقة الراين ويتشارك الحمام والمطبخ مع أشخاص آخرين. ومنذ الأحد الماضي لم تعد الغرفة الصغيرة كافية له ولعائلة أخته ميسون التي أصبحت تسكن معه، فعددهم الآن 7 أشخاص.

كان فؤاد قد حصل على حق اللجوء في ألمانيا. والآن وصلت أمه وأخته ميسون وزوجها فراس وأطفالهما الثلاثة إلى ألمانيا، ولم يتسجلوا في دائرة البلدية بعد، كما لم يقدموا طلب اللجوء للسلطات الألمانية، فهم عمليا مقيمون بصورة غير قانونية في ألمانيا، والسبب في ذلك هو ما سمعوه من أخبار سيئة من مواطنين سوريين بشأن مراكز استقبال اللاجئين. ولذلك فهم يتريثون في تقديم طلب اللجوء، كما إنهم منهمكون بسبب الرحلة الطويلة ويريدون “أولا الاستراحة قليلا” قبل القيام بالخطوة القادمة، كما يقول فؤاد معتذرا عن سبب التأخير في تقديم طلب اللجوء.

أطفال فراس

الرحلة الطويلة

ويبدو التعب واضحا على فراس وزوجته اللذان يجلسان على سرير فؤاد الصغير. لقد استغرقت رحلتهم 40 يوما ولم يناموا إلا نادرا. ويعاني فراس من آلام في الظهر وفي الكتف. كما تعاني عائلته من مشاكل صحية، ويشير في ذلك أيضا إلى زوجته ووالدة زوجته وأطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 10 أعوام. وقامت ميسون وبدا عليها الخجل وهي تمشط شعرها الذي تتخلله خصلات بيضاء، ثم تقول ضاحكة: ” لم يكن لدي أي شعر أبيض في رأسي سابقا”. أما أبنها رامي الذي يبلغ من العمر 8 أعوام فقد كان جالسا في حضنها وعيناه مغلقتان. كما جلس الإبنان سعيد وخليل على الأرض يرسمان.

 

“لم نستطيع البقاء”

قررت العائلة الهرب من سوريا بعدما انفجرت سيارة مفخخة قرب بيتها في دمشق، وعندها بدا واضحا أن الخلاص يكمن في الهروب من البلد. هذه الحادثة وقعت قبل عام. قبل دقائق من الحادث كان الأطفال يلعبون خارج المنزل، حيث نادتهم أمهم لتناول الطعام فنجوا من الحادث بأعجوبة.

لدى فراس صورة احتفظ بها في هاتفه للسيارة المحروقة التي انفجرت قرب منزله، حيث التقطها من نافذة مطبخه. ويبدو في الصورة سيارة بدون سقف نتيجة التفجير القوي وجثث محترقة على المقاعد الأمامية للسيارة.

الحرب أصبحت جزءا من حياة الأطفال، كما يضيف الأب فراس. ويتحدث عن دوي الضربات الجوية وعمليات البحث التي يقوم بها الجيش السوري ضد المعارضين للنظام. كما أصيبت مدرسة الأطفال بصاروخ قبل عدة أشهر، ولحسن حظهم وقع الصاروخ خارج وقت الدراسة. خليل وهو الابن الأصغر للعائلة ينام مفزوعا كل يوم، كما تقول والدته ميسون. ويشرح فراس: “لم يكن باستطاعتنا البقاء في سوريا”. ولذلك قام ببيع بيته الذي عمل في بنائه فيه طويلا بسعر رخيص جدا، لان عائلته كان في حاجة إلى لتمويل رحلة اللجوء إلى أوروبا.

 

من دمشق إلى منطقة الراين

واستطاعت العائلة الوصول إلى أوروبا التي لم تعد تملك أي شيء. وكانت ميسون تعبر مرة مرة عن أسفها لمظهرها وملابسها القديمة. وقد لزمهم رمي حقائب الظهر عند صعودهما إلى القارب الذي اقلهم من مدينة بودروم الساحلية التركية إلى جزيرة كوس اليونانية.

كانت فرحتهم كبيرة عندما نزلوا في الشاطئ كما يقول فراس: “لقد رمينا بأنفسنا في الرمال وقبلنا أرض اليونان”. ويظهر في إحدى صور فراس عدد من اللاجئين الفرحين بوصولهم إلى اليونان، وخلفهم قارب عبور مطاطي أسود. وقد دفع كل لاجئ 1300 دولار للعبور، أما الأطفال فنصف المبلغ. وذكر فراس أن عائلته كلفته نحو 6000 دولارا لهذه الرحلة التي استغرقت نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، وكان معهم في القارب أكثر من 35 لاجئا آخر.

ومن هناك سافرت العائلة بعبارة إلى أثينا، ثم نقلهم مهربو البشر إلى مقدونيا، ومن هناك سافروا بالقطار إلى الحدود الصربية. وفي صربيا توجهو إلى الحدود المجرية ثم إلى كرواتيا، فقطعوا الكيلومترات الأخيرة مشيا على الأقدام، لأن سائق تاكسي طلب 30 دولارا لكل شخص ولكل كيلومتر لإكمال الرحلة. ومن سلوفينيا دخلوا إلى النمسا. وكانت العائلة تنام غالبا في العراء ولم تتناول أثناء الرحلة إلا الخبز والماء أو الكعك.

وفي النمسا اشترى فراس تذكرة له ولعائلته للسفر بالقطار إلى ألمانيا. ثم دخلوا الحدود ولم تكن المراقبة قوية، وكان ينبغي عليهم القيام بالتسجيل عند السلطات المختصة فور دخولهم ألمانيا، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، حيث إن والد ميسون الذي كان يوجد في مركز لاستقبال اللاجئين الجدد في مدينة شفاينفورت حذرهم من القيام بنفس الشيء. ويقول فراس وزوجته ميسون: “سوف نسجل عند الشرطة بعد يومين أو ثلاثة أيام”.

 

*ملاحظة: الأسماء الواردة في التقرير غير حقيقية وتم تغييرها بطلب من أصحابها.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي