حماية الملك.. ممنوع استخدام الهواتف النقالة

04 نوفمبر 2015 - 01:09

«على الجميع أن يتركوا هواتفهم المحمولة في الحافلة»، تقول إيفلين ريشارد، المنظمة الرئيسية لأسفار الصحافيين لقصر الإيليزي. «إنها أجهزة ممنوعة منعا كليا في حضور الملك محمد السادس، فأنا أيضا سأترك كل شي بالخارج»، تضيف إيفلين.
ففي 19 و20 شتنبر بمدينة طنجة، قام الرئيس فرنسوا هولاند بزيارة للمغرب التقى خلالها بالملك محمد السادس. وقد تم تجميع كل الصحافيين وفق نظام عسكري على مدرج المطار. ولم يكن مسموحا لهم بالوصول إلى منطقة كان فيها العاهل المغربي في موقع سيستقبل مستقبلا القطار فائق السرعة، كما لم يسمح لهم سوى بحمل قلم ودفتر خلال زيارة ميناء طنجة المتوسطي.
هذه الإجراءات وغيرها تم فرضها على الصحافيين، بيد أن عدم حمل الهاتف المحمول كان الإجراء الذي تم التركيز عليه أكثر من غيره. فأي تهديد يمكن لهذه العلبة الصغيرة أن تحمله في أحشائها وتجعلها تثير كل هذه العصبية؟
مازالت في الأذهان قضية كاترين غراسي وإيريك لوران، الصحافيين المبتزين اللذين سقطا في فخ نصبه لهما محامي القصر الذي قام بتسجيل عرضهما على هاتفه الذكي.
«تم اتخاذ كل هذه التدابير لتجنب حدوث هذا النوع من الأشياء.» حسبما يعتقد الصحافيون. إن نشر أحاديث متبادلة ذات طبيعة سرية كما هو الحال بالنسبة إلى باتريك بويسون، مستشار نيكولا ساركوزي، والتي سجلت من دون علم رئيس الرئيس الفرنسي السابق أصبح يؤرق كل القادة السياسيين والأمنيين والاقتصاديين.
«منذ بضعة سنوات، أصيب رؤساء البلدان الإفريقية بهلع كبير من الهاتف المحمول. إذ بات على المرء وقف تشغيله قبل الاجتماع بهم»، يقول أحد المعتادين على زيارة القصور الرئاسية بالقارة السمراء، والذي يضيف أن هذا الهلع «امتد إلى أجهزتهم الأمنية، خاصة وأنهم يخشون أن تتنصت عليهم الأجهزة الاستخباراتية الغربية».
ألم تكن الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية تتنصت ولعدة سنوات على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل؟ والأسوأ من ذلك، أن عيوبا اكتشفت في الهواتف المحمولة كما حدث سنة 2014 مع نظام «أندوريد»، الذي ظهر به خلل يمكن استغلاله والتحكم في الهاتف الذي يستخدمه هذا النظام عن بعد، وبالتالي يمكن تشغيل ميكرفونه إن كان غير مشغل.
لكن في مدينة طنجة، تم السماح باستخدام أجهزة التسجيل وآلات التصوير في أغلب الأوقات. وبغض النظر عن بعض التصريحات الجانبية وغير الرسمية لهولاند فلم تكن هناك أي أمور سرية يمكن قرصنتها.
«يمكن استخدام هواتف لقرصنة معطيات واردة في أجهزة أخرى، وفي حواسب قريبة»، يقول مصدر من الشرطة الفرنسية. لكن يرد شارل دومال، وهو مختص في أمن الاتصالات المتنقلة، بالقول إن ذلك «يتطلب هواتف ذكية فائقة القوة. إن ذلك ممكن تقنيا»، ثم يستدرك «لكن ذلك يعني أن الإجراءات الأمنية ضعيفة». بيد أن إطارا ينتمي إلى لوبي الدفاع في بروكسيل يعقب بالقول: «ما يبدو لي ممكنا ومقبولا أكثر هو أن لا يطلب ترك تلك الهواتف خارجا سوى للخوف من احتمال تحويلها إلى قنابل».
ففي 1996، فصلت رأس يحيى عياش، القائد العسكري لحركة حماس الفلسطينية، عن جسده عن طريق قنبلة صغيرة وضعت داخل هاتفه المحمول. ولكن الشحنة الضعيفة لا يمكن أن تكون قاتلة سوى عن قرب. فلماذا إذن السماح بدخول كاميرات للتصوير أكبر من تلك التي انفجرت في 2001 في وجه القائد الأفغاني شاه مسعود؟
في طنجة، كانت سيارة مجهزة بهوائيين اثنين تتعقب وتسير بشكل منتظم وراء الموكب الملكي: إنهما عربة للكشف وهي مجهزة بآليات للتشويش تحول دون تشغيل لأي قنبلة قريبة، فمجرد رسالة قصيرة «sms» يمكن أن تكون الشرارة الأولى للتفجير.. فهل يمكن لهاتف مقرصن لأحد الصحافيين أن يكون حاملا لإشارة إلكترونية يبعث بها إرهابيون؟
«إذ كان هذا هو الوضع.. فلن تجد من يؤكد الأمر»، يقول المصدر الأمني الفرنسي.
*بتصرف عن «جون أفريك»

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي