عذرا سّي بها.. فأنا من الأموات في حضرتك أيها الحي بيننا

08 ديسمبر 2015 - 13:12

انتابتني حالة اضطراب من الحياء وأنا أتذكر كغيري من مناضلي حزب العدالة والتنمية، وعموم المواطنين، ذكرى رحيل سّي عبد الله بها، فكرت في تدوين خواطر بمناسبة هذه الذكرى المليئة بالألم فلم يسعفني القلم، لأني وجدت في العمق أني لن أضيف أكثر مما قيل وكُتب عن مناقب الراحل وصفاته، ثم حاولت أن أبحث عن سي بها في حياتي.. فاستجمعت قوايا لأعتصر تذكرا، واستعدت ما استطعت من شريط الأحداث والقرارات والممارسات والنقاشات، التي تخصني طوال سنة، منذ تلك الليلة الباردة، التي اختار الله عز وجل أن يقبض فيها روح سي بها.

تأسفت كثيرا لأني وأنا أقلّب الشريط، وجدت أني لا أستحق أن أكون ممن يتحدثون عن سي بها في ذكرى رحيله، وأن الجرأة التي قد أصف بها حديثي عن رجل دولة كبير مثله قد تكون وقاحة، لأني بكل اختصار لم أراع منهجه الذي ظل متمسكا به وداعيا إليه، فلم تكن علاقتي بالله تعالى على الصورة التي كانت عليها علاقته هو، ولا كانت أقرب منها، ولم تكن علاقاتي بمناضلي الحزب وبغيرهم من المناضلين والمواطنين على القدر، الذي يمكن أن أمنّي نفسي أنها على طريقته رحمه الله.. لم أُعمِل على الأقل بما يكفي منهجه في تحليل الأمور واتخاذ المواقف.. لطالما شعرت خلال سنة بعد رحيله أني بالغت في الانتقاد لدرجة قد يكون فُهم منه تطاولا على مؤسسات الحزب، ومسا بمشروعيتها.. لطالما فكرت ولو سرا عكس ما كان يوصي به رحمه الله.. فكيف أمتلك الشجاعة لأتحدث عنه.. وما مصداقية ما سأكتبه لو أني كتبت.. عذرا سي بها.. فأنا من الأموات في حضرتك أيها الحي بيننا بما شهدت عليه جنازتك..!

إن ما عُرف به سي بها وما ورّثه من أخلاق وصفات، لا ينبغي أن تصبح صالحة فقط لتكون موضوع شهادات وكتابات تُقال وتنشر في كل ذكرى سنوية لرحيله، وإنما الواجب على كل من ادعى تقدير منهجه، أن يحاول وضع ما يصدر عنه في الميزان نفسه، الذي كان يزن به سي بها، ويتذكره باستمرار ليس بخلفية التقديس وإنما بالحب والتأدب والتعلم، هكذا نكون ربما أهلا لذكر سي بها والاسترسال في تعداد ما كان يميزه، مربيا، وداعيا إلى الله، وسياسيا مسؤولا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي