-->

سيناريو مرعب

27 سبتمبر 2016 - 11:48

ماذا لو استمر إسناد الإدارة الترابية لحزب « البام » وتحقق حلم التحكم في إنهاء تجربة الإصلاح وإغلاق قوس الانتقال الديمقراطي؟
سيناريو قد يبدو مستبعدا وغير مسنود بمؤشرات كافية، لكن التفكير في كلفته مهم حتى يصير مستحيلا.
دعونا نتجاوز كلفته على صورة البلاد التي تعزز فيها الاستقرار، وتنامت فيها جاذبية الاستثمار وتحصنت جبهتها الداخلية، وكسبت نقاطا مهمة في تموقعها الدولي بفضل خيارها الديمقراطي ووضعية الاستثناء التي خلقته في العالم العربي.
ولنترك، أيضا، الحديث عن كلفته على وضعية الاقتصاد والمالية العمومية التي تعافت بفضل قرارات جريئة تحملت فيها الحكومة جزءا مهما من شعبيتها من أجل تمرير إصلاحات هيكلية مكلفة.
لنحصر النقاش في الكلفة في زاوية واحدة، نقرأ من خلالها أثر هذا السيناريو على المشهد السياسي، والتحولات التي ستصيبه، وأثرها على التوازنات السياسية في المغرب؟
إن الجهات اليوم التي تسارع الخطى من أجل إغلاق قوس الانتقال الديمقراطي، لا تدرك أن تصدر « البام » لنتائج الانتخابات سيكون على حساب تحولات عميقة في المشهد الحزبي، فحزب التحكم – إن استمر دعم الإدارة الترابية له – لن يأخذ في الغالب أو لن يأخذ كثيرا من قاعدة العدالة والتنمية، وإنما سيكون المتضرر الأكبر هو حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية.
لن نتحدث عن التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، فالتراجع بالنسبة إلى أحزاب الأعيان لا يعني الشيء الكثير، ولا يدفع في حصول تحولات داخلية مؤثرة، ولكن المشكلة تطرح بالنسبة إلى حزب الاستقلال، الذي نجحت قيادته بجهد جهيد في امتصاص التراجع في الانتخابات الجماعية باستعمال تكتيكات متعددة: (رفع عنوان مواجهة « البام » والتحالف مع العدالة والتنمية، المصالحة مع « بلا هوادة »، والتماس شرعية الاستمرار من حكماء الحزب..)، كما تطرح بالنسبة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يغلي من الداخل بسبب تدبير القيادة السيئ للوضع التنظيمي الداخلي، وبسبب اختياراتها السياسية المصطفة مع « البام »، وفقدان استقلالية القرار السياسي.
كلفة السيناريو المرعب ستكون قاسية على هذين الحزبين، وستدفع بشكل قيصري إلى إحداث تحولات تطيح بالقيادتين (شباط، ولشكر) المصنوعتين عبر التدخلات في استقلالية القرار الحزبي، وتتجه ليس فقط، إلى تغيير أشخاص، ولكن إلى اعتماد الخيارات السياسية المتشددة والتوجه إلى الراديكالية، وتوسيع الالتفاف حول شعار الملكية البرلمانية والمطالبة بالإصلاحات الدستورية ليس من قبيل المزايدة السياسية، ولكن كجواب عن مآل التدخل في هذين الحزبين وصناعة قيادتهما من الخارج، والتحكم في استقلالية قرارهما الحزبي.
كلفة هذا السيناريو الحزبي، حدوث تحولات قيصرية وخلق شروط موضوعية لتحالف تاريخي بين الكتلة الديمقراطية وبين حزب العدالة والتنمية، ليس على قاعدة استكمال الإصلاحات، أو استئناف تجربة الانتقال الديمقراطي، ولكن هذه المرة، على قاعدة إعادة طرح قضية توزيع السلطة والثروة في المغرب، وستكون أحزاب الأعيان المساندة لحزب التحكم عاجزة تماما عن تأمين متطلبات التوازن السياسي، كما ستدفع الشروط الموضوعية نفسها إلى إحداث مراكز جذب أخرى لفائدة الراديكالية السياسية تقوم بها أحزاب اليسار وعدد مهم من جمعيات المجتمع المدني، إذ لا يستبعد أن تتجه إلى توسيع دائرة الشك حول الإجماع.
بكلمة، إن سيناريو التحكم، يكتسي خطورة كبيرة، ليس لأنه فقط، يضر بصورة المغرب كلبد اختار التوجه نحو الديمقراطية، أو يهدد التوازنات الاقتصادية والمالية التي أحدثتها حكومة بنكيران، أو يضعف جاذبية المغرب للاستثمار، أو يبدد ثقة المستثمرين ورجال الأعمال، تلك الثقة التي تولدت بصعوبة خلال هذه الفترة الحكومية، ولكنه، وهذا هو الأخطر، يضرب في العمق التوازنات السياسية، ويدفع في اتجاه إعادة الاحتقان بين الدولة والقوى الديمقراطية، ويدفع بالإجماع للدخول إلى دائرة الشك، ويخلق الشروط الموضوعية لاصطفافات حادة لا يرى في الأفق خيارات لفكها أو بدائل للتعاطي معها.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

الكاتب منذ 7 سنوات

نعم الحق في الانتقاد مشروع.. وثمة أوراش لا تزال مفتوحة على الفعل الإصلاحي، وما قامت به الحكومة هو الممكن في ظل إكراهات الوضع الاقتصادي، وأيضا شروط السياسة التي تشتغل فيها الحكومة....وقد اقرت الحكومة بذلك علانية، لكن، مسار التاريخ السياسي للمغرب، يؤكد بأن حكومة التناوب، وحكومة العدالة والتنمية وضعتا في نفس المحك والاختبار، أي إصلاح الإطار الماكرواقتصادي وإعادة العافية للتوازنات المالية والاستجابة للتطلعات الاجتماعية، وأنهما معا، بدءا من حيث وجب البدء، مع الوجه بشكل استهدافي للفئات الأكثر هشاشة بالنسبة للعدالة والتنمية والتوجه نحو توسيع أنظمة الحماية الاجتماعية... الاستقراء، أنه في اللحظة التي ينجح فيه الإصلاح في خطوته ألأولى، يوظف الاجتماعي، أي الخطوة اللاحقة في الإصلاح، للانقضاض على تجربة الإصلاح، ويوظف المجتمع لإسقاط قواه الحية... لنتأمل تونس، بدأت بالخيار المقابل، اي التوجه نحو الشعبوية في ظل عدم انهيار شروط الاقتصاد... النتبجة أزمات سياسية متلاحقة، وتضييخ خمس سنوات كاملة، ثم تشكيل حكومة تتبنى اليوم نفس خطاب بنكيران عند بداية قيادته لهذه الحكومة: سنضطر إلى تخفيض الرواتب وتسريح الموظفين إن لم ننخرط في الإصلاحات الهيكلية.... معضلة السياسة في المغرب هو الحاجة إلأىإسناد شعبي للنسخة الثانية من الإصلاحات... المركب المصلحي الذي اخترق الإدارة والسلطة والقضاء والإعلام والأعمال صبر على مضض على تجربة العدالة والتنميةظن ولا يريد لهذه التجربة أن تستمر... هو يوظف اليوم المجتمع وتطلعاته المشروعة من أجل الانقلاب على الإصلاح.... هو لا يهمه الإصلاح، فقط يبحث عن تحالف موضوعي لإنهاء تجربة الإصلاح، ثم يتولى بعد ذلك مهمة الإجهاز على المكتسبات الاقتصادية التي حققتها العدالة والتنمية حتى يصل المغرب إلأى الأزمة... ثم تظهر الحاجة إلى حزب إصلاحي من رحم الشعب.... يقوم بمهمة استرجاع التوازنات الملية للدولة، ثم ينقلب عليه المركب المصلحي بتحالف مع المجتمع الذي لم يتمكن من الاستفادة من رصيد الإصلاح وهكذا دواليك.... تجربة تركيا كانت بنفس الطريقة، لكن المجتمع ساند الإصلاح في مساراته المرتكمة، صبر ثم نال، وصار من الصعب اليوم على قوى الفساد ومركب المصالح أن يهزم الديمقراطية في تركيا...... الإصلاح مسار، والإسناد المجتمعي له شرط أساسي، واتنفاذ البطارية المجتمعية المساندة للإصلاح، يصب في خانة الردة والنكزص الديمقراطي والعودة وتمكين المركب المصلحي لإلغاء كل المكتسبات الديمقراطية التي حققتها حكومة العدالة والتنمية.... انتظروا، أول خطوة يقوم بها المركب المصلحي في حالة فوز واجته السياسية أن يتم إلغاء قانون التعيينات، وكل ما يرتبط بمساطر الاستحقاق وضمان تكافؤ الفرص..... ل‘طاء مساحة أكبر للسلطة التنفيذية لعودة الريع بكل مستوياته.... يعني الكارثة..... لك الحق في الانتقاد، لكن المشكلة هي أن تصب المخرجات.... في مسار الإصلاح، أم في سلة المركب المصلحي الذي كان سببا في الانهيار والسكتة القلبية ثم حراك الشارع...... قليلا من العقل...

حقنا في انتقادكم ... منذ 7 سنوات

نحن كمواطنين منخدعين في شعارات رنانة لا يعنينا صراعكم مع من تسمونهم " تحكما " . هذا شغلكم ، ما يعنينا نحن كمواطنين هي الإجراءات التي قامت بها الحكومة ونزلت سيفا قاسما على ظهورنا . كطبقة عاملة حالمة بالكرامة وبالإنسانية ، الم ينتهي الحوار الاجتماعي الى الصفر ، الم تنزل العصا على شباب حالم بالوظيفة لضمان مستقبله ... عندما قدم المغاربة أصواتهم لكم ليس لكي تبكو مما تصفونه ب " التحكم " هذه السنفونية الكريهة المبتدلة لم تعد تقنع المغاربة ، المغاربة قدموا أصواتهم لمن يُحسن وضعهم الاجتماعي ويضمن لهم كرامتهم ، وهذا هو الأساس بالنسبة للمواطن البسيط ... من حقنا كمواطنين منخدعين أن ننتقد سياستكم ومن حقنا أن نفقد الثقة فيكم ... فكل ما قمتم به ما هو الا رعب وقهر ... ما هو ذنبي انا لكي تسرق الحكومة من عمري 3 سنوات وتثقل كاهلي باقتطاعات لإصلاح صناديق لست انا المسؤول عن خرابها ، ما ذنبي انا لكي تفرغ الحكومة جيبي وانا المسؤول عن اسرة فيها الصغير والكبير فيها المعطل وفيها المريض وفيها المعاق محشورة في بنايات الكراء ... هل كنت ساصوت على حزب صرح لي بهذه الاجراءات ، وهل سأثق مستقبلا في اي كلام مهما كان ... لهذا الكثير من المغاربة يعتقدون ان عودة العدالة والتنمية كابوس مرعب ...

مجرد رأي منذ 7 سنوات

ما رأيك في كون "عودة التقليد" كما سميته، وتدخلات السلطة خلال الآونة الأخيرة، الهدف منه دعم حزب العدالة والتنمية وتهريب النقاش حول الحصيلة وبث روح جديدة في شعبية الحزب التي كانت في طور الانهيار. كل ذلك لأن الدولة "تعتقد" أنها ما زالت في حاجة إلى دراع ظرفي لصد الصدمات وآلية مثالية للتغطية عن الفساد الحقيقي...

الكاتب منذ 7 سنوات

لو كانت ولاية ثانية للعدالة والتنمية كابوسا مرعبا لما رأينا عودة التقليد بكل أساليبه لمواجهة هذا الحزب في الوقت الذي وقع فيه تطور هائل لم يعدذ يسمح بقبوله حتى من معارضي العدالة والتنمية... لو كانت ولاية ثانية للعدالة والتنمية كابوسا مرعبا لما رأينا هذا التواطؤ الكبير ضده من قوى معروفة بدعم الفساد وتبرير مواقعه، والذي لا يحصل بالمناسبة إلا عندما يتعلق الأمر بتقدم في المسار الديمقراطي... لو كانت ولاية ثانية للعدالة والتنمية كابوسا مرعبا لما احتاج خصومها لمسيرة الدار البيضاء الشوهاء.. لو كان كاسوبا مرعبا، لما تجيشت أطراف عديدة من الإدارة الترابية بدعم حزب يعرف الجميع ظروف ولادته ومساره......لو كانت ولاية ثانية للعدالة والتنمية كابوسا مرعبا، لحسم التصويت العقابي الأمر دون الحاجة إلى هذا التجييش الذي انخرط فيه من يفترض فيهم الحياد والالتزام بالتعهد الملكي ببقاء الدولة والإدارة على مسافة من ألأحزاب.... تحرروا من مواقعكم ومنافعكم واصطافاتتكم المصلحية، وانظروا بعين الحقيقة، تزهر لكم الأمور، حتى ولو لم يتطلب الأمر منكم قول الحقيقة في حزب فرض نفسه بإيقاعه الخاص.

السيناريو المرعب منذ 7 سنوات

السيناريو المرعب هو أن تعود العدالة والتنمية إلى قتل ما تبقى من نفس لدى الطبقة الوسطى وعموم الطبقة العاملة والمأجورين . السيناريو المرعب هو أن يعود بنكيران ليكتم على أنفاس المغاربة . هل تحقق شيء من محاربة الفساد غير مزيد من الانهاك والسرقة من الجيوب المثقوبة أصلا هل ارتفع منسوب الحقوق غير التراجعات عن ما كان مكتسبا . هل نجحت الحكومة في إنجاح حوار اجتماعي كما فعلت سابقاتها حتى ولو لم تكن تلك الحكومات ذات " شرعية شعبية " . أليس من حق الطبقة العاملة ومجموع المأجورين معاقبة حكومة لم تعمل إلا على إفراغ جيوبهم بشتى الطرق . إذا كان هناك من سناريو مرعب سيدفع المغرب إلى الحافة هو عودة " التحكم " الأصولي المحافظ الذي لا يتوفر على مقومات الحوار الاجتماعي والبناء السياسي والاقتصادي والحقوقي .

التاريخ لا ينسى ... منذ 7 سنوات

التوازنات المالية المفترى عليها لم تأت إلا من جيوب المستضعفين فيما تم التطبيع مع الفساد ، وتوسعت قاعدة الريع ، والمخزنة . وتلاشت المكاسب التي راكمها المغاربة بتضحياتهم ، وهم اليوم مجبرون على المواجهة لإغلاق قوس الترجعات الذي انفتح إلى ما لا نهاية ، وحيث أن المغاربة البسطاء لم يكونوا يحتجون إلا لرفع مطالب اجتماعية ، فنزل عليهم سوط الاقتطاع ليزيد من إنهاكهم ، وقوبلت الاحتجاجات بعنف لم يشهد له مثيل ، وتم اغتيال حوار اجتماعي ، ثم جاء قانون الإضراب ليغلق قوسا حقوقيا يعرف الجميع المستفيد منه ، ولازم ذلك قانون التعاقد وفصل التوظيف عن التكوين ، ولتأتي الكارثة بسرقة سنوات من حياة موظفين ملزمين بترميم صناديق التقاعد التي لا يتحملون أي مسؤولية في تخريبها واللائحة مفتوحة على مزيد " العفو عما سلف " واستمرار ضمان طبقة لامتيازاتها وتهربها من المسؤولية ومن التزاماتها المالية الضرائبية ، فيما الطبقة الوسطى كانت الحائط القصير الذي أمكن الركوب عليه واستنزافه . ليس هناك احزاب عانت ما عانت من الفساد الانتخابي ومن هيمنة الدولة في خلق أحزاب إدارية توالدت مع كل مرحلة انتخابية ، مثل ما عانى كل من الاتحاد الاشتراكي والاستقلال منذ الاستقلال الى حدود الساعة ، ولم تكن العدالة والتنمية الا جزءا من تلك الحرب التي مورست على اليسار على المستوى السياسي وعلى مستوى الجامعات من خلال الادوار التي كانت تقوم بها كتائب موالية تحت يافطة الاسلاموية ، من اجل حصر المطالب الديمقراطية . هذه الأحزاب – الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال – توجد االيوم بين كماشتي أصوليتين تهدمان كل الأسس الديمقراطية التي بناها المغاربة بنضالهم وبالتالي وبالتالي الحديث عن التوازنات السياسية لا معنى له داخل التصادم الأصولي وأي اصطفاف لإحدى هاتين الأصوليتين هو مساهمة في تدمير البناء الديمقراطي ، فهل كان يمكن للاتحاد الاشتراكي القبول بكل هذه الانهيارات التي قامت بها الحكومة الحالية ، ولهذا ظل الحزب في مواجهة كل اختراق قامت به ولا زالت تقوم به هذه الأصولية بدعوى الاصطفاف المخادع تحت مبررات محاربة " التحكم " المغاربة اليوم ملزمون بغلق قوس الانهيارات المتتالية ، وهذا هو المطلب الراهني والملح سياسيا واقتصاديا ، التوازنات المالية ليست هي الكل أمام المطالب الديمقراطية التي تلاشت ، والتجربة أكدت أن هذا لم ولن يتحقق بوجود حزب محافظ منغمس في ليبرالية متوحشة اغرقت البلاد في ديون ثقيلة ، الحزب " المحافظ " الذي واجه حكومة من الاتحاد والاستقلال حينما طرحت أهداف إصلاحية كان على رأسها خطة لإدماج المرأة في التنمية ونعتقد أن بنكيران الذي كان يتزعم الاحتجاجات بتنسيق مع المخزن بخطب شعبوية ، فان كانت ذاكرته خانته فان ذاكرة الاتحاديين والاستقلاليين لا تزال تحتفظ بذلك الجرح الغائر ...

حسن منذ 7 سنوات

أصدق جملة في المقال هي (... ولكن هذه المرة، على قاعدة إعادة طرح قضية توزيع السلطة والثروة في المغرب ) وما عدا ذلك فتطبيل لبنكيران.

التالي