ماذا لو استمر إسناد الإدارة الترابية لحزب « البام » وتحقق حلم التحكم في إنهاء تجربة الإصلاح وإغلاق قوس الانتقال الديمقراطي؟
سيناريو قد يبدو مستبعدا وغير مسنود بمؤشرات كافية، لكن التفكير في كلفته مهم حتى يصير مستحيلا.
دعونا نتجاوز كلفته على صورة البلاد التي تعزز فيها الاستقرار، وتنامت فيها جاذبية الاستثمار وتحصنت جبهتها الداخلية، وكسبت نقاطا مهمة في تموقعها الدولي بفضل خيارها الديمقراطي ووضعية الاستثناء التي خلقته في العالم العربي.
ولنترك، أيضا، الحديث عن كلفته على وضعية الاقتصاد والمالية العمومية التي تعافت بفضل قرارات جريئة تحملت فيها الحكومة جزءا مهما من شعبيتها من أجل تمرير إصلاحات هيكلية مكلفة.
لنحصر النقاش في الكلفة في زاوية واحدة، نقرأ من خلالها أثر هذا السيناريو على المشهد السياسي، والتحولات التي ستصيبه، وأثرها على التوازنات السياسية في المغرب؟
إن الجهات اليوم التي تسارع الخطى من أجل إغلاق قوس الانتقال الديمقراطي، لا تدرك أن تصدر « البام » لنتائج الانتخابات سيكون على حساب تحولات عميقة في المشهد الحزبي، فحزب التحكم – إن استمر دعم الإدارة الترابية له – لن يأخذ في الغالب أو لن يأخذ كثيرا من قاعدة العدالة والتنمية، وإنما سيكون المتضرر الأكبر هو حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية.
لن نتحدث عن التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، فالتراجع بالنسبة إلى أحزاب الأعيان لا يعني الشيء الكثير، ولا يدفع في حصول تحولات داخلية مؤثرة، ولكن المشكلة تطرح بالنسبة إلى حزب الاستقلال، الذي نجحت قيادته بجهد جهيد في امتصاص التراجع في الانتخابات الجماعية باستعمال تكتيكات متعددة: (رفع عنوان مواجهة « البام » والتحالف مع العدالة والتنمية، المصالحة مع « بلا هوادة »، والتماس شرعية الاستمرار من حكماء الحزب..)، كما تطرح بالنسبة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يغلي من الداخل بسبب تدبير القيادة السيئ للوضع التنظيمي الداخلي، وبسبب اختياراتها السياسية المصطفة مع « البام »، وفقدان استقلالية القرار السياسي.
كلفة السيناريو المرعب ستكون قاسية على هذين الحزبين، وستدفع بشكل قيصري إلى إحداث تحولات تطيح بالقيادتين (شباط، ولشكر) المصنوعتين عبر التدخلات في استقلالية القرار الحزبي، وتتجه ليس فقط، إلى تغيير أشخاص، ولكن إلى اعتماد الخيارات السياسية المتشددة والتوجه إلى الراديكالية، وتوسيع الالتفاف حول شعار الملكية البرلمانية والمطالبة بالإصلاحات الدستورية ليس من قبيل المزايدة السياسية، ولكن كجواب عن مآل التدخل في هذين الحزبين وصناعة قيادتهما من الخارج، والتحكم في استقلالية قرارهما الحزبي.
كلفة هذا السيناريو الحزبي، حدوث تحولات قيصرية وخلق شروط موضوعية لتحالف تاريخي بين الكتلة الديمقراطية وبين حزب العدالة والتنمية، ليس على قاعدة استكمال الإصلاحات، أو استئناف تجربة الانتقال الديمقراطي، ولكن هذه المرة، على قاعدة إعادة طرح قضية توزيع السلطة والثروة في المغرب، وستكون أحزاب الأعيان المساندة لحزب التحكم عاجزة تماما عن تأمين متطلبات التوازن السياسي، كما ستدفع الشروط الموضوعية نفسها إلى إحداث مراكز جذب أخرى لفائدة الراديكالية السياسية تقوم بها أحزاب اليسار وعدد مهم من جمعيات المجتمع المدني، إذ لا يستبعد أن تتجه إلى توسيع دائرة الشك حول الإجماع.
بكلمة، إن سيناريو التحكم، يكتسي خطورة كبيرة، ليس لأنه فقط، يضر بصورة المغرب كلبد اختار التوجه نحو الديمقراطية، أو يهدد التوازنات الاقتصادية والمالية التي أحدثتها حكومة بنكيران، أو يضعف جاذبية المغرب للاستثمار، أو يبدد ثقة المستثمرين ورجال الأعمال، تلك الثقة التي تولدت بصعوبة خلال هذه الفترة الحكومية، ولكنه، وهذا هو الأخطر، يضرب في العمق التوازنات السياسية، ويدفع في اتجاه إعادة الاحتقان بين الدولة والقوى الديمقراطية، ويدفع بالإجماع للدخول إلى دائرة الشك، ويخلق الشروط الموضوعية لاصطفافات حادة لا يرى في الأفق خيارات لفكها أو بدائل للتعاطي معها.
شريط الأخبار
محكمة استئناف في نيويورك تلغي حكما يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
ندوة حول دور التحول الرقمي وتكنولوجيا الإعلام في النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة
سقوط مراوح طاحونة ملهى « مولان روج » الاستعراضي في باريس
إعلام: الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري منهزما في مباراته مع بركان مبقيا على مباراة الإياب
المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024
عودة الثنائي « عاجل وفولان » بمسرحية جديدة « سيدنا »
أمن تيزنيت يحقق في ملابسات الاعتداء على « مْقدم »
المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين يعقد جمعه السنوي
جهة سوس تحتضن النسخة الثانية للمعرض البيداغوجي للمدن الذكية في ماي
مجموعة CDT تهاجم وزير التعليم العالي وترفض توقيع بيان اجتماع لجنة التعليم حول طلبة الطب
سيناريو مرعب
27 سبتمبر 2016 - 11:48