أحزاب المجتمع في مواجهة أحزاب السلطة 

15 أكتوبر 2016 - 22:00

أحزاب أمام المشهد السياسي فرصة نادرة لإعادة ترتيب أوراقه المبعثرة، والرجوع إلى خطاطة حزبية لم تفقد جدواها ولا راهنيتها، وهي الخطاطة القائمة على الفرز بين الأحزاب المستقلة التي تدافع عن المشروع الديمقراطي في خطوطه العامة، مقابل الأحزاب الإدارية الفاقدة لأي استقلالية، والتابعة للسلطة، والتي لا يشغل الهم الديمقراطي أي جزء من تفكيرها ولا من ثقافتها ولا من برنامجها… أحزاب المجتمع في مواجهة أحزاب السلطة، والعدو ليس النظام، ولكنه الفساد والتحكم، ومراكز مقاومة التغيير، والضغط لتطوير وتحديث نظام الحكم ومؤسساته من داخله وليس من خارجه.
إذا نجح حزب العدالة والتنمية في قيادة حكومة يشارك فيها الاستقلال «أبو الأحزاب الوطنية»، والاتحاد الاشتراكي الذي يجر خلفه تراثا نضاليا كبيرا، والتقدم والاشتراكية الذي كان حاضرا في أهم المعارك الديمقراطية.. إذا نجحت قاطرة العدالة والتنمية في إقناع العربات الثلاث بالوقوف خلفها، فإن بنكيران سيدخل إلى التاريخ باعتباره أول زعيم سياسي مغربي سيشكل حكومة كل أحزابها نابعة من تربة المجتمع، دون الحاجة إلى أحزاب بلاستيكية وضعت في مزهرية بلا روح.. حكومة كل أحزابها تعلن الانتماء إلى المشروع الديمقراطي، وتتشبث، بهذا القدر أو ذاك، باستقلالية القرار الحزبي، وتؤمن بأن مستقبل المغرب في نظام ديمقراطي وليس سلطويا، وفي مجتمع حر لا متحكم فيه، وأن الأولوية الآن للبناء المؤسساتي وليس للصراع الإيديولوجي أو القيمي.
نعم، الاستقلال يبدو متعبا من كثرة القفز من شجرة إلى أخرى، ومن موقف إلى آخر، ومن حكومة إلى معارضة، دون مبرر منطقي، وقيادته النقابية أثبتت أنها تصلح للاحتجاج، للرفض، للشعبوية، للاصطدام، لكن إدارة حزب كبير بحكمة وترو وبعد نظر، هذا أمر ظل بعيدا عن شباط. لكن، يبدو اليوم أن القيادة الاستقلالية تعلمت دروسا كثيرة من محطتي 2015 و2016، وأيقنت أن قربها من البام كان مكلفا للغاية، وأن قاعة «السلطة» ليس بها إلا كرسي واحد يجلس عليه البام، وإذا قبل الآخرون أن يوجدوا معه في القاعة نفسها، فما عليهم إلا أن يظلوا واقفين في خدمته، لهذا أتوقع أن شباط الآن يرتب لانسحابه من الأمانة العامة للميزان، لكنه يريد أن يقلل خسائر الحزب الذي ورثه، وهو حزب مشارك في الحكومة وبيده رئاسة مجلس النواب وفي جيبه 60 مقعدا، فيما هو الآن يقود حزبا خسر ثلث مقاعده في مجلس النواب، وخسر احترام جزء من زبنائه التقليديين في حواضر المدن، وسيخسر أكثر إذا نزل إلى المعارضة الآن، لهذا، فإن الحل بالنسبة إلى الاستقلال هو الابتعاد عن البام لمحو ذكرى أربع سنوات من «التخربيق السياسي»، والعودة إلى المشاركة في حكومة قوية ببرنامج إصلاحات عميقة.
أما بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي، فقد «دخل إلى التاريخ» باعتباره أول حزب يتعرض لتصويت عقابي وهو في المعارضة، فالعادة أن تتعرض الأحزاب الحاكمة لعقاب الناخبين لا الأحزاب المعارضة، لكن هذا حدث للاتحاد لأن إدريس لشكر أخطأ التقدير مرتين؛ الأولى عندما رفض دخول حكومة 2011 التي جاءت بعد الحراك الديمقراطي في الشارع، والثانية عندما قفز إلى عربات الجرار دون تقدير للعواقب الخطيرة لدخول حزب مثل الاتحاد تحت جلباب حزب السلطة الممثل في البام، وكانت النتيجة ما نراه من تحول الحزب إلى مكون صغير في الخريطة الانتخابية بعشرين برلمانيا، نشرت الجريدة كل صورهم بحجم كبير في صفحة واحدة، وباستثناء المالكي والراضي وأعضاء اللائحة الوطنية، فإن الآخرين لا يعرف أحد متى دخلوا إلى الاتحاد، ولا نوع الوظيفة التي سيقومون بها داخل البرلمان، لهذا على إدريس لشكر، قبل أن يرحل عن القيادة في السنة المقبلة، أن يصلح ما يمكن إصلاحه، وأن يعيد الحزب إلى الكتلة، ويدخل إلى الحكومة لمحو صورة «معارضة صاحب الجلالة» التي تحترف بعث الرسائل إلى القصر عِوَض مواجهة إخفاقاتها بشجاعة. لا مكان للاتحاد في معارضة يقودها البام من أجل إنعاش السلطوية، مكانه مع حزب العدالة والتنمية من أجل مباشرة الإصلاحات الضرورية لبلاد قاطع فيها الاقتراع أكثر من 20 مليون مغربي اختاروا أو حرموا من المشاركة في الاقتراع، وبقاؤهم خارج اللعبة يعني ما يعنيه للعقلاء الخائفين على مستقبل البلاد.
اعتبرت صحيفة |«واشنطن بوست»، في تحليل سياسي نشرته أول أمس للنتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية بالمغرب، والتي بوأت حزب العدالة والتنمية الصدارة، أن النجاح الانتخابي لحزب المصباح يعود إلى مجموعة من العوامل، على رأسها ميل الحزب إلى تبني نهج براغماتي شبه علماني في العمل السياسي، وابتعاده عن الإيديولوجيا الدينية. وأضافت الصحيفة الأمريكية المعروفة بتأثيرها على دوائر صناعة القرار في واشنطن: «إن هذه الصيغة في العمل السياسي التي يتبناها الحزب في المغرب، ومعه حركة النهضة في تونس، تؤشر على بروز تيار جديد داخل حركة الإسلام السياسي، يفصل بشكل صريح بين الدين والدولة، ويرى أن الشأن السياسي والشأن الديني ينبغي أن ينفصلا عن بعضهما البعض». وفي آخر التحليل، وضع الصحافي جملة مفيدة تلخص مهام المرحلة المقبلة، فكتب: «التحدي المطروح الآن على حزب المصباح هو قدرته على مواصلة الاضطلاع بدوره المزدوج في العمل من داخل النظام، وفي الوقت ذاته التعامل مع أعطابه الأساسية، وفي طليعتها الفساد».

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Taha mohamed منذ 7 سنوات

ملاحظ السي بن كيران، باركة من التخربيق الاتحاد وتشكيل حكومة من الاصالة والمعاصرة سيجعلكم تقومون بدور إيجابي لصالح الشعب اغلبيته التي صوتت لصالحكم: - ستشكلون حكومة متجانسة، - ستقضون على الأحزاب القزمية المتبددبة - سيكون لكم حوار مباشر مع القصر .

ابو انس منذ 7 سنوات

يجب قراءة الخطاب الملكي جيدا والتقاط الرساءل المشفرة التي وجهها للاحزاب كما للادارة الشرعية التاريخية والنضالية للاحزاب الوطنية لا احد يستطيع تجاهلها او القفز عليها لكن حقها في البقاء والاستمرارية ليس هبة كرخص لاكريمات بل اصطفاف الى جانب الشعب في كل قضاياه و ترجمة انتظاراته الى حلول واقعية وملموسة وبالتالي انخراط المجتمع في اي عملية سياسية سيكون ظمنيا وتلقاءيا اما العمل المناسباتي خاصة ابان الانتخابات هو من يؤدي الى النفور والعزوف عن المشاركة السياسية وتكريس المنطق الذي ذهب اليه صاحب الجلالة حينما قال ان الحزاب السياسية تنزوي بعد الانتخابات الى الاهتمام بالمصالح الشخصية وتهمل المصلحة الوطنية كل الاحزاب السياسية اليوم توجد في مفترق الطرق اما ان تنحاز الى الشعب وتغلب المصلحة العليا واما ان تعلن عن نعيها وحينذاك لا تنتظر من ياتي ليقدم العزاء

M.KACEMI منذ 7 سنوات

Sans équivoque, sans erreur, sans doute aucun; le commentaire de"lfadi" reflète une perte de pédales chez ADDAWLA L3AMI9A

Rachid منذ 7 سنوات

والله أنه عيب على كل الذين يشيدون بحزب حقق الأغلبية وكأنه حقق إنجاز بفضل إنجازاته الوطنية وحقق طبقات المجتمع ما وعد به في برامجه وحسن عيش المواطن . الإنجاز الوحيد الذي حققه وهو الحصول على أغلبية مرة ثانية. وهذا يفسر أنه استغل متوقعه واستثمار من أجل النهوض بحزب وليس بالوطن

rachid منذ 7 سنوات

je ne sais pas , est ce que la liberté d'expression te donne le droit de faire cet article en classant des partis selon votre raisonnement inaproprié qui est loin d’être neutre et qui n'es pas basé sur des éléments objectifs et solides Assi bouachrin, ce genre d'article va nourrir la haine et l’animosité et ne va pas servir le développement durable de notre pays hadouk les partis que tu les qualifies partis de plastique rahom ils regorgent des compétences et blad wlen nass. HCHAM CHI CHWIYA nous sommes tous marocains et nous fesons de notre mieux pour servir ce pays sans insulter ou marginaliser les autres

محمود.ا منذ 7 سنوات

اي منطق هذا فعندما يقول مرشح للبرلمان او لمستشار في الجماعة سوف أدافع عنكم ،سيدافع عنا ضد من هل ضد الادارة والمخزن ثم انه في سياقنا في الحديث عن المخزن يتخيل للمرء انه خصم او ان لم نقل عدو في حين ان المخزن هو الذي كمح جماح الأحزاب في شهيتها للسلطة والمحسوبية والزبونية و ...و..!

ahmed zizou منذ 7 سنوات

مشكلة الاحزاب التي توصف عادة بالوطنية هي التي اوصلت المغرب للحالة المتردية في جميع القطاعات ،لم ينس المغاربة كيف تواطءت تلك الاحزاب مع الدوائر العليا عبر نسج علاقات مشبوهة خفية و تبادل الأدوار و المصالح الشخصية اختلط فيها المال الحرام وتسلق في المسؤوليات نتج عنه فراغ الساحة السياسية للبلاد من كل محاولات الإصلاح التي طالما تشدقوا بها طيلة عمرهم السياسي وفي اول امتحان خانوا الوطن والمواطنين وبالنظر إلى أسماء من وضعوهم على رأس تلك الاحزاب يتبين أي نوع من الأحزاب هاته ...شباط لشكر ؟؟؟

oujdi منذ 7 سنوات

صدقت ان السي بوعشرين يمنح صكوك الغفران على مزاجه اليوم فقط انتبه ان هناك احزاب المجتمع وطيلة الحملة هو وجوقة الكتائب البيجيدية تلعن الجميع يمنة ويسارا وتختلق الاباطيل لتشويه صورة الجميع وتلميع صورة زعيمهم الدي علمهم السحر انا شخصيا اعتبر السي بوعشرين انسان غير محايد اصبح يسخر قلمه لخدمة اجندة معينة ضدا على اخلاق المهنة

oujdi منذ 7 سنوات

"هنالك رجالات لايمكن الا ان تقف لهم اجلالا واكبارا!! رجال صادقون خدموا البلد منهم تعلمنا الصدق والتضحية والوطنية... السيد اليوسفي شفاه الله وعافاه كان رجلا وطنيا بامتياز... ساهم في تحرير المغرب ابان الاستعمار الفرنسي وانقذ المغرب من السكتة القلبية حينما عينه الراحل الحسن التاني على راس حكومة التناوب... وهو اخر الزعماء السياسيين المشهود لهم وطنيا ودوليا بالروح الوطنية والكفاءة والتضحية والحكمة والنضج والرصانة... رجل القيم والمواقف... ذهب من بعدك الرجال ولم يبق الا اشباه الرجال!!! شتان بينك ايها البطل وبين هؤلاء الاقزام الانتهازيين المرتزقة الذين امتهنوا السياسة فقط من اجل التمكين والسيطرة على مؤسسات الدولة خدمة لمصالحهم الشخصية ولاسيادهم في الخارج... ضاربين عرض الحائط مصلحة البلاد والعباد... لهؤلاء اقول لن يسامحكم الوطن لانكم بعتموه بابخس الاثمان... "فلنقرا الفاتحة على السياسة من بعدك ايها العظيم"...

jilali منذ 7 سنوات

تحليل منطقي وهذا ما كان يجب أن يتم في حكومة بنكيران الأولى ،إلا أن لشكر الذي قال نحن لا نريد أن نسخن أكتاف أي أحد رمى بحزب عريق تحت عجلات جرار مصطنع فدهسه ومزق وردته التي لم يعد لها أي عطر . وشباط كائن سياسي حربائى تبع الأطماع التي وهمه بها سائق الجرار فاختل ميزانه وانكسرت شوكته . والحل الوحيد لإصلاح أعطاب الحزبين هو دخول حكومة بنكيران بدون شروط وتغيير القيادات الفاسدة.

محمد بنجدي منذ 7 سنوات

المشكلة تكمن في السيد لشكر.هو سينفذ تعليمات البام بعدم دخول الحكومة.حتى يضطر بنكيران للرضوخ للأحرار.وحزب الحمامة هو النسخة الإحتياطية من حزب الجرار.لشكر حول الإتحاد إلى ملحقة حزبية للبام.المغرب في حاجة إلى قانون انتخابي جديد

Lfadl منذ 7 سنوات

Sans équivoque, sans erreur, sans doute aucun, cet article prouve qu'il est totalement dans le clan de la gauche gauchiste radicale marxiste et ante MONARCHIE CONSTITUTIONNELE, çeux-LA meme qui appellent à une MONARCHIE PARLEMENTAIRE ou LE ROI ne commande pas et ne joue aucun rôle: tout simplement une RÉPUBLIQUE BANANE dirigee par une dictature, chose à laquelle le peuple répondra massivement et c'est,à pourrait aboutir à une déflagration intérieure AVEC toutes les terribles conséquences qui pourraient en découler. J'espère que le journal aura LE courage d'éditer mon mon article QUE voici !!!!!!!!

شاهد منذ 7 سنوات

ياسبحان الله,,,الان يتذكر السي بوعشرين,مثله مثل البيجيديين تماما,ان هناك أحزابا وطنية حاولوا إلغاءها طيلة فترة الهذيان الانتخابي ...إيوا زيدوا كملوا وحدكم مالكم ؟لله في خلقه شؤووووون...

مجرد رأي منذ 7 سنوات

الناخبون على ندرتهم صوتوا للاشخاص فقط لا غير والاحزاب تعرف ذلك ولذلك لم تضيع وقتها في تقديم اي برنامج لو كان اغلب البرلمانيين الحاليين ترشحوا باسم حزب اخر ما كانوا الا لينجحوا وعليه فلا معنى لكل هذه التحاليل من الداخل والخارج اللهم ضرورة ملء صفحات من الكلام الفارغ

يونس منذ 7 سنوات

المشكل في قيادات هذه الأحزاب الوطنية المخزن نخر هذه الأحزاب وزرع فيها ألغاما مثل لشكر وشباط وغيره هذه الأحزاب للأسف وإن كانت منبثقة من رحم الشعب إلا أنه اليوم الأحزاب الإدارية أرحم منها للشعب وأكثرها مردودية له فحزب الإستقلال والإتحاد الإشتراكي سرق ما لا يتصوره عقل بشر لقد خربو المغرب تخريبا واليوم قياداتها رائحتها النتنة تزكم النفوس بالله عليكم أنظرو إليهم والله جميع المغاربة يتقززون منهم ونشفق في نفس الوقت على التاريخ المجيد لتلك الأحزاب... لكن من جهة أخرى أتفق معك في الطرح الذي قدمتموه لعل اصطفافها إلى جانب حزب العدالة والتنمية والذي سيكون صمام أمان لمال الشعب من بعض رموز تلك الأحزاب الشرهة في أكلها, وربما ستتعافى هذه الأحزاب من جديد وتعود لها الروح والعافية مع الوقت أفضل هذا السيناريو بالرغم من كل مساوئه وسلبياته أتمنى وأظن أن الجميع يتفق معي أن ترجع هذه الأحزاب إلى جادة صوابها لقد تضررت كثيرا من التحكم وان الأوان أن تستفيق وتطيح بقيادتها التي خربتها وتعود لنضالها الشرس ان ذاك سيعود الشعب لدعمها وسيكون إلى جانبها كما كان سابقا

التالي