ضياع 13 مليار درهم على مكتب الكهرباء بسبب الفهري

06 يناير 2017 - 15:30

يظهر أن العقد البرنامج الذي وقعته الحكومة مع المكتب الوطني للمكتب الوطني للماء والكهرباء، قبل ثلاث سنوات لإنقاذ هذا الأخير من الانهيار، لم يتحمل أعباءه سوى المواطنين من الطبقة المتوسطة الذين اكتووا أكثر بالرفع من أسعار الكهرباء، أما الحكومة والمكتب فلم يلتزما بتنفيذ بنود الاتفاق، الذي كان مقررا أن يمتد ما بين سنتي 2014 و2017.

امتناع

مصادر كشفت لـ »أخبار اليوم » أن خلافات نشبت بين وزارة المالية وإدارة المكتب الوطني للماء والكهرباء، أدت إلى امتناع وزارة محمد بوسعيد، عن أداء ما التزمت به الحكومة، من ضح 13 مليارا و947 مليون درهم في ميزانية المكتب على مدى أربع سنوات، لدعم المكتب من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج الناتجة عن استعمال مادة « الفيول » خلال الفترة المحدودة بين 2014-2017.

ويقول مصدر مطلع على الملف، إن الحكومة لم تسدد للمكتب سوى حوالي 1.7 مليار درهم من أصل المبلغ الكلي، الذي التزمت به في العقد البرنامج. ويوضح بهذا الصدد أنه « مع نهاية سنة 2016، كان يجب على الحكومة أن تُحوِّل للمكتب مبلغ 12 مليارا و338 مليون درهم، لكنها لحد الآن لم تُحوِّل سوى مبلغ يقل عن ملياري درهم ».

من جهة أخرى، لم تلتزم الحكومة بضمان أداء ديون المكتب المستحقة على الوكالتين السابقة لتوزيع الكهرباء في الدار البيضاء( RAD) والرباط (RED) قبل أن ترثهما « ليديك »، و »ريضال » على التوالي، وهي ديون تعود إلى سنة 1997، وتصل إلى 908 ملايين درهم. « منذ سنوات يطالب المكتب باسترجاع هذه المبالغ المتعلقة ببيعه الكهرباء للوكالتين السابقتين دون نتيجة »، يقول المصدر.

بيد أن المعطيات التي حصلت عليها « أخبار اليوم »، تفيد بأن الحكومة وفت بوعدها بصرف 2 مليار درهم للمكتب في إطار إعادة رسملته، تخصص بالأولوية لتسوية ديون الممونين، سيما بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي عجز المكتب عن أداء مستحقاتها.

غياب الالتزام

لكن لماذا رفضت وزارة المالية أداء ما التزمت به الحكومة في العقد البرنامج؟ مصدر حكومي، قال لـ »أخبار اليوم » إن الحكومة شرعت منذ السنة الأولى لتنفيذ العقد البرنامج في تحويل المبالغ المتفق عليها للمكتب، لكن « بعد انتهاء السنة الأولى طلبت الحكومة الإطلاع على منجزات المكتب ومدى وفائه بالتزاماته خلال السنة، وتبين أنه لم ينفذ أي التزام من جانبه ». ولهذا رفضت وزارة المالية تسديد المبالغ المتبقية إلى حين الوفاء بتلك الالتزامات.

لكن مصدرا مطلعا، كشف لـ »أخبار اليوم » سببا آخر للخلاف القائم، ويتعلق بهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية. فقبل توقيع العقد البرنامج في مايو 2014 كان المكتب الوطني للكهرباء يحصل على حوالي 6 ملايير درهم كدعم لمادة « الفيول » المخصص لإنتاج الكهرباء، وهذا المبلغ كان يتغير حسب تقلب أسعار النفط. هذا الدعم حولته الحكومة مع توقيع الاتفاقية في 27 مايو 2014 إلى دعم جزافي بقيمة 13 مليارا و947 ميلون درهم على مدى أربع سنوات، على أساس أن يلتزم المكتب بتخفيض كلفة الإنتاج، وأن يعقلن عمله وطرق تسييره، بحيث يتوقف الدعم مع نهاية 2017. المشكل الذي وقع حسب مصدر مطلع، هو أن وزارة المالية لاحظت أن مصاريف المكتب الموجهة لاقتناء « الفيول » الصناعي تراجعت بسبب انخفاض أسعار المحروقات في الأسواق الدولية، فامتنعت وزارة المالية عن مواصلة تقديم ذلك الدعم، وهو ما رفضه المكتب الذي يصر على الاستفادة من المبالغ التي نص عليها العقد البرنامج، لأنها « مبالغ جزافية ولا علاقة لها بتقلبات الأسعار ».

هذا يعني أنه بعد ثلاث سنوات من الشروع في تطبيق العقد البرنامج الذي سينتهي في نهاية 2017، فإن الطرف الوحيد الذي وفّى بالتزاماته كلها هم المواطنون الذين تحملوا كلفة رفع أسعار الكهرباء على مدى أربع مراحل (انطلقت في غشت 2014، وكان آخرها في يناير 2017). هذا الارتفاع وفر للمكتب مبلغ 13 مليارا و950 مليون درهم، ما خول له استعادة وضعية مالية « سليمة » حسب نتائجه في نهاية 2016.

عجز كبير

يذكر أن مكتب الكهرباء عانى من عجز في صافي دخله ناهز 2,7 مليار درهم، و كان سيصل في غياب أي مبادرة للإصلاح إلى 7 ملايير درهم سنة 2017. وكان الهدف من العقد البرنامج الذي أثار جدلا في 2014، بسبب تضمنه رفع أسعار الكهرباء، هو إنقاذ المكتب من الانهيار، وبمقتضاه وضع هدف تعبئة 45 مليار درهم، تساهم فيها الحكومة بـ 22 مليار درهم خلال مدة العقد موزعة على 2 مليار درهم موجهة لإعادة رسملة المكتب، و13 مليارا و947 مليون درهم في إطار الدعم المالي للمكتب من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج الناتجة عن استعمال مادة « الفيول »، فضلا عن مساهمة الدولة بـ 600 مليون درهم في إطار تمويل مشاريع تعميم الماء الصالح للشرب في العالم القروي، ومليارين و383 مليون درهم في إطار دعم الدولة لتمويل الصرف الصحي في إطار البرنامج الوطني للتطهير السائل، و3 ملايير درهم لتسديد دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم لفائدة المكتب.

أما من جانب المكتب، فقد التزم بمبلغ 8 ملايير و200 مليون درهم يتم توفيره من خلال الاقتصاد من خلال تحسين الأداء وترشيد النفقات وتحسين ظروف الإنتاج والتوزيع ومردودية شبكات الربط، وترشيد نفقات التسيير، وبالتفويت عن طريق المنافسة للعقارات والأنشطة التي لا يحتاجها المكتب بطريقة مباشرة.

النتيجة الحالية هي أنه بعد ثلاث سنوات، استعاد مكتب الكهرباء عافيته وربح مبالغ من رفع الأسعار على حساب المواطنين، في حين لم ينفذ هو التزاماته بخصوص التخلص من عقاراته وترشيد تسييره وتخفيض كلفة الإنتاج، كما لم تلتزم الحكومة بأداء ما وعدت به.. ولا يستبعد متتبعون أن يقوم البرلمان مباشرة بعد انعقاده قريبا، باستدعاء وزير المالية ومدير المكتب لتقديم تفسيراتهما.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي