الاتحاد "التبريري" للقوات الشعبية

19 يناير 2017 - 12:50

في شتنبر 2012، أياما قبل المؤتمر التاسع الذي نصّب إدريس لشكر كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي، جرى بيني وبينه الحوار التالي:

  • “سؤال: أثناء التعديل الحكومي لسنة 1999 أصبحت وزيرا بعد أن كنت تدعو الحزب للخروج إلى المعارضة لتشكيل جبهة مع العدالة والتنمية. وهو ما يجعل منتقديك يقولون إن إدريس لشكر يغير مواقفه بـ180 درجة. ما صحة هذا؟
  • جواب: هذا جواب سأقدمه لأول مرة. عندما ترشحت لمنصب الكاتب الأول في المؤتمر الثامن تعرضت لمؤامرة كبيرة..
  • سؤال: من تآمر ضدك؟
  • جواب: نحن مقبلون على محطة مهمة، لذلك لن أنكأ الجراح. المهم أنني حللت خلال المؤتمر الثامن في المرتبة الثالثة بعد عبدالواحد الراضي وفتح الله ولعلو، وبفارق صغير. بعد ظهور النتائج، وجدت من بين المؤتمرين الذين لم يصوتوا لصالحي من يبرر ذلك بأن باقي المرشحين هم رجال دولة، أي أن الراضي رئيس لمجلس النواب وولعلو والمالكي وزيران لولايتين، بينما أنا الوحيد الذي لا أتوفر على صفة رجل الدولة، لأنني كنت منذ الخروج عن المنهجية الديمقراطية ضد البقاء في الحكومة (…)
  • سؤال: دخولك إلى الحكومة كان محكوما إذن، بمنطق أن تُثبت لمن يحتاج إلى إثبات بأنك أيضا رجل دولة؟
  • جواب: أنا قلت بأنه ربما، ومن صدف التاريخ، فإن ما كان ينقصني للفوز في المؤتمر الثامن، حسب بعض الإخوان، أصبح الآن ممكن التحقق” (…)

إن العقل الذي سوَّغ للرجل الذي سيصبح، بعد أيام من هذا الحوار، كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي، استوزاره في 2010، مناقضا بذلك موقفه السابق من الحكومة التي سيدخلها بـ”صباطه” الأبيض، مستهترا بقيادة حزبه التي سمِعت خبر استوزاره كباقي الناس، هو نفسه العقل الذي يسوغ الآن للاتحاد الاشتراكي، الذي عاقبه الشعب، أن يقطف منصب رئيس “مجلس الشعب” كما قطف آدم الفاكهة المحرمة، لولا أن الأخير طُرد من جنة الله، والأول لن يطرد من جنة الشعب، لأن الشعب لا سلطة له على مجلسه، والدليل أن الحزب الذي عاقبه الشعب في 7 أكتوبر بـ14 مقعدا، قرر بدوره معاقبة الشعب في 8 أكتوبر.

لقد تحول الحزب الذي ساهم في تأسيسه صاحبا “مفهوم العقل” و”نقد العقل العربي”، أكبر منتج للعقل الذرائعي المتحفز دوما لاستمراء الأخطاء والفداحات وتسويغها. وبدل أن يستعيد الاتحاد الاشتراكي دوره السياسي والاجتماعي والثقافي كسلطة أخلاقية وتنويرية ونقدية، في مواجهة سلطتي الدولة والإسلاميين، انحاز إلى الأولى ضد الثانية، محققا حلمها التاريخي.

لقد حكى السي محمد الحبابي، الذي كان مقربا من عبدالرحيم بوعبيد ومن المستشار الملكي إدريس السلاوي- شقيقه في الرضاعة- أن الحبيب الملكي ” كان مثقفا وذكيا، وفي الوقت نفسه طموحا في الترقي والحصول على مناصب رسمية.. كما أن الحسن الثاني كان يعرف والده، ذا الجذور المخزنية.. لهذه الأسباب كلف إدريس البصري بتهييء الحبيب المالكي لهذه المهمة، وقال له: ستحرص على لقائه باستمرار وتهييئه لخلافة بوعبيد، وقد علمتُ بهذا المخطط (يضيف الحبابي) من خلال لقاءاتي مع المستشار الملكي إدريس السلاوي وآخرين. وبدأت المرحلة الأولى من هذا المخطط، الذي لم يكتمل، بتعيين الحبيب المالكي أمينا عاما للمجلس الوطني للشباب والمستقبل”.

الآن، وبعد ما التقت إرادة الدولة وحبيبها، أليس الخاسر الأكبر هو الاتحاد الاشتراكي ومعه كل المغاربة، بمن في ذلك الذين يخالفونه الرأي؟ إن المغرب بفقدان “الاتحاد” الديمقراطي، النقدي، وليس الاتحاد المتحفز للتغطية والتبرير، يفقد المعنى الحقيقي للتعددية، بما أن حتى حزب العدالة والتنمية بات غير قادر على ترجمة أصوات المغاربة إلى أفعال. إننا أمام مفردٍ بصيغة الجمع.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صريح مع نفسي منذ 7 سنوات

ليس هناك من يخدم مصلحة الشعب، أولاد عبد الواحد واحد، نحن العدالة في طريق الاتحاد الاشتراكي. عندما ترتبط بالسلطة لن يبقى اختيار طريقك بيدك

عدالي منذ 7 سنوات

انا متأكد من شيء واحد ووحيد هو أن انتخاب الملكي كان بضوء اخضر

التالي