حقيقة "الحقيبة"

13 فبراير 2017 - 14:46

خاب ظن من كان ينتظر من المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أن يخرج بموقف صريح بخصوص تشكيل الحكومة. بلاغ الحزب جاء مغرقا في العموميات والعودة لحصيلة الولاية الثانية ونتائج الانتخابات وما أعقبها، وكل ذلك يعرفه المغاربة وحفظوه عن ظهر قلب، بكثرة ما علكته ألسنة الساسة حتى كره المغاربة السياسة وما وراءها.

ما كان يتطلع إليه المغاربة بخصوص المستجدات جاء في فقرة قصيرة تؤكد ثبات رئيس الحكومة على موقفه الرافض لمشاركة إدريس لشكر وحزبه في الحكومة رفضا قاطعا فيما يشبه فيتو لا رجعة فيه. عبد الإله بنكيران يؤكد هنا ما كتبناه قبل شهر ونصف من كونه قبل الاتحاد الدستوري ورفض الاتحاد الاشتراكي. لقد صار واضحاً أن الأمر الآن  مسألة ”أنا” بين بنكيران الذي يريد حفظ ماء الوجه وبين أخنوش المطوق بالكلمة التي منحها لحلفائه. إن مصلحة الوطن، المفترى عليها من طرف كل السياسيين، تقتضي من الطرفين أن يمسكا العصا من الوسط، كما قال لي أحد المتابعين للشأن السياسي المغربي: “بنكيران وأخنوش خاصهم يقسمو الصبر”!

مضيفا أن الأول تخلى عن حزب الاستقلال وأنه على الثاني أن يتخلى عن الاتحاد الاشتراكي وأن يشرح له أن المصلحة الوطنية العليا (…) تقتضي أن يعزز الاتحاد صف الاستقلال في المعارضة النقدية. هذه هي خصوصية السياسة في المغرب. بعد هذه الخلطة الهجينة، أستغرب أن يقول بلاغ “البيجيدي” إن الحزب “سيواصل التعبير عن حرصه على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، ولكن ليس على حساب كرامة المواطن، وليس بما يساهم في الدفع إلى اليأس من جدوى المشاركة السياسية ًوتشجيع العزوف”. هذا يعني أنهم لم يستوعبوا أنه مضت قرابة خمسة أشهر على التكليف، فعن أي حرص على تشكيل الحكومة في أقرب وقت يتحدثون؟ الآن أدركوا أن هناك شيئا اسمه كرامة المواطن لكنهم لم يدركوا أن هذه الكرامة داستها المناورات السياسوية للأحزاب؟ أما الحديث عن التنديد بمن يدفعون الناس إلى اليأس والعزوف عن السياسة والانتخابات، فهذا تحصيل حاصل. فكل ما وقع بين 10 أكتوبر 2016 واليوم، يشكل بذرة خصبة للكفر بالسياسة والدعاء لها بالويل والثبور. ويبقى على الأحزاب السياسية والدولة أن تراهن على الوقت ربما ينسى المواطن بحر الرداءة هذا الذي غرقت فيه السياسة منذ خمسة أشهر. باختصار شديد، لعبة شد الحبل هذه لا جدوى منها، فسواء كانت الحكومة بخمسة أحزاب أو ستة أحزاب فالأمر سيان، ووجود الاتحاد الاشتراكي من عدمه لن يغير من رأي المواطن في الدرك الأسفل الذي بلغته الممارسة السياسية، والذي جاء صراع كسر العظم بين حزب الاستقلال ووزارة الداخلية ليكرسه ويزيد في الطين بلة.

في النهاية، بنكيران لن يفرط في الحكومة ومن ينتظر أي سيناريو آخر، فإنه لم يفهم بعد سيكولوجية القادة السياسيين وتعلقهم بالحقيبة والبون الشاسع بين الكلام والفعل.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي