انظروا لوجوهكم في المرآة

06 مارس 2017 - 15:55

عندما كتبت “عفا الله عمن شفر” اتصل بي رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران ليوضح وجهة نظره فيما كتبت، وعندما كتبت أيضا “البام والمال السايب”، اتصل بي إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، لا ليعاتبني عن مقال انتقدت فيه انحياز الحزب لأحد أعضائه له خلاف مع المجلس البلدي في البيضاء. الرجل قال لي بالواضح إنه متفق مع كل ما كتبت، وأضاف بأن الأحزاب لا يجب أن تكون رهينة في يد “التجار”، وفاجأني عندما نشر عمودي على الموقع الرسمي لحزب البام، رغم أن هذا العمود جَلدَ الجرار.

هذا التفاعل مع الإعلام جيد ومستحب، بل أكثر من ذلك هو آلية من آليات الديمقراطية. وموقف الرجلين يُحسب لهما، لكن دور الصحافي هو وضع أصبعه على مكامن الاختلالات بكل تجرد دون مبالاة بالخلفيات الحزبية لهذا الملف أو ذاك. فاستقلالية الإعلامي لا تتمثل في جلد قادة وزعماء من لون سياسي واحد، ولا مهاجمته للجثث السياسية، الاستقلالية تعني الدفاع عن المصلحة العامة فقط، لا غير. لذلك، لا غرو من العودة إلى ملف الشعبي لأذكر أنه في العام 2008 دافع حزب البيجيدي كذلك، عن المصلحة التجارية لآل الشعبي من قبة البرلمان، وطالب بلجنة تقصي الحقائق في تفويت العقارات العمومية، وإذاك كان الحاج ميلود الشعبي رحمه الله، مقربا من العدالة والتنمية المعارض حينها.

وهكذا أخلص اليوم، بأن الأحزاب يجب أن تدافع عن مصلحة الوطن وعن أولويات المواطن، الذي صوت لها وليس عن المصالح الضيقة للمنتسبين أو المتعاطفين. فعندما أرى ما يقع اليوم بين شباط من جهة، وبادو وغلاب واحجيرة من جهة أخرى، لا يسعني إلا أن أردد؛ هل هذا هو الحزب المرجعي التاريخي الذي أنجب الأفذاذ؟ اليوم فقط، يأتي هؤلاء الثلاثة: ياسمينة وكريم وتوفيق ليقولوا للمغاربة، شباط لا يصلح لقيادة الحزب! لا بأس أن نذكر هؤلاء الثلاثة بأنهم انقلبوا على عبدالواحد الفاسي قُبيل ساعات من التصويت على الأمين العام لحزب الاستقلال سنة 2012، ورجحوا الكفة لصالح شباط الذي وعدهم بالدفاع عن مصالحهم وحماية “ماضيهم الحكومي”، من مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وكان شباط  في كل مرة يرفع “الفيتو” في وجه بنكيران عندما كان معا في الحكومة كلما أثير اسم أحد هؤلاء الثلاثة. والحسين الوردي، وزير الصحة، عنده الخبر اليقين. واليوم، وبعد أن فرقت المصالح بين الطرفين، يأتي الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال عادل بنحمزة ليقول لنا إن توفيق احجيرة راكم ثروة تبلغ 600 مليار، وإن بادو اشترت كذا.. وإن غلاب فعل كذا..! على من يضحك هؤلاء؟ كلهم أساؤوا لحزب الاستقلال، بعضهم وضع نفسه موضع شبهات في الذمة المالية، وبعضهم دافع عن إخوانه في الحزب قبل أن يعودوا لتعريتهم بعد أن فرقت بينهم السبل، وكأنهم يزكوا مقولة: “ماشافوهمش كيسرقو، شافوهم كيفرقو”. لذلك لا أحد من ذلك الرباعي يصلح لبناء مستقبل الاستقلال.
أما والي الرباط السيد لفتيت، الذي كتبت الصحافة المغربية عن صفقاته ذات الخمسين مليارا الممنوحة لرجال أعمال منتسبين إلى البام، فلم يكلف نفسه عناء لا الرد على الإعلام ولا على المنتخبين، الذين نددوا بذلك في مجلس المدينة، وكأن حال لسانه يقول: “لست منتخبا ولا حساب لي أقدمه لأحد ولتشربوا البحر”. فرغم أن الأمر يهم المال العمومي، فلا المجلس الأعلى للحسابات تحرك، ولا النيابة العامة أمرت بالتحقيق مع المستشار الذي فجر “الفضيحة”، ولا للوالي الذي وجد نفسه في قلب العاصفة تحرك! وريثما يتم ذلك، ستستمر الأصابع تشير وتتهم.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي