رغم أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المعين، حاول تجنب تقديم تأطير سياسي للمرحلة التي يمر منها المغرب، تلافيا لأي خلافات داخل أغلبيته الحكومية بسبب ذلك، إلا أن البرنامج الحكومي تضمن قضايا أخرى قد تثير خلافات بين مكونات الحكومة، على رأسها قضايا الجهوية والهوية والمرأة.
مصدر مطلع كشف لـ »اليوم 24″ أن اقتراح العثماني في برنامجه « تشكيل لجنة وطنية للتشاور والتنسيق والتتبع » من أجل تنزيل الجهوية المتقدمة، جاءت بخلفية أن يكون لرئيس الحكومة المعين دور في تنزيل الجهوية، ولذلك اقترح تشكيل لجنة يترأسها بعضوية رؤساء الجهات، لكن المشكل أن وزارة الداخلية لن تقبل بذلك، لأنها تعتبر أن تنزيل الجهوية المتقدمة من صلاحياتها.
ويعرف تنزيل الجهوية تعثرا من سنة ونصف سنة مرت على تشكيل مجالس الجهات عقب الانتخابات، لكن وزارة الداخلية تأخرت في إعداد النصوص القانونية والتطبيقية اللازمة لذلك، وعددها يفوق 70 نصا بين قانون ومرسوم وقرار، ما يمنح الفرص الكافية للولاة لبسط نفوذهم على أداء رؤساء الجهات.
القضية الثانية التي قد تثير خلافات داخل الحكومة تتعلق بموضوع « التماس الإحسان العمومي »، والتي شكلت نقطة محورية في الخطاب السياسي للاتحاد الاشتراكي منذ الانتخابات الأخيرة حتى الآن، ويستهدف الاتحاد الاشتراكي من وراء ذلك حركة التوحيد والإصلاح التي يتهمها بتمويل الحملات الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، وهو ما يرفضه هذا الأخير، ومن شأن إثارة هذا الموضوع بهذا البُعد تحديدا، نقل نقطة خلاف سياسية إلى داخل الجسد الحكومي المعتل.
أما أكبر قضية قد تشكل خلافات داخل الحكومة، فتتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، فالقانون التنظيمي الذي أعدته حكومة بنكيران وأحيل على البرلمان للمناقشة تم استقباله بالرفض من قبل أغلب المنظمات والهيئات الأمازيغية، في حين ترى المنظمات والهيئات القريبة من حزب العدالة والتنمية أن ما جاء فيه كاف في المرحلة السياسية الحالية. ويبدو تصور العثماني أقرب إلى تصور الحركة الأمازيغية منه إلى المواقف التي تدافع عنها الهيئات المدنية المدافعة عن اللغة العربية، ويكمن الخلاف في التعامل مع الأمازيغية على قاعدة المساواة مع العربية، أم بتفضيل هذه الأخيرة على الأولى كما يشير إلى ذلك الفصل 5 في الدستور.
ويعتبر إصلاح صندوق المقاضة قضية أخرى من بين الملفات التي حولها خلافات في طريقة تدبيرها، فالبرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية وكذا لحزب التقدم والاشتراكية وعد المواطنين بإعانات شهرية مقابل رفع الدعم العمومي عن قنينات الغاز والدقيق، في حدود 1000 درهم، شهريا، لكن الأحزاب الأخرى في التحالف لا يبدو أنها توافق على إصلاح من هذا النوع، وترفض تحويل الدعم العمومي لصندوق المقاصة إلى الفئات الفقيرة والهشة، لحسابات انتخابية.
حسن طارق، أستاذ العلوم السياسية، قال لـ »اليوم 24 » إن حكومة العثماني « حكومة لا سياسية، ولا يمكننا أن ننتظر منها رؤية سياسية لمجمل القضايا، لذلك ستلجأ دائما إلى الحلول التقنية البسيطة لتجاوز خلافاتها »، وأكد أن المشكل يكمن في أنها « خطيئة أصلية ».