الزلزال الفرنسي

24 أبريل 2017 - 16:54

أيا كان رئيس فرنسا المقبل، والذي لن يكون في الغالب إلا الرجل الذي سيرافق ماري لوبين إلى الدور الثاني، وهو الدور الذي تكون الآن نتائجه قد أصبحت معروفة، فإن تغيرات كبرى قد طالت الحقلين السياسي والحزبي الفرنسي بشكل لم يحدث قط، منذ بداية الجمهورية الخامسة.

 
في الواقع لم يسبق لفرنسا أن شهدت تنافسا انتخابيا مثل ما عرفته هذه السنة، خاصة على المستويات التالية:

 
– هيمنة الملفات القضائية على مجريات الحملة الانتخابية الرئاسية، خصوصا مع مرشح: (حزب الجمهوريين) “فرانسوا فيون”، ومرشحة الجبهة الوطنية “ماري لوبين”.

 
-الطابع التشويقي للأحداث وليوميات الحملة ووقائعها، ومتتالية المفاجآت التي لم تتوقف منذ شهور، وتسارعت في الأسابيع الأخيرة.

 
– سيادة اللايقين والصعوبة الشديدة التي رافقت المتابعين في التكهن بالاسمين اللذين قد يصلا إلى الدور الثاني، بالرغم من حصر نتائج استطلاعات الرأي في أربعة مرشحين من داخل مجموعة الأحد عشر مرشحا رسميا.

 
-ضعف النقاش البرنامجي ومواجهة المشاريع والأفكار، مقابل تنامي الخطابات الهوياتية، وانتشار أطروحة الترشيح المضاد لـ”لسيستيم” وللمؤسسة المركزية.

 
– الآثار السلبية لظاهرة الانتخابات التمهيدية، إذ سواء يمينا أو يسارا، تحول هذا الاستحقاق إلى آلة حقيقية لترسيم وتضخيم الخلافات الداخلية، وربما إلى تجميد وظيفة الحزب في العملية الانتخابية.

 
المؤكد، اليوم بغض النظر عن هوية القاطن الجديد لقصر الإيليزي، أن تحولات هائلة قد طالت السياسة الفرنسية، مما يمكن إجماله سريعا في أربعة عناوين كبرى:

 
– التراجع الكبير لأنصار أوروبا السياسية داخل النخب والطبقة السياسية الفرنسية، خاصة مع “أثر” البريكسيت، وهيمنة فكرة العودة إلى الحدود “الوطنية “.

 
– نهاية التقاطب المؤسس للحياة السياسية طوال الجمهورية الخامسة، بين اليمين واليسار، وبروز قضايا جديدة مهيكلة للمواقف، كما هو الأمر بالنسبة إلى الاختلاف بين مناهضي أوروبا وبين المدافعين عن الفضاء الأوروبي، أو بين المدافعين عن الانفتاح التجاري والمالي وبين أنصار الحمائية والسيادة الاقتصادية.

 
– انزياح للنقاش من حقل السياسات الاجتماعية إلى حقل القيم والاختيارات الهوياتية (أوروبا، الهجرة والإسلام)، واختراق التقاطبات الجديدة المنطلقة من هذا الحقل للتموقعات الإيديولوجية التقليدية.

 
– اتساع دائرة عدم الرضا عن النموذج المؤسساتي للجمهورية الخامسة، وتزايد الاقتراحات المطالبة بتجاوز الصيغة الدستورية للعام 1958، كما عدلت في 1962.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عبد الوهاب منذ 6 سنوات

كيف يعقل لرجل احدث حزبه انطلاقا من جمعية في 2016 ان يتصدر الانتخابات2017 و من اين تاتي الاموال التي يصرفها على الانتخابات و من ورائه مع العلم انه رجل في نهاية الثلاثينات ليس له خبرة طويلة و لا باع في السياسة و هو كان وزير المالية في حكومة هولند و بدا مشواره في القطاع المالي "رويشلد" و لمادا ظهرت الفضائح للمنافسين خلال الحملات و ليس قبل .لمادا لم نسمع عن نسبة المشاركة للفرنسين حتى يتبين هل صوت اكثر من 50في المئة من المسجلين في الانتخابات و تكون هناك مصداقية .يعني الديموقراطية كلام فارغ و صناعة الانتخابات ماهي الالعبة في يد اصحاب القرار الحقيقيين و هم التماسيح و العفاريت.

أوعسري علي منذ 6 سنوات

الزلزال الفرنسي كما الزلزال الامريكي مرده الى فشل الارهاب المدعوم من امريكا كلينتون ومن طرف فرنسا ساركوزي وبعده هولاند، مرده فشل هذا الارهاب باسم الربيع العربي و"تحقيق الديمقراطية" في الانتصار في سوريا رغم التدمير الذي تعرضت له دولة وشعبا.... انهزام المشروع الامريكي ومريديه الغربيين (فرنسا أساسا) وأدواته الاقليميين (تركيا وقطر والسعودية) هو من كشف للرأي العام الاروبي عامة والفرنسي خاصة نفاق هولاند واوباما في محاربة الارهاب الذي هو في الحقيقة استثمار هؤلاء في تحقيق أهدافهم الاستراتيجية .... لو انتصر هذا المركب الغربي النيوامبريالي الارهابي التكفيري في الاطاحة بنظام الاسد لما كان هناك هامش للرأي العام كي يستفيق من التضليل الاعلامي الرديف لهذا المركب. الواقع أصدق انباء من الايديولوجيا .... الواقع لا يستشير رغبات "المحللين" ومناورات الاعلام .... حينما كان "المجاهدين الفرنسيين" يصلون الى اسطنبول ومنها الى الساحة السورية الم يكن ذلك بعلم من المخابرات الفرنسية وقس على ذلك مع الدول التي جندت الارهاب ومولته في الساحة السورية.... حينما فشل هذا الارهاب في تحقيق ما ارسل اليه ارتد على مشغليه ...هنا انكشف اوباما وبعده هولاند.... فخرج ما تسميه الالة الاعلامية ل"السيستيم" اليمين المتطرف.... على الاقل هذا اليمين المتطرف له وجهة نظر واضحة وواقعية في محاربة الارهاب ليس كهولاند "اليساري" الذي حاول دون جدوى ان ينال كعكعته من الاستثمار في الارهاب... لقد فهم اللعبة منذ ان خسر رهاناته في سوريا (ما دا تا باش انقي سنانو) ولهذا لم يتقدم منذ البداية الى الانتخابات... التحليل السياسي ينبغي ان يكشف بكل موضوعية اسباب هذه التحولات وليس فقط التعاطي الانطباعي مع نتائج هكذا تحولات

التالي