ماء العينين: إعفاء بنكيران كان وراءه هدف أكبر

05 يونيو 2017 - 23:00

«حكومة العثماني لا تمثل الإرادة الشعبية»، أليس حكما قاسيا على ابن حزبك؟

هذا ليس حكما قاسيا، بل هو حكم توصيف للواقع وحكم مؤلم، لأن روح 7 أكتوبر تستحق أفضل من الحكومة الحالية، والطريقة والحيثيات التي واكبت إخراج الحكومة الحالية كان فيها تعمد إهانة الإرادة الشعبية، وطبعا هذا لا يمس احترامي للدكتور سعد الدين العثماني كشخص، ولكني مع ذلك أقول إن الحكومة التي يترأسها هي بعيدة عما أفرزته صناديق الاقتراع ولا تمثل الإرادة الشعبية، للأسف.

 أليس من المجحف انتقاد العثماني لقبوله الشروط التي رفضها سلفه بنكيران، وكأن القرار لم يكن قرارا حزبيا؟

عرف تدبير الفترة بين إعفاء عبد الإله بنكيران وتعيين سعد الدين العثماني ارتباكا في الحزب، ونحن لحدود الساعة، كمناضلين بحزب العدالة والتنمية، لا نعرف كيف اتخذ الحزب قرار تشكيل حكومة سعد الدين العثماني بشكلها الحالي، لأنه، بكل صراحة، حزب العدالة والتنمية، كمؤسسة، كان مواكبا بطريقة حثيثة محاولة تشكيل الحكومة الأولى لبنكيران، من خلال بلاغات واضحة ومنتظمة للأمانة العامة للحزب، إضافة إلى الخرجات الإعلامية المتكررة لبنكيران التي كانت توضح كل شيء. بعد الإعفاء، الشيء الوحيد الذي كان واضحا هو بلاغ الأمانة العامة الذي صدر قبل تعيين سعد الدين العثماني بيوم، والذي تم فيه إعلان التفاعل الإيجابي مع الإعفاء، لكن مع القول إنه إذا استمرت الاشتراطات نفسها، فذلك سيؤدي إلى النتيجة نفسها، وفوض المجلس الوطني إلى الأمانة العامة مواكبة المشاورات وفق المنهجية التي أعلنها الحزب بوضوح.

ما الذي حدث ما بين المجلس الوطني إلى حدود إعلان حكومة العثماني؟ هذه مساحة كلها غموض والتباس، وتتعدد الآراء بشأنها، وسيأتي يوم يعرف فيه مناضلو العدالة والتنمية ما حدث.

 تقولين إن مناضلي العدالة والتنمية أنفسهم لا يعرفون ماذا حدث، في نظرك، هذا الذي وقع ولم يتم بموافقة أو لنقل، على الأقل، بعلم بنكيران؟

هذا سؤال جيد، وسأجيبك بسؤال استنكاري، هل يعقل أن يظل عبد الإله بنكيران أكثر من خمسة أشهر متشبثا بموقفه، متشبثا بترؤسه الحكومة بروح 2011 كرئيس حكومة منتخب، ومتشبثا باحترامه الإرادة الشعبية، ما أدى إلى فقدانه منصبه، وهذه سابقة في تاريخ السياسة المغربية، وهو ثاني منصب بروتوكولي في المغرب. كان يمكن أن يبرم كل الصفقات وكل التوافقات من أجل البقاء في الحكومة، لكنه ظل رافضا. كيف يعقل أن نأتي، مباشرة بعد إعفاء بنكيران، ونقول إن بنكيران، الذي كان يضع بعض الشروط وعلى رأسها عدم دخول الاتحاد الاشتراكي، وافق على ذلك وليس لديه أدنى مشكل. هذا الكلام لا يمكن أن يقبل به عاقل، هذا أولا. ثانيا، سيكون من التجني على شخص عبد الإله بنكيران أن نحمله ما لا يحتمل، لأنه معني كشخص بهذا الموضوع.

 سيدة أمينة، توحين من خلال دفاعك عن عبد الإله بنكيران وكأنه آخر الزعماء، هل رحم البيجيدي عاجزة عن إنجاب زعماء آخرين من طينته؟

أنا منذ التحاقي بالحركة الإسلامية، قبل العدالة والتنمية، كنت أنتصر لمنطق المؤسسات، وكنت دائما أرفض أي نوع من تكريس استبداد الأشخاص، ولكن، بكل صدق، عبد الإله بنكيران أثبت أنه زعيم سياسي حقيقي، والزعماء السياسيون لا يولدون بين عشية وضحاها. في التاريخ الإنساني ليس من السهل أن تحصل على زعيم، وتاريخ المغرب كله عرف زعماء قلائل. والذي يعطي الزعامة لشخص هو الشعب المغربي الذي أعطى الكثير من المؤشرات والأدلة على أنه يعتبر بنكيران زعيما حقيقيا. هل سينجب العدالة والتنمية مثله؟ لست أدري.

أفهم من كلامك أن الحزب حاليا لا يتوفر على زعيم من طينته؟

طبعا الآن لا يوجد داخل العدالة والتنمية من يحمل لفظ زعيم باستثناء عبد الإله بنكيران. هل سيحدث ذلك في المستقبل؟ لست أدري، لكن الشيء الذي أنا متأكدة منه أن الزعماء لا يصنعهم التاريخ بسرعة.

في كلامك أشعر بخيبة أمل، هل أفقدتك إيمانك بالعمل في المؤسسات؟

نعم شعرنا كمناضلين ديمقراطيين بخيبة أمل كبيرة، وشعرنا بإخفاق في معركة كبيرة من معارك الديمقراطية. تجرعنا مرارة حقيقية لحظة إعفاء عبد الإله بنكيران، هل سيجعلنا ذلك نفقد أملنا في العمل من داخل المؤسسات؟ شخصيا، أبدا، لأنني أعلم أن إعفاء بنكيران وما تلاه كانت وراءه أهداف أخرى أكبر، وهي أن يتوقف من يحلمون بنظام ديمقراطي حقيقي في المغرب عن هذا الحلم، وأن يعرفوا أن المغرب محكوم عليه بقواعد تسير المشهد السياسي بطريقة ليست ديمقراطية بالتأكيد، ولذلك، فما حدث هو إخفاق في جولة من جولات التاريخ، وليس من حقنا أن نجعل خيبة الأمل تستبد بنا أو تشل تفكيرنا.

 

 بقدر ما عادت شعبية بنكيران على الحزب بالنفع، ألا ترين أنها قد تكون سبب إضعاف العدالة والتنمية بعد إبعاد بنكيران عن الحكومة، حيث يبدو أن شعبية هذا الأخير فاقت شعبية الحزب؟

الدور الكبير الذي قام به عبد الإله بنكيران وشخصيته في جلب إشعاع للحزب، لا ينكره سوى جاحد أو جاهل، بدليل أن الأطراف التي عمدت إلى خلق البلوكاج كانت تهدف، بالضبط، إلى الفصل بين شخص بنكيران والحزب، وكأنها تستهدف نزع أحد مكامن القوة الكبيرة للحزب، وأن تكون شعبية زعيم أكبر من شعبية الهيئة، هذا ليس عيبا، فالزعماء السياسيون، حتى الذين توفوا منهم، مازالوا يذكرون بأسمائهم وليس باسم هيئاتهم، وهذا طبيعي، أما هل سيتضرر حزب العدالة والتنمية من إبعاد بنكيران؟ هذا سؤال سابق لأوانه، لأني أقول إن بنكيران لايزال اليوم الأمين العام للحزب.

تبدين امرأة جريئة والصوت النسائي الأكثر تمردا في الحزب، ألا تصادفك معيقات خاصة بأداء المرأة السياسية في بيئة هي ذكورية مجتمعيا، وربما حتى حزبيا؟

جريئة ممكن، لكني لست متمردة، لكن أؤكد لك أن العمل السياسي في بنية سياسية كالمغرب، حينما تختارين لنفسك خطا مختلفا شيئا ما عن المعتاد، ستصادفين بالتأكيد مشاكل. وطبعا هناك استهداف من نوع من الإعلام الذي يحاول اللعب على وتر كوني امرأة، ولا تنسي أن البيئة السياسية المغربية اعتادت أن النساء عادة ما يكن في جبة الرجال، ونادرا ما تجدين نساء متشبثات باستقلاليتهن. والاستقلالية في التفكير لها ثمن، سواء بالنسبة إلى الرجال أو النساء، لكن بالنسبة إلى النساء ثمنها أكبر، لأننا في بنية لها طابع ذكوري في العموم، اعتادت أن النساء يبحثن عادة عن الأمان ويبتعدن عن «صداع الراس».

هل تطمحين إلى أن تكوني أمينة عامة للحزب؟

(تضحك) بكل صدق لم أربط يوما نضالي بموقع أو منصب، لأن ذلك يفرض على من يبتغي ذلك أن يبقى دائما حذرا و«يحسب بزاف» وينتبه لكلامه ولا يكون حرا، وتكون له القدرة أن يقول الرأي ونقيضه، ويتلون حسب ما تقتضيه المصلحة، ويفقد حتى مصداقيته، لأنه يفقد الانسجام مع نفسه. أنا أقول ما أعتقد أني يجب أن أقوله، وأحيانا أصيب وأحيانا أخطئ، ولكني أعرف أن التعبير عن مواقف مستقلة مختلفة ثمنه ألا تكون لك طموحات مرتبطة بموقع معين.

ألا يمانع البيجيدي أن تكون على رأسه امرأة؟

من حيث القوانين، ذلك غير موجود، لكن إذا كانت ستكون أمينة عامة امرأة وليست لها الكفاءة، وليست مستقلة، فأنا أفضل الرجل. أنا ضد تأنيث المناصب لمجرد التأنيث، وهذا لا يلغي أن الممارسة السياسية في المغرب والممارسة الحزبية مازال لها طابع ذكوري، وأنا أتحدث عن كل الأحزاب لأنها إفراز طبيعي لمجتمعها، وأنا أجزم بأن غالبية النساء قد يكن في مواقع القيادة لكن لا يعني ذلك أنهن في مواقع القرار. النساء اليوم في المغرب لم يستطعن بعد النفاذ إلى دائرة القرار الحزبي، وهذه الثقافة مازالت تحجم أدوار النساء، وهذا لا يمكن أن يتغير إلا بوجود كفاءات نسائية حقيقية وحاملة لرهانات سياسية حقيقية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الطاوسي منذ 6 سنوات

لازالت تتكلمين عن ٧ أكتوبر ألا تدري ان أغلبية المواطنين قاطعت تلك المهزلة وأن أغلبية المواطنين تشارك وتؤيد الحراك الذي بدأتم الحسيمة لينتد الى كل الريف لينتشر الى كل جهات الوطن وحتى خارج الوطن.....والراي الدولي بدا في جانبه الرسمي يتحرك في اتجاه الحراك من بريطانيا،فرنسا اسبانيا إيطاليا وأستراليا ورد السفارة الامريكية على ڤيديو المريني فيه إشارة ظمنية لرفض التدخل الأمني....٧ أكتوبر أدانها طحن المواطن محسن فكري......عظيمة وأسماء على مسمى أسماء هؤلاء الشباب محسن من الحسن وناصر من الإنتصار على الحگرة التي تشرف عليها الحكومات والدكاكين السياسية....

القعقاع منذ 6 سنوات

قد نخسر المعركة لكن الحرب من نصيبنا ان شاء الله تعالى!! يوم لنا و يوم علينا!! و كما قال حفظه الله: بيننا و بينكم الجنائز!! فهل من معتبر؟؟

التالي